الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحكومه وأهمية تغيير منظومة التعليم

نشر بتاريخ: 13/06/2019 ( آخر تحديث: 13/06/2019 الساعة: 10:55 )

الكاتب: عقل أبو قرع

في ظل ابتكار وزاره للابداع والرياده في الحكومه الحاليه، وفي ظل تكرار التصريحات الحكوميه المختلفه التي تركز على أهمية الارتقاء وأحداث التغيير الجذري في التعليم، سواء التعليم الاساسي أو العالي، تسنح الفرصه الان لوضع التصورات قصيرة وبعيدة المدى من أجل احداث التغيير الممنهج في أنظمة التعليم عندنا، وبالتوازي من المراحل الاولى وحتى ما يتم عرضه من تخصصات ومناهج في الكليات والمعاهد والجامعات وهي كثيره عندنا، بحيث يهدف هذا التغيير، بأن يتماشى مع متطلبات وحاجات مجتمعنا المتغيره والمتجدده، وبأن يواكب التطور النوعي المتواصل في أنظمة التعليم العالميه، التي أضحت طبيعة مخرجاتاها هي الاساس للتنافس والتقدم والابتكار وبالتالي تحقيق التنميه بمختلف مساراتها والنمو الاقتصادي المستدام.
وتأتي الحاجه الماسه للبدء بالاجراءات العمليه الممنهجه والمضبوطه للتغيير في ظل ازدياد الاهتمام العالمي في نوعية التعليم ، كرافد للابتكار والابداع والتطور الاقتصادي والمجتمعي، والتي باتت الكثير من الدول تستثمر فيه بشكل دقيق ومدروس وحسب الاحتياجات والامكانيات، من اجل المنافسه والنمو والتنميه والتطور، وهذا ينطبق علينا، بالاخص في ظل غياب او ضألة الثروات الطبيعية الاخرى التي نملكها في بلادنا، حيث أصبح التعليم ملاذ جامع للاستثمار في الاجيال القادمه، وبالتحديد في التعليم العالي وبأنواعه، ولهذا يستثمر الناس في التعليم، اي في تعليم ابناؤهم، سواء من حيث صرف الاموال او من حيث الوقت او الجهد والمتابعة، من اجل مستقبل افضل لهم وللمجتمع .
ومن المفترض التذكر أن التعليم العالي في اي بلد متقدم أو مجتمع يطمح الى التقدم، يسير من خلال مجالين مهمين لا يمكن انفصالهما عن بعضهما البعض، وهما تهيئة الطالب وتدريبه وأعداده لكي ينخرط بفعاليه في المجتع بعد التخرج من خلال عمل أو من خلال وظيفه ما لها علاقه بمجال تخصصه، وكذلك ترسيخ مفهوم القيام بالابحاث العلميه التي يحتاجها المجتمع والاقتصاد والطب والزراعه والبيئه وما الى ذلك والتي تساهم في تلبية الاحتياجات للبلد وكذلك في ممارسة دور اساسي لمؤسسات التعليم العالي، والتي تعمل على النمو والتقدم المتواصلان للباحث، كما يتم في البلدان التي تتمتع بتعليم عال متقدم وطموح.
وعلى صعيد التعليم العالي، ورغم اننا نملك العديد من مؤسساته مثل المعاهد والكليات والجامعات ، ولكن من الواجب والمنطق الاعتراف، اننا لم نواكب التقدم النوعي في التعليم العالي الذي حصل ويحصل في العالم، من حيث التركيز اكثر على الاولويات والاحتياجات، التي تتغير بسرعة، ومن حيث ادراك اهمية الابحاث، وتطبيقات الابحاث في المجتمع، ولكن ورغم مواصلة الاقبال على التعليم وبالاخص التعليم العالي عندنا، الا اننا لم نستطيع تحديد ماذا نريد من هذا التعليم، الا وهو هل ما الذي سوف نكتسبة خلال سنوات التعليم، والذي سوف يؤهلنا، سواء من خلال المهارات التي نكتسبها، او من خلال المعرفة والخبرة، للحصول على عمل يتماشى مع واقع احتياجاتنا ومع متطلبات سوق العمل الفلسطيني الحالية او المستقبليه.
