السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

الحكومة هي المغامر الوحيد مع الشباب

نشر بتاريخ: 24/01/2020 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:00 )

بقلم: عبد الله قدح
منذ أيام تحدث رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه عن تأسيس صندوق بقيمة 500 مليون دولار، وأنه يوجد في البنك الآن 57 مليون دولار لتمكين الشباب، وعمل مشاريع بالشراكة مع القطاع الخاص.
اعتاد الشباب على سماع الكثير حول تخصيص أموال ومنح ومشاريع للشباب، سواء كانت من خلال الحكومة أو المجتمع المدني، لكن أغلب التجارب كانت تبدأ بمؤتمر الإعلان عن مشروع أو منحة ما للشباب والتي بلغت قيمتها... وبعد مرور فترة معينة نسمع عن مؤتمر ختامي للمشروع المُعلن عنه والذي قدرت قيمته بالمبلغ الفلاني من الملايين، وهذا هو حال مشاريع الشباب في البلد. وعندما عملت الحكومة عام 2003 بتأسيس الصندوق الفلسطيني للتشغيل الذي من المفترض أن يكون منصة لمشاريع الشباب الرياديين والمبدعين فنياً ومالياً، لكن في الواقع ما هو إلا جسم من الأجسام البيروقراطية التي سرعان ما أصبحت جزء من المنظومة التقليدية، وذهبت لبناء شراكات مع مؤسسات الإقراض والبنوك لتمويل الشباب، في ظل أن المبرر لوجودها هو توفير مساحة للشباب والرياديين من كلا الجنسيين غير القادرين على متطلبات وفوائد البنوك ومؤسسات الإقراض.
يجب أن نخرج من دائرة تجربة المٌجرب، وأن نبحث عن أدوات جديدة حتى نستهدف بها الشباب، وحتى لا تذهب تلك الأموال المخصصة للشباب إلى مزرعة رجل الأعمال الفلاني أو الجهة الفلانية تحت مبرر الخبرة وامتلاك القدرات والأدوات وغيرها، ولا تمنح من خلال البنوك وتصبح عبئ إضافي على الشباب وأداة لتدمير مشاريعهم.
لذا اقترح على الحكومة أن يكون هذا الصندوق هو صندوق مال مغامر أو مال جريء حتى لا يخرج أحدهم ويقول "هذا بدو يضيع مصريات الحكومة" هذا الصندوق هو عبارة عن استثمار حكومي في مشاريع الشباب في مراحلها الأولى التي تعتبر نسبة المخاطرة فيها عالية كالمشاريع الجديدة و الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، في ظل خوف مؤسسات الإقراض والبنوك وعدم تجرؤها على الاستثمار في تلك المشاريع، لأنها بحسب سياستها تصنفها بأنها عالية المخاطرة بسبب عدم وجود ضمانات أو منتج حقيقي لها وعائد منتظم، هنا يأتي دور الصندوق المغامر الذي يشارك الشباب في شركاتهم الناشئة في مراحلها الأولى ويحمل عنهم هذه المخاطرة.
سيعمل الصندوق على الاستثمار في المشاريع في مراحلها الأولى بمبلغ لا يتجاوز 100 ألف دولار مقابل حصوله على 50% من أسهم الشركة، بالإضافة إلى توفير مجموعة من المستشارين والمختصين الذي سيوفرهم الصندوق كفريق عمل لاختيار الأفكار والشركات الناشئة التي يجب الاستثمار فيها ومتابعتها فنياً وفتح الآفاق لها من حيث الشراكات والتشبيك حتى تتمكن تلك الشركات من بناء منتجها وبدء شراكات مع شركات وأسواق جديدة من خلال الشبكة التي يوفرها الصندوق.


على سبيل المثال إذا استثمر الصندوق في المرحلة الأولى في 50 فكرة أو شركة ناشئة بمبلغ إجمالي 5 ملايين دولار في مراحل نشأتها الأولى هذا سيمكن تلك الشركات الناشئة من الانطلاق إلى جذب استثمارات أخرى في جولات ثانية قد تصل إلى 50 مليون دولار. ومن خلال النظر إلى تجارب شبيهة فإن أغلب الشركات التكنولوجية الكبيرة مثل أوبر وكريم وغيرها تم تمويلها من خلال صناديق المال المغامر والآن تعود أرباح كبيرة لهذه الصناديق بسبب شراكتها الناجحة مع تلك الشركات الناشئة التي أصبحت قيمتها أضعاف ما تم استثماره فيها في مراحل نشأتها.
بعد الاستثمار في أول 50 شركة ناشئة وإصدار أول تقرير يوضح إجمالي ما تم استثماره وآلية الاستثمار والعائد الذي تحقق على الصندوق من تلك الاستثمارات، سنرى بأن هناك مجموعة من الشركات الناشئة حققت نجاح كبير وأصبحت قيمتها السوقية أعلا بالإضافة إلى تمكنها من الحصول على استثمارات وتمويل أخر من منصات وصناديق أخرى، وبذلك فإن حصة الصندوق من تلك العائدات ستمكنه من الاستثمار في أفكار وشركات ناشئة جديدة، بالإضافة إلى جذب القطاع الخاص لاستثمار أمواله في الصندوق وهذا سيجعل الصندوق قادر على الاستثمار في أكثر من 100 شركة ناشئة سنوياً ويوفر مئات فرص العمل للشباب.
بذلك نستطيع أن نقول بأن الحكومة ساهمت في بناء جسم أو صندوق مستجيب لاحتياجات الشباب الحقيقة وغياب الحاجة لوجود مغامر مع الشباب سوى الحكومة في ظل الظروف والتحديات التي نعيشها.