الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

إن كان لابد من بقاء السلطة وإجراء انتخابات

نشر بتاريخ: 14/10/2019 ( آخر تحديث: 14/10/2019 الساعة: 16:31 )

الكاتب: حمادة جبر
أسست منظمة التحرير الفلسطينية جهاز السلطة الفلسطيننية عام 1994 ليكون نواة الدولة الفلسطينية المنشودة على حدود 1967. اليوم، وبعد 25 عام من تأسيس السلطة، فقدت هذه السلطة مبررات وجودها بتلاشي الحل القائم على حل الدولتين لأسباب عديدة لا مجال لذكرها في هذا المقال. ولمعرفة المزيد بالإمكان الرجوع إلى ورقتي بعنوان "الفلسطينيون في موقع المبادرة: حل السلطة وتبني استراتيجية حل الدولة الواحدة... الآن" الصادرة عن وحدة التحليل الاستراتيجي في المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية . ولكن، إن كان لابد من بقاء السلطة وإجراء انتخابات عامة، يجب مراجعة المرحلة السابقة ومراعاة التغيرات الكبيرة التي جرت خلالها وذلك لإختيار النظام الانتخابي المناسب لإجراء الانتخابات على أساسه.
بعيداً عن مدى جدية وإمكانية أجراء انتخابات عامة وعن ذكر أهميتها من عدمها، وعدم انتظامها، وعن النتائج المرجوة منها وبرامج المرشحين لها. إذا تم اجراء انتخابات تشريعية جديدة فستكون الانتخاباث الثالثة بعد انتخابات 1996 و2006 خلال 25 عاماً من تأسيس السلطة. الملاحظ أن كل واحدة من هذه الانتخابات جرت وستجري حسب نظام انتخابي مختلف عن الأخرى. ففي انتخابات عام 1996 جرى انتخاب الأعضاء ال88 حسب نظام الأغلبية في 16 دائرة انتخابية. أما في انتخابات عام 2006 فقد جرى انتخاب 132 عضواً حسب النظام الانتخابي المختلط مناصفة بين نظام الأغلبية النسبية (الدوائر) و نظام التمثيل النسبي (القوائم). أما الانتخابات الثالثة (إن جرت)، فستكون على الأغلب بنظام مختلف عن الانتخابات السابقة وذلك إما بنظام التمثيل النسبي الكامل (القوائم) حسب القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007 أو بالنظام المختلط ولكن بنسبة 75% للقوائم و25% للدوائر حسب ماتم التوافق عليه بين الفصائل. وأعتقد جازماً بأنه لم يحدث في تاريخ أي من الدول أن تقوم بتغيير نظام انتخاباتها في كل دورة، وهذا دليل على إرتجال خالي من أي مسؤولية ودليل على هيمنة الأحزاب الحاكمة على القوانين والأنظمة.
ما أود قوله في هذا المقال أن الفصائل لم تعُد أمينة على حقوق ومستقبل الشعب وبالتالي يجب أن لا تكون هي من يُحدد النظام الانتخابي. وهذا أيضاً ينطبق على القرار بقانون المذكور سابقاً الذي جاء ليخدم مصلحة فصيل مُصدِر القانون وليس لمصبحة وطنية. وعليه، إن إجراء انتخابات جديدة قائمة على أساس الفصائل الموجودة -التي أثبتت فشلاً ذريعاً في تمثيل ناخبيها وتنفيذ برامجها- لن يأتي بجديد والأهم أنه إن جرت هذه الانتخابات، فإنها لن تنهي الإنقسام ولن تجيب عن السؤال الأكبر حول البرنامج السياسي وأدوات تحقيقه. حسب إستطلاع الرأي العام رقم 95 لمركز القدس للإعلام والاتصال (JMCC) في شهر أيلول الماضي، يقول 44.7% من فلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة بأنهم لا يثقون بأي فصيل أو حزب سياسي وترتفع هذه النسبة إلى 52.9% في الضفة الغربية مقارنة ب32.6% في قطاع غزة. وأجاب 35.5% (41.7% في الضفة الغربية مقابل 23.9% في قطاع غزة) أنهم لن يصوتوا في حال إجراء انتخابات جديدة، وهذا الفرق الكبير في النسب بين الضفة الغربية وقطاع غزة يعبر عن أزمة المشروع القائم على حل الدولتين والذي أقيمت السلطة على أساسه حيث أن هذه الأزمة ملموسة في الضفة الغربية أكثر منها في قطاع غزة.
الحجج المعبر عنها بأفضلية نظام التمثيل النسبي (القوائم) بضمان تمثيل نسبي حقيقي يخدم الأحزاب والفصائل الصغيرة أو بأنه يقلل من سلطة العائلات/العشائر، حجج لم تعد النسبة الأكبر من الشعب تريد سماعها. نظام القوائم يعزز من سلطة الأحزاب التي باتت غير مرغوبة وكذلك أن الأحزاب هي التي تستعين بالعشائر والعائلات وتعزز من حضورها. ولم نرى حضوراً ملموساً للعشائروالعائلات في نظام الدوائر عامي 1996 و2006 وهذا يرجع لحقيقة أنه في فلسطين لا يوجد نظام عشائري/عائلي قوي عدا أنه لا يمكن لعائلة أو عشيرة ما أن تحسم في نظام الأعلبية في أي من الدوائر.
لمحاولة الوصول إلى نتائج تعبرعن إرادة المواطنين وتغيير الثنائية المقيتة بين الحزبين الكبيرين وإجبار بقايا الأحزاب الأخرى على الائتلاف، يجب إعادة النظر في نسبة الحسم في نظام القوائم برفعها إلى 5% وكذلك تخفيض سن الترشح للمجلس التشريعي والرئاسة. أما بخصوص النظام الانتخابي فأعتقد أنه من الأفضل إختيار نظاماً انتخابياً من الأنظمة التالية أو تنظيم استفتاء عام لإختيار النظام الانتخابي (أو حتى استفتاء على بقاء السلطة أو حلها):
-1- العودة إلى نظام الأغلبية في الدوائر كما جرى في انتخابات 1996 مع دراسة خيار نظام الجولة الثانية إذا لم يحصل أي من المرشحين على الأغلبية المطلقة (أكثر من 50%). وذلك لاتاحة المجال إلى التنافس العادل للمستقلين وإجبار الفصائل على إختيار أفضل المرشحين بين صفوفها في كل دائرة. كذلك لإتاحة الرقابة والمحاسبة المباشرتين من الناخِب للمُنتخَب.
-2- الإبقاء على النظام المختلط (2006) مع دراسة خيار إعتماد نظام القوائم المفتوحة بحيث يتيح للناخب إختيار مرشحيه المفضلين في القائمة بدلاً من الرضوخ إلى سلطة الحزب في ترتييب المرشحين التي أثبتت التجربة بأنه ترتيب قائم على الشللية والمصالح الضيقة.
-3- اعتماد نظام القوائم (المغلقة أو المفتوحة) على مستوى الدوائر وليس على مستوى الوطن.