السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

"سوريون" في غزة.. بين عزلة اجتماعية وعشق الوطن

نشر بتاريخ: 20/07/2016 ( آخر تحديث: 21/07/2016 الساعة: 10:28 )
"سوريون" في غزة.. بين عزلة اجتماعية وعشق الوطن
غزة- خاص معا- مرة كل أسبوع أو كل أسبوعين تجتمع أم المعتصم مع صديقاتها اللاجئات الفلسطينيات من سوريا، يتسامرن ويتبادلن ذكريات الأيام الجميلة في الشام، وكلهن أمل بان تعود الحياة إلى طبيعتها في ذلك البلد الذي ما زال ينبض حبا في قلوبهن.

أم المعتصم بحثت عن صديقاتها من خلال الفعاليات التي كانت تنظمها لجنة متابعة اللاجئين من سوريا إلى غزة، فوجدت عددا منهن وانتقلت الصباحات الجميلة اللاتي كن يقضينها في الشام إلى جلسات أسبوعية لديها حيث يقمن بإعداد جميع المأكولات الشامية.

جلسات تعكس الحياة في الشام
وتقول أم المعتصم: "كلما اجتمعنا نتذكر الأيام الجميلة التي جمعتنا في الشام ونحاول أن ننسى المأساة التي ألمّت بنا فالمعيشة في غزة صعبة للغاية ليس اقتصادية فحسب وإنما من الناحية الاجتماعية أيضا".

تحن أم المعتصم وصديقاتها اللاجئات العائدات من سوريا إلى الجلسات الصباحية وراحة البال، مشددة أنها تحن لسوريا ويمنعها عن العودة إليها أولادها الذين غدوا شبابا يحتاجون إلى الاستقرار بالإضافة إلى الأوضاع الاقتصادية التي تعاني منها سوريا.

نادرا ما تخرج أم المعتصم من منزلها فعلاقاتها الاجتماعية بجيرانها والمجتمع من حولها محدودة جدا، جل اهتمامها تسويق منتجاتها من مأكولات شامية تعدها تقول "بالكاد انتهي منها فالعمل كثير والطلبات لا تنتهي".

أم المعتصم واحدة من بين آلاف اللاجئين الذين رفضوا الهجرة مجددا من قطاع غزة باتجاه السويد وألمانيا رغم العلاقات الاجتماعية القليلة ومغادرة صديقاتها سواء اللاجئات الفلسطينيات أو السوريات الأصل، إلا أنها ترى في غزة ارض الوطن الذي لطالما حلمت بالعودة له برفقة زوجها وأولادها، وتتابع "المعيشة هنا صعبة للغاية ولكن نبقى أفضل من غيرنا بكثير فلن تضيق الحياة أكثر مما هي عليه الآن".

ويعيش في قطاع غزة 2000 لاجئ بين فلسطيني سوري وسوري وفلسطيني غزيّ أي 275 عائلة فلسطينية لاجئة من سوريا وسوريين وفلسطينيين من أصل "غزيّ" تركوا وراءهم كل ما يملكون لان الأحداث كانت تتصاعد وتتراكم لحظة بلحظة.

الهموم تطغى على العلاقات الاجتماعية
د. محمود أبو شاويش رئيس هيئة التنسيق المشتركة لشؤون اللاجئين من الدول العربية أكد أن اللاجئين الفلسطينيين من سوريا أو من الدول العربية موزعين على كافة محافظات قطاع غزة من الشمال الى الجنوب، مؤكدا أن اللقاءات فيما بينهم تكون في نطاق الحي الذي يعيشون فيه.

وبين أبو شاوي أن اللقاءات تصعب بسبب المواصلات التي تشكل عبء على اللاجئين الفلسطينيين وتثقل ميزانية أي أسرة لاجئة تفتقد للعمل مبينا ان من جاء لقطاع غزة جاء باختياره الشخصي ولم يكن هناك هجرات جماعية وصار الاندماج فيما بينهم من خلال الفعاليات التي كانت تنظمها هيئة التنسيق المشتركة.

وأضاف: "لا يوجد لقاءات مستمرة بشكل دوري ولكنهم يتفاعلون على صفحات التواصل الاجتماعي بشكل كبير".

وأشار أبو شاويش إلى أن المشكلات التي يعاني منها اللاجئون من عدم توفر عمل ولا رواتب ولا استقرار سكني وحالات مرضية تؤثر على التفاعل المجتمعي مع الأصدقاء والجيران مشددا ان هؤلاء اللاجئين جاؤوا مثقلين بالهموم والأسر الفلسطينية مثقلة بالهموم أيضا لا تقل في معاناتها عن معاناة اللاجئين.

عوامل الاندماج في المجتمعات
ككل العلاقات الاجتماعية يحاول هؤلاء اللاجئين الاندماج في المجتمع المحيط من حولهم ولكنها تفشل تارة وتنجح أخرى وفقا لثلاثة عوامل أساسية هي التوافق النفسي والاقتصادي والاجتماعي.

احمد حمