الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

بير زيت وبئر غزة

نشر بتاريخ: 21/04/2019 ( آخر تحديث: 21/04/2019 الساعة: 14:26 )

الكاتب: د.سفيان ابو زايدة

اعرف جامعة بير زيت و اجواءها وثقافتها وتجانسها وخصوصيتها وتمسكها بقيمها الديمقراطية المبنية على التعددية القادرة على الصمود امام كل العواصف من حولها، اعرفها عن قرب حيث كان لي الشرف ان اعمل فيها لسنوات كأستاذ غير متفرغ في دائرة العلوم السياسية.
كذلك اعرف غزة التي ولدت فيها كما اعرف كف يدي، ايجابياتها وسلبياتها، شهامة اهلها وفقرها واشعر بحجم المعاناة التي يعانونه خلال السنوات الماضية.
ليس هناك وجه شبه بين اجواء جامعة بير زيت التي اجُريت فيها الانتخابات قبل ايام حيث تجرى هذه الانتخابات بشكل دوري ومنتظم كل عام دون البحث عن مبررات لتأجيلها ودون تدخل اي جهة خارجية لمنع اجرائها.
كذلك الامر بالنسبة لباقي جامعات الضفة التي تجرى فيها الانتخابات بشكل منتظم مع وجود بعض الاستثناءات.
لم تكن نتيجة الانتخابات بحد ذاتها مهمه بالنسبة لهذه المؤسسة العريقة الموجودة قبل قدوم السلطة، ربما كانت النتيجة مهمة بالنسبة لفتح وحماس بشكل خاص.
فتح اعتبرت مساواتها مع حماس في المقاعد بفارق حوالي ستين صوت بعد الاخفاقات في الثلاث سنوات اخيرة انتصارا كبيرا، مما جعل ابناءها وكوادرها يحتفلون بشكل مبالغ فيه. وحماس اعتبرت نفسها انتصرت لانها تعتبر نفسها تخوض معركة في ظروف صعبة بالنسبة لها ومع ذلك تساوت في المقاعد مع حركة فتح .
ما حدث في غزة من قمع بقسوة لحراك ”بدنا نعيش“ كان حاضرا في المناظرة الطلابية التي حدثت بين الكتل الطلابية عشية هذه الانتخابات. مع ذلك حماس ايضا احتفلت بهذا النصر.
لكن الحقيقة الذي انتصر هو جامعة بير زيت بمفاهيمها الوطنية و الديموقراطية المبنية على التعددية و احترام الاخر ومنح الفرص المتساوية للجميع، هذا المفهوم هو الذي انتصر وهو للاسف الشديد غير موجود في غالبية المؤسسات الفلسطينية ويفتقده النظام السياسي الفلسطيني بشكل عام.
اما في غزة، حيث احتفلت حماس وفتح بفوزهم في هذه الانتخابات فهم في الحقيقة حالهم كحال ”القرعة التي تفاخرت في شعر بنت خالتها“ كما يقول المثل الشعبي.
فقط لكي يكون القارئ الكريم على اطلاع بعيدا عن التعصب الاعمى ساقدم لكم بعضا من الحقائق التي قد تفيد في فهم الوضع هناك.
اولا: اخر انتخابات اجُريت في جامعة الازهر التي يبلغ عدد طلابها حوالي ثلاثة عشر الف طالبة وطالب هو في العام ٢٠٠٥ اي قبل اربعة عشر عاما. وكذلك الحال بالنسبة لجامعة الاقصى الحكومية التي تعتبر اكبر جامعة في غزة.
ثانيا: جامعة القدس المفتوحة التي لها فروع في كل انحاء غزة ايضا لم تجرى فيها انتخابات منذ العام ٢٠٠٥.
ثالثا: الجامعة الاسلامية والتي تعتبر اهم مؤسسة لحماس في الوطن تجري فيها انتخابات تشارك فيها حماس وحدها ولم تشارك فيها اي كتلة اخرى ايضا، والسبب الرئيسي هو رفض حماس اعتماد طريقة التمثيل النسبي في الانتخابات كما هو في جامعة بير زيت وباقي الجامعات في الشق الثاني من الوطن الذي تغنينا بنتائج هذه الانتخابات.
رابعا: كانت هناك مبادرة في العام ٢٠١١ من قبل نواب في المجلس التشريعي، على رأسهم النائب جميل المجدلاوي والنائب جمال الخضري على ان تجري الانتخابات في كل الجامعات وفقا للتمثيل النسبي، لكن هذا الجهد المبارك لم ينجح حيث استبقت حماس الامر واجرت انتخابات في الجامعة الاسلامية بالطريقة التي تريد وليس وفقثا للتمثيل النسبي.
الجامعات والكليات الاخرى سواء كانت حكومية او خاصة كل واحد منهم يبحث عن مبررات لعدم اجراء انتخابات لمجالس الطلبة، بل هناك بعض الجامعات من كثر ديمقراطيتها ترفض ان يكون هناك مجلس للطلبة وليس فقط اجراء انتخابات.
على اية حال، اذا كانت حماس تتحمل المسؤولية في الرفض حتى الان للانتخابات على اساس التمثيل النسبي رغم انها تستفيد في جامعات الضفة من هذه الطريقة، والحديث هنا بشكل خاص عن الجامعة الاسلامية،
السؤال ما هو المانع في اجراء الانتخابات لمجلس الطلبة في جامعة الازهر على سبيل المثال؟
من الذي يمنع ذلك؟ هل يحتاجون الى قرار من رام الله على سبيل المثال؟ هل حماس تمنع ذلك؟ ولماذا سمحت بانتخابات للجنة العاملين في الجامعة دون اي اعاقة، لماذا تتنازل ادارة الجامعة عن حقها في اتخاذ القرار وتحرم الطلاب من المشاركة في انتخاب ممثليهم وفقا للتمثيل النسبي، ولماذا يصمت الطلاب عن هذا الحق ويقبلون بمصادرة حقهم.
هذا الامر ينطبق ايضا على جامعة الاقصى التي كانت في السابق تتحكم بها حماس و التي لم تسمح في حينه بأجراء انتخابات و لكن اليوم السلطة هي صاحبت القرار وصاحبت الولاية. هل اذا اتخذت الجامعة قرار باجراء الانتخابات لمجلس الطلبة ستمنع حماس ذلك؟
هذا الامر ينطبق على جامعة القدس المفتوحة التي ايضا يتم اتخاذ القرارات فيها من رام الله وحماس لا تمانع من اجراء الانتخابات في هذه الجامعة بل حسب علمي تطالب باجرائها.
هل احد الاسباب هو الخوف من نتيجة هذه الانتخابات نتيجة الانقسام الفتحاوي وبالتالي استثمار حماس لهذا الانقسام والظفر في هذه الانتخابات؟
لفد كانت هناك سابقة وهي الانتخابات البلدية عندما توحدت فتح بكل مشاربها وتركت خلافاتها جانبا ودخلت الانتخابات في قائمة واحدة. وهذا الامر ايضا حدث في انتخابات المحامين عندما دخلت فتح موحدة وفازت في هذه الانتخابات.
عندما يكون الاعتبار هو حماية فتح وانجاحها بعيدا عن الاحقاد والحسابات الصغيرة لن يكون هناك فتحاوي واحد يعمل ضد هذا الخيار.
خلاصة القول غزة بحاجة الى نقل فكر بير زيت وثقافة بير زيت وديمقراطية بير زيت الى مؤسساتها وليس فقط التغني والاحتفال بها من بعيد.