الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
جيش الاحتلال يعتقل جهاد نواجعة رئيس مجلس قروي سوسيا بالخليل

بين قانون الدولة وقانون الثورة

نشر بتاريخ: 16/06/2019 ( آخر تحديث: 16/06/2019 الساعة: 10:58 )

الكاتب: ربحي دولة

جيل كبير عاصر الحياة ماقبل قيام السلطة الوطنية وبعدها، حيث كانت الحياة مليئة بالتناقضات، فبعد نكسة العام ٦٧ التي حلت بشعبنا الذي كان يعتاش من خلال الزراعة واستصلاح الاراضي وكيف استطاع المحتل تفريغ الناس من أراضيهم من خلال إغراءات مالية منحوها للأيدي العاملة في دولة الكيان، سواء في الزراعة أو في موضوع البناء.
هنا أصبح العامل يجني خلال شهر واحد من العمل مع مقاولين من دولة الاحتلال لم يكن يحصل عليه خلال عام كامل من عمله في أرضه وفي بلده، فأفرغت الأرض الفلسطينية من أصحابها بفعل ترك الأيدي العاملة او من خلال موجات الهجرة الى الخارج بحثاً عن تحسين الحالة المعيشية، وقد بسط الاحتلال سيطرته على كل المناطق من خلال الحكم العسكري الذي فرضته على الصفة الغربية وقطاع غزه.
بدأت الثقافة الاسرائيلية تغزو مناطقنا وأصبحت اللغة العبرية تسمعها على السنة شبابنا، خاصةً العاملين في دولة الاحتلال بشكل اعتيادي وبالعكس أصبح الاختلاط مع الاحتلال حالة طبيعية "هذا يعود بسبب العمل والاختلاط"، وكان من السهل أن ترى اليهود في مدننا يتجولون او يرتادون مطاعمها، وكانت الطرق مفتوحة بلا حواجز.
في نهاية السبعينات من القرن الماضي قامت ما يسمى بالإدارة المدينة بتشكيل ما أطلق عليه "روابط القرى" من بعض وجهاء ومخاتير " فلسطين" كقيادة بديلة عن قيادة منظمة التحرير، وعلى الرغم من محاربتها من قبل القوى الوطنية الضعيفة في ذلك الوقت إلا أن الانتماء لهذه الروابط العملية كان بشكل علني وكان قادتها يتفاخرون ويُسلحون بعض الشبان لحراستهم، الى أن جاءت الانتفاضة الاولى انتفاضة الحجارة التي كانت بداية لعصر جديد من الوعي الفكري والوطني.
هنا استثمرت التنظيمات الفلسطينية وعلى رأسها حركة فتح هذه الهبة الجماهيرية واستلمت زمام الأمور وسيطرت على الشارع الفلسطيني وتشكلت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، وأصدرت أول بيان لها حددت حالة المواجهة مع المحتل، فيما كان القانون الأساسي للانتفاضة ، حيث كانت تصدر تعليماتها عبر عناصرها وقياداتها وكان الالتزام حديدي فيها ، فحرم العمل في الداخل المحتل وتجريم كل أشكال التواصل مع المحتل، حيث كان "المُلثم" هو قائد المنطقة الذي يأمر بأمره كل الناس، وكان لدى الفصائل برامج تعبئة وطنية، وثورته اكل منتسبيها وأصبحت السجون قلاع ومعاهد ثورية يتخرج منها القادة والأفراد محصنين وطنياً وفكرياً وبالتالي أصبحت خارطة الطريق الوطنية معروفة لدى الجميع، وتم ضبط الشارع وتحصينه وطنياً واجتماعياً واخلاقياً، حيث كانت هناك قواعد أمنية واضحة بان" السقوط الأخلاقي هو اسهل الطرق للسقوط الأمني"، صحيح انها قاعدة قاسية بعض الشيء إلا أنها ضبطت وحرمت كل الممارسات الخارجة عن عادات وتقاليد شعبنا ولم تعد هناك اَي من مظاهر الانحلال الخلقي.
ومع دخول السلطة الوطنية الى الوطن وأصبحنا نحكم من خلال القانون الأساسي الفلسطيني وأصبحت قواعد القانون معروفة لدى الجميع ولم تعد هناك الكثير من المحرمات السابقة وأصبحت لا تجرم قانونياً وفقدت التنظيمات الفلسطينية أحد أهم مهمامها وهو التعبئة الفكرية الوطنية منها والسياسية والعمل بالمكاسب والرواتب فقد معظم منتسبيها بوصلتهم وطال هذا الحال السجون التي كانت لديها برنامج تعبوي قوي ، فالأسرى هم ضميرنا الحي.
وفي النهايـة هل نحن بحاجـة الى قيادة جديدة للتنظيمات لتعيد الروح الى تنظيماتها ام نحتاج الى انتفاضة جديدة تُعيدنا الى المسار الحقيقي الذي نحتاجه لنعيد بوصلتنا نحو أهدافنا الوطنية التي تربينا عليها وجاءت التنظيمات لتحقيقها.