الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

وبعدين... تعديل وزاري أم تخمين وزاري !!!

نشر بتاريخ: 28/07/2015 ( آخر تحديث: 28/07/2015 الساعة: 20:42 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

وفي حصة التاريخ أو البلاغة، كان المعلم يشرح لنا ونحن أطفال عن قصص التاريخ العربي المجيد، وبطلها خليفة عادل، نزل ذات يوم يمشي في السوق وسط الناس وهو يخفي وجهه بعمامة ويتفقد الرعية، فيلقاه أعرابي ساذج جاء من البادية. ويسأله الخليفة سؤالاً صعباً بطريقة بيت الشعر وفيه من حصافة القافية ما يكفي ليسيل لعابنا ونحن أطفال لنعرف الاجابة.. فيرد الاعرابي ببيت شعر أحصف ولا يخطر ببال شيطان رجيم، ويفحم الخليفة فتهوي قلوبنا من شدة الخوف على الرجل الذي ورّط نفسه في هذه المصيبة. ونشعر بنمنمة خدرة في أصابع أقدامنا تحت درج الدراسة في غرفة صف الاونروا. ولكن الخليفة العادل سرعان ما يعجب برد الاعرابي ويمسح بلحيته "الكبسة" التي كبسه اياها هذا الأعرابي الفج. ويعينه وزيرا في القصر. وتنتهي القصة ونحن نحمد الله على هذه النتيجة التي لم تسل فيها الدماء ولم تلو فيها الأعناق.

وكبرنا، وهرمنا، وذات يوم حوصرت حكومة اسماعيل هنية لسنتين ولكن الحياة ظلّت تمشي والجماهير على حالها، وكبرنا أكثر وذات يوم استقالت حكومة الدكتور سلام فياض لمدة 4 اسابيع كاملة، ولكن الجماهير لم تتأثر وبقيت الحياة على حالها دون أن نشعر بأي نقص، حتى أن بعض كتّاب الاعمدة نشروا يومها: نحن جاهزون لنعيش بدون حكومة طوال العمر ولا يهمنا سوى وجود وزير مالية يدفع الرواتب.

وقبل نحو اربعين يوماً أعلنت القيادة أنها تريد تشكيل حكومة وطنية بدل حكومة وفاق (مع أنني شخصيا لم افهم حتى الان الفرق بينهما)، فقالت الجماهير على بركة الله، وعادت القيادة وقالت إن حكومة الوحدة صعبة المنال وعلينا أن نشد الاحزمة ونهبط مرة اخرى على حكومة وفاق وطني.

وبعد اسابيع قالت القيادة (وتعريف القائد هو المسؤول الذي يسارع قبل غيره ويعطي تصريحات للصحافة) إن حكومة الوفاق والتعديل الوزاري فكرة غير ناضجة وعلينا العودة للمطالبة بحكومة وحدة وطنية... وما أن قبل الناس الفكرة للمرة الرابعة حتى عادت الحكومة اليوم وناقشت التعديل الوزاري وتدحرجت اسماء جديدة بدل الاسماء القديمة، ولم نعرف لماذا حازم عطالله والمجلادني وعلي جرباوي وجواد الناجي لن يدخلوا الحكومة؟

الاسماء الحديدة أيضا لا يوجد أية جهة تريد أن تؤكد أو تنفي استوزارها. وتحوّل الأمر إلى تخمين يربك الاسماء المطروحة ويجرّدها من قيمتها العلمية والنضالية، ويربك الوزراء الذين يعيشون تنكيلاً اعلامياً واستنزافاً متواصلاً منذ اشهر. حتى أنني دخلت على غرفة تحرير الاخبار ممازحا زملائي وقلت إن أي صحفي يحفظ اسماء عشرة وزارء سأعطيه جائزة. فضحك الزملاء وقالوا لو كان المطلوب خمسة اسماء لكنا ربحنا الجائزة.

أنا اكتب وأقول بكل احترام وأدب لدولة رئيس الوزراء والاخوة الوزراء، إننا لم نعد نعرف ماذا نكتب؟ هل تريد منظمة التحرير وحماس حكومة وحدة وطنية؟ أم حكومة وفاق وطني؟ أم تعديل وزاري؟ 

وأكتب وأقول: إن أهم شخصيات تصنع التاريخ الفلسطيني المعاصر هم: نظمي مهنا مدير الجسور والمعابر ويا ليت يفتح لنا معبر رفح وجسر اريحا 24 ساعة في اليوم، وحسين الشيخ مسؤول الارتباط والتصاريح ويا ليت يبقي التصاريح كما كانت في شهر رمضان، والمدير العام الذي يقرر منح الدارسة في الخارج، ويا ليت يضع طريقة عادلة لتوزيع المنح، ومسؤول التحويلات المالية للصراف الالي.

أما باقي الوزارات والمقامات، فلم يعد المواطن الفقير يكترث بها.