الثلاثاء: 19/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

المتاهات الفلسطينية

نشر بتاريخ: 15/07/2019 ( آخر تحديث: 15/07/2019 الساعة: 11:01 )

الكاتب: رامي مهداوي

بقراءة سريعة لتاريخ القضية الفلسطينية سنجد أننا نخرج من قضية.. مأزق ما فقط بدخولنا الى قضية أخرى أكبر منها، لتكون المحصلة تراكم المُعضلات ما يُسبب إرهاقنا الناتج عن الركض الموضعي أو عكس الاتجاه الذي علينا أن نسلكه ما يجعلنا نلهث ونفقد التنفس العميق ونحن في حالة تيه.
هذه القضايا المتراكمة والتي تولد من بعضها البعض أصبحت لا نهاية لها، بالتالي وضعنا أنفسنا في متاهات لا مخرج لها، والأدهى من ذلك بأن الأيادي التي تخلق هذه المتاهات أيضاً تتكاثر بشكل متسارع، فأيادٍ كانت معنا وأصبحت علينا، وأيادٍ بسبب ضعفنا في المتابعة وبناء التحالفات أصبحت علينا، وأيادٍ هي بالأساس فلسطينية لكن أصبحت مصالحها الضيقة أهم من البحث عن مخرج للقضية.
وبازدياد المتاهات يزداد أصحاب المصالح الذين لم يتخيلوا يوماً ما بأنهم سيكونون في المشهد الفلسطيني، ما جعل من المتاهات الحديثة التي وضعنا أنفسنا بها مصدر سعادة ورزق عند البعض، والمُبكي في حالة المتاهة الفلسطينية ما يلي:
• نسينا وتناسينا المتاهة الأساسية التي يجب أن نخرج منها بالوصول الى الحرية من الاحتلال.
• نجح الاحتلال بخلق متاهات متنوعة لكل مجموعة وتجمع ما أضعفنا بسبب تفككنا لأننا أصبحنا نبحث عن الخلاص الفردي وليس الجمعي.
• فُرض علينا أو/ وفرضنا على أنفسنا التعامل مع ثلاث متاهات أساسية وداخل كل متاهة متاهات متنوعة مختلفة منفصلة عن بعضها البعض: متاهة اللجوء والبحث عن حق العودة، متاهة المواطنة في داخل دولة الاحتلال والبحث عن الحقوق المدنية والمواطنة، متاهة الدولة تحت الاحتلال والبحث عن أركان الدولة.
• أصبحنا نتعامل مع المتاهات اليومية بشكل ضعيف جداً ما جعل الآخرين يستمتعون بحالة التخبط التي نعيشها.
• حالة التخبط التي نعيشها في المتاهة بشكل يومي هي بالأساس محاطة بالجدار في الضفة، والمحاصرة في قطاع غزة بأشكال وأدوات مختلفة.
• استطاع الاحتلال وأتباعه الجُدد والقديمون زراعة الأوهام على الصعيد العالمي بأن الفلسطينيين هم من يضيعون فرص الخروج من المتاهة بتحقيق السلام وخير مثال ما تمت تسميته "صفقة القرن".
• أصبح كل مواطن فلسطيني يؤمن بخلاصه الفردي بالحفاظ أولاً على مساحة خاصة به في هذه المتاهات.
بعد هذا المشهد المختصر للمتاهات، ما هو الحل للخروج من المتاهات؟ متاهات أصبحت تتكاثر بشكل سريع أفقدتنا المقدرة على التحرك والتقدم، أعتقد علينا البدء بهذه الخطوات بشكل سريع للوصول الى المخرج: الاعتراف بأننا في متاهات ولا نعرف أين نتجه، معرفة كيف وقعنا في هذه المتاهات واستخلاص العبر، تغيير الإستراتيجيات القديمة التي تعاملنا بها طول الفترة السابقة وضخ أفكار وآليات تتمتع باللياقة، تجميع الكُل الفلسطيني وتوحيده للخروج بشكل جماعي من المتاهة الكبرى وهو الاحتلال الذي يحيط بكل المتاهات الأخرى، توحيد المخرج وآليات الخروج، رفض المشاريع الإلهائية التخديرية من أي جهة كانت، تعرية من يريد البقاء في المتاهات كونه مستفيدا من قطع الجبن التي تقذف له من الخارج.