الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

بين عميد المحامين وأصغر الباحثين فلسطين وشعب الجبارين

نشر بتاريخ: 12/09/2019 ( آخر تحديث: 12/09/2019 الساعة: 17:42 )

الكاتب: منيب المصري

لم يكن عبثا أو صدفة حين أصر الشهيد ياسر عرفات على وصف أبناء شعبه بشعب الجبارين ، ولم يكن مخطئا على الإطلاق حين راهن على أبناء شعبه في صون وحماية قضيتهم الوطنية إلى حين نيل حقوقهم طال الزمن أم قصر ، واعتبرهم صمام الأمان في وجه كل المؤامرات والتحديات التي عصفت وستعصف بالقضية الفلسطينية وبالفعل ومنذ فجر التاريخ أثبت الشعب العربي الفلسطيني أنه على قدر التحدي والتضحية في سبيل الوطن والقضية فسجل أروع صور البطولة والتميز والإبداع في شتى المجالات بما في ذلك المجالات العلمية والمهنية والأكاديمية.
لقد كان أسبوعا حافلا ومؤثرا بالنسبة لي بدأ بتكريم الباحث المقدسي الدكتور محمد غوشة وانتهى بوداع عميد المحامين في العالم بأسره ابن القدس الصديق والنسيب فؤاد شحادة (ابو الوليد) الذي دخل موسوعة غينس كصاحب لأطول فترة مزاولة لمهنة المحاماة في العالم، وليشهد العالم بأسره أن مواطنا فلسطينيا كانت فترة مزاولته لمهنة المحاماة أكبر من عمر دولة الاحتلال نفسها، ليشكل نموذجا عظيما عمل عبر هذه السنين الطويلة لترسيخ قيم العدل والعدالة حافرا اسمه كأعرق محامي في العالم وقد شهد له الجميع بوطنيته وانتمائه وعطاءه وقد ودعته فلسطين بموكب رسمي وشعبي مهيب يمثل عائلته وكافة القوى الفلسطينية وأطياف الشعب الفلسطيني.
رحل فؤاد شحادة بجسده وروحه إلى باريه ولكن لم يرحل بفكره وإنجازاته وإسهاماته الوطنية ورسالته في الدفاع عن منظومة العدالة التي يحملها اليوم أبناءه وأحفاده الذين يمضون على خطاه ومن حيث مارس والدهم العمل في مكتبه في مدينة رام الله.
أما الدكتور محمد غوشة صاحب أهم وأضخم عمل أكاديمي عن فلسطين فقد أسر كافة الحضور في بيت فلسطين بعرض رائع حول موسوعته (باليستنكا) بعد أن اقتحمت مكتبات العالم بمختلف القارات بما في ذلك مكتبات كانت عصية على أي منتوجات فكرية تتعلق بفلسطين مثل مكتبة السوربون والبنتاغون، متحدثا عن تجربته منذ أن بدأ مسيرته البحثية حاصلا على لقب أصغر باحث في العالم من موسوعة غنيس وهو ابن الخامسة عشرة ولغاية رؤيته المستقبلية التي يسعى من خلالها لتقديم الكثير بما يوثق حق ووجود الشعب الفلسطيني على أرضه وبأرضه.
وبين هذين النموذجين الرائعين تضع فلسطين نفسها الدولة الوحيدة الحاضنةلأصغر باحث ولأقدم محامي.
اجتمع الأردن وفلسطين في عاصمة العروبة عمان وبمقر مؤسسة منيب وإنجلا المصري للتنمية التي اسست واطلقت المشروع واستكمل الاجتماع في منتدى الفكر العربي ضمن الإجتماع التأسيسي لمشروع التوثيق العلمي للتاريخ الفلسطيني (أن نكون) وهناك سمعت وشاهدت كل ما يسر القلب ويزرع الأمل ، فقد شاهدنا الطاقات العلمية العربية القادمة من فلسطين وخارجها وهي متلهفة لتحقيق إنجاز علمي مميز يدافع عن حقنا في فلسطين في ظل كل محاولات الإنكار والتضليل التي يقودها الاحتلال ومن أمامه الولايات المتحدة الأميريكية، ولمس الجميع حجم الطاقات الموجودة والتي تبشر بإنتاج علمي عالمي واعد ، وسمعنا خلال الاجتماع حجم الحب لفلسطين من كل الحاضرين وعلى رأسهم الامير الحسن بن طلال الذي سجل خطابا تاريخا بشأن الأخوة الأردنية الفلسطينية وحب القدس وفلسطين ومركزية القضية الفلسطينية وتقصير العرب بشأنها.
لم ينتهي الأسبوع الحافل والمؤثر بعد ، فقد تضمن زيارة سريعة إلى غزة الصمود، التي تبعث بداخلي كلما زرتها المزيد من الكبرياء والشموخ والاعتزاز والحب لما ألمسه من قوة وعزيمة وإرادة عند أهلنا في غزة رغم كل الظروف الغير إنسانية التي يعيشها أهل غزة إلا أنهم يحافظون شبابا وشيبا وأطفالا على نفس وطني مقاوم لا ينهزم ولو لثانية.
ومن غزة إلى القدس وعلى مشارف بلدة العيسوية الصامدة التي تقف شوكة في عنق الإحتلال التقينا وزرنا خيمة الناشط محمد ابو الحمص الذي يبدع دائما في مقاومة الإحتلال في شتى المجالات حتى حين أبعد عن عن بلدته نصب خيمته بعد أخر متر أبعد عنه مظهر يجسد عنفوانية الشعب الفلسطيني .
لم تنتهي حدود فلسطين بعد فموعدنا مع نهاية اليوم سيكون في الداخل الفلسطيني الذي يستنهض كل قواه لدعم القائمة المشتركة والصوت العربي الواحد في اجتماع حاشد دعت له الغرفة التجارية في الناصرة والوسط العربي ، نعم أهلنا في ملح الأرض وهم أصل الحكاية ما زالوا خير مدافع عن قضية شعبنا ، ونجاحهم في القائمة المشتركة ولجنة المتابعة العربية في رسالة إبداعية للوحدة والصمود والثبات.
ومن الجليل الشامخ الى النقب الصامد كان لنا اُمسية بين لقية والعراقيب وسنحرص على المساهمة في تعزيز صمود اهلنا الذين يواجهون خطر التهجير والترحيل وهدم بيوتهم كما في كل مرة وقد تجاوزت هذه المرات المئة ولكن حين يكون اللقاء مع احد جبال النقب الشيخ صياح الطوري تدرك تماما ان النقب سيبقى عربيا بأهله.