الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

صفقة القرن: تطهيرعرقي، واحتلال مدفوع الإجر

نشر بتاريخ: 13/05/2019 ( آخر تحديث: 13/05/2019 الساعة: 19:27 )

بقلم: د. مصطفى البرغوثي
ليس معروفا مدى دقة، أو صحة، ما نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" من تفاصيل لما يسمى " بصفقة القرن".
ولكن لا يوجد شك، بأن تسريب بعض تفاصيل ما تحتويه يمثل بالونات إختبار لردود الأفعال الفلسطينية والعربية، والدولية.
وقد برز في ما نشرته الصحيفة الإسرائيلية تفصيلان خطيران، ووقاحة لم يقدم عليها محتل من قبل.
الأول يتعلق بسكان القدس الفلسطينيين حيث توحي التسريبات بأن الخطة تتضمن سحب هوياتهم المقدسية، وبالتالي إلغاء حق وجودهم في مدينتهم المقدسة.
والثاني التأكيد بأن وضع القدس سيبقى على ما هو عليه، أي أنها ستبقى تحت السيطرة والسيادة الإسرائيلية المطلقة.
وإذا جمعنا التفصيلين فإنهما يعنيان أن الخطة الأميركية تفتح الطريق لتنفيذ تطهيرعرقي ضد سكان القدس الفلسطينيين.
أما الوقاحة التي لم يتجرأ عليها تاريخيا أي محتل من قبل، فهي التأكيد على أن الكيان الفلسطيني في قطاع غزة، وما سيتبقى من الضفة بعد سلب معظمها لصالح المستعمرين، سيكون منزوع السلاح بالكامل ومجرد من أي إمكانية للدفاع عن النفس، ولكن سيكون عليه دفع أتاوة، وتكاليف حماية، للحكومة الإسرائيلية وجيشها.
وما يعنيه ذلك، أن الفلسطينيين سيبقون خاضعين للاحتلال، ولنظام الأبرتهايد الإسرائيلي وسيكون عليهم أن يدفعوا لإسرائيل ثمن إحتلالهم، وثمن ما يتكلفه جهاز الأمن الإسرائيلي لإستعبادهم.
بإستثناء مرحلة الإنتفاضة الأولى، فإن إسرائيل كانت تجبي من الفلسطينيين تحت الإحتلال تكاليف إحتلالهم وتحقق أرباحا، من خلال جمع الضرائب، والرسوم، والغرامات ومصادرة المياه، والأراضي، والثروات الطبيعية.
وكلما كان الإحتلال مربحا كلما انعطف الجمهور الإسرائيلي نحو العنصرية والتطرف الشوفيني، كما ظهر ذلك بوضوح في كل إنتخابات إسرائيلية.
اليوم يدفع كل عامل في إسرائيل 2500 شيكل شهريا أتاوة للمشغلين، وتقتطع إسرائيل ليس فقط نسبة 3% من أموال الضرائب التي تجمعها والتي يدفعها المواطن الفلسطيني، بل تقتطع دون حساب ما يحلو لها من عوائد هذه الضرائب.
ويدفع الأسرى والأسيرات ثمن وتكاليف سجنهم، من خلال الغرامات الباهظة، وتكاليف طعامهم وسجنهم في السجون، وهذا هو المكان الوحيد في العالم الذي يسجن فيه الأسرى على حسابهم، وحساب أهلهم .
يتذمر كثيرون من إنتشار مشاعر الإحباط واليأس في صفوف بعض الفلسطينيين، وما يؤدي إليه ذلك من سلبية ونفور من المشاركة في النضال ضد الإحتلال، وكثير من أسباب ذلك يعود للشعور بعجز القيادات الفلسطينية عن توحيد نفسها، وعن تقديم رؤية إستراتجية جامعة للشعب الفلسطيني، تتناسب مع حجم التحديات التي يواجهها.
لكن" صفقة القرن"، ومشاريع الضم والتهويد، والقمع والحصار والإذلال، الذي تمارسه إسرائيل ليس أمرا مجردا بل هو واقع يمس، أو سيمس حياة كل فلسطيني وفلسطينية.
ولا سبيل لصده إلا بالمشاركة في النضال ضده.
لن يزول الإحتلال، ولن يسقط نظام الأبارتهايد ما دام مربحا، وما لم تصبح تكاليفه أكبر من مكاسبه.