وعلى صعيد البحث العلمي وبكل مستوياته خلال مراحل التعليم المختلفه، ومن خلال النظر الى واقعنا، فأن البحث العلمي في بلادنا، سواء الذي تم التطرق اليه في المدارس، أو الذي يتم في مؤسسات التعليم العالي أو الذي يجري في مراكز ابحاث متخصصه أو حتى من خلال دوائر مرتبطه بالقطاع الخاص، ما زال يشهد حاله من التخبط ومن عدم الوضوح، ويفتقر الى وجود استراتيجيه بعيدة المدى، والذي من المفترض أن يكون الهدف منه هو ايجاد الحلول للاحتياجات، أو لتطوير اوضاع ومنتجات، او لسبر افاق جديدة تسهل على حياة الناس من ناحية النوعية والجودة والكفاءة وحتى من ناحية الكمية، وما الى ذلك، وهذا ما تقوم به مجتمعات او دول تقدمت وتتقدم، وقامت بتحديد بنودا ثابتة للبحث العلمي، سواء في الموازنة الحكومية العامة، او في الاستراتيجيات الوطنية، او في التخطيط قصير وبعيد المدى، من اجل تلبية حاجات المجتمع ونمو الاقتصاد المتزايدة والمتشعبة.
ليس هذا فقط، فقد أصبحت الابحاث العلميه إحدى العوامل الأساسية لتصنيف الجامعات او المؤسسات او الشركات في العالم، لذا فأن الجامعات العريقة في العالم والتي عادة ما تحتل المراتب المتقدمة من تصنيف الجامعات تمتاز باحتوائها على مراكز الأبحاث من حيث النوعية ومن حيث استقطابها الى الكفاءات البشرية، وللقيام بالأبحاث ونجاحها ، يجب توفير البيئة الصالحة لذلك، والاهم هنا ليس توفير الدعم المادي فقط ولكن توفير الأسلوب من النزاهة والشفافية والموضوعيه في تحديد الاحتياجات، اختيار الباحثين وتوزيع المسؤوليات، وكذلك البيئة الصحيحة للتقييم والمتابعة وقياس الانجازات والاهم توفير الهيئات المتخصصة للقيام بذلك وعلى أسس علمية ومهنيه.
وفي ظل الدعوه للجهات الحكوميه للبدء بوضع التصورات لاحداث تغيير استراتيجي في التعليم، وبالتالي، الحاجة الى العمل من اجل ايجاد بدائل جذرية، وحلول بعيدة المدى، لازمة التعليم العالي في بلادنا، يبرز التعليم المهني او التقني، او التعليم غير الجامعي او غير الاكاديمي، كـأحد البدائل المستدامة، ذلك التعليم، الذي تستثمر فية الدول المتقدمة الجزء الاكبر من الميزانية والوقت والاعداد، والذي يقبل علية الكثير في هذه الدول، ورغم الحديث الكثير عنة في بلادنا، الا ان القليل قد تم من اجل تشجيع الاقبال علية، او من اجل خلق الفرص والامكانيات، من اجل تشجيع الطلبة للتوجة نحوة، ومن ثم ربطة وبشكل استراتيجي وبعيد المدى، سواء من حيث الكم اوالنوع مع احتياجات المجتمع والبلد، وبالتالي الحد من البطالة وتداعياتها، والاهم ترسيخ عقلية العمل المهني الذي هو ضروري لمختلف جوانب الحياه.
ومع البدء بالتغيير، فعلينا ان نتعلم من مجتمعات اخرى، قامت بأحداث تغييرات جذريه في فلسفة ونوعية وأهداف التعليم العالي، وتقدمت بسبب الاستثمار في مؤسسات التعليم وفي التعليم المهني والتقني، وفي البحث العلمي، وبسبب هذا الاستثمار تقدمت اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، وبالتالي اصبح البند الاول في ميزانيتها من حيث كمية الاموال او من حيث الاولوية، هو التعليم، حيث وفي ظل هذا الاستثمار، تعمل مظلة التعليم على تحقيق اولويات البلد والمجتمع، وتقوم باستغلال المصادر والامكانيات والكفاءات من طلبة واستذة، ليس فقط للتعليم وتخريج الطلبة، ولكن وبالتوازي ومن حيث الاهمية، تقوم بأجراء الابحاث التي يحتاجها المجتمع، اي الابحاث التي تهدف لسد حاجة او نقص في البلد، او نوعية الابحاث التي يتم تفصيلها عل مقياس المجتمع وليست الابحاث التي يتم استيرادها مع اموالها من الخارج، والتي وكما نشاهد هذه الايام لا تكون مستدامه، وبل تظهر نتائجها السلبيه اكثر من أيجابياتها.