الجمعة: 26/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا لا نطبق العلمانية الاسلامية؟

نشر بتاريخ: 24/07/2019 ( آخر تحديث: 24/07/2019 الساعة: 09:57 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

الفارق بين الغرب وبين الشرق وخاصة العالم الاسلامي، ليس في كون انه كان هناك احتلال غربي لجميع الاقطار العربية عقب انهيار الدولة العثمانية، ولكن في اوروربا وعقب الثورة الفرنسية اختار الغرب ان يكون الدين لله في العبادات وان يتم استخدامه في المعاملات على اساس قوانين وضعية، وفي العالم الاسلامي بدات بعض الدول ومنها مصر في التاثر بالقانون الفرنسي وهو القانون اي الفرنسي الذي تاثر وقد تعلموا سن القوانين من الدولة العثمانية اي الخلافة انذاك واول هذا التاثر هو نسخهم للحقوق المدنية وغيرها الواردة في مجلة الاحكام العدلية، ومن بعدها سارت كل دول اوروبا على هذا النهج ومنها بريطانيا التي لم تكن تشرع بالمكتوب انما اعراف وسوابق قضائية، وكذلك الالمان فكانت المدرسة الاسلامية القانونية اول من وضع اصل للتشريعات، لكن نحن بقينا في العالم العربي نطبق احكام الدين في العبادات كجزء اساسي من نظام الحياة ولم نتبع النظام العلمي اي العلماني في تطبيق احكام الشريعية، بان يكون الامر في العبادة بين العبد وربه وامور الحياة يتم التعامل بها وفق الاحكام في نظام المعاملات، فوجدت هوة كبيرة في الامر ادت الى نشوء دعوات وحركات مختلفة، استغلها حكام الاستبداد، واوجدوا شروخا كبيرة في نظام الامن والاقتصاد والسياسة وحتى الثقافة والعادات وغيرها، فلم نستطع العودة لاحكام الاسلام ولم نستطع في ذات الوقت تطبيق قوانين الدولة المدنية.
العلمانية الاسلامية اي التي تقوم على العلم حيث ان القران قد بدا باولى اياته وكلماته (اقرأ) ولذلك جاء متحديا لكل الظواهر العلمية وفرض منطقه فيها، والرسول الكريم كذلك اوجد في اصحابة ان الحياة تعاش بقوانينها، وان الاسلام جاء لحفظ حقوق المواطن والناس واحترام الجميع، حتى انه وضع نظام للحروب والتعامل مع اعداءه من الكفرة واصحاب الديانات الاخرى وغيرها وفق انظمة كان جلها ايجاد توازن منطقي في حكم الناس وادارة الشؤون العامة.
فعلاقة العبد بربه انحصرت في العبادات وهي شخصية لتهذيب سلوك الفرد وتقويم توازنات المجتمع من غير تكلف او تقليل بل وسطية قائمة على السلام والحب والمواطنة واحترام الصغير والكبير واحترام الرسل وتبادل الثقافات، وسن التشريعات في القضاء والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلاقة الدول وغيرها.
ان سبب فشل الانظمة في التطبيق وتبنيها تعود فقط لمجموعة من جهلة الدين غير القارئين لاحكام سلوك الناس في بواطنها ومصادرها التشريعية والفقهية والقضائية، وكذلك زمرة من الحكام والماجورين الذين اعتقدوا ان مصالحهم تتعارض مع احكام الاسلام وتطبيقه، فلينظروا الى ان العالم العربي لم ينتصر ولا مرة بغير الاسلام، ولم تكن هناك دولة محترمة غير الاسلام، حتى النظريات العلمية والتطور الكبير لم يحصل سوى في دولة الاسلام، وحتى الصناعات لم تكن الا في دولة الاسلام وفي عهود كثيرة امتدت الى الفي سنة، فكان اولاد الغرب ياتون ليتعلموا في دولة الاسلام.
ان تطبيق الاحكام العلمية الاسلامية، هو التحدي الاكبر لوقف الانهيار المجتمعي واعادة الامور ومواجهة اعداء الشعوب ووضع حدا للحكام الماجورين الخارجين عن شرعية الشعوب، فهي مسالة علمية لا تقوم سوى باستلام اصحاب التخصص لمراكزهم القيادة والوظيفية وطرد اصحاب العالة واصحاب المصالح بعيدا عن المنظومة الصحيحة، والتي تتفق مع قواعد الاسلام وتتفق ايضا مع الدولة الوطنية والمدنية وغيرها. وهي بدورها تتفق مع حقوق الانسان والشرائع الدولية سوى ما كان منها شاذ وخارج المنطق البشري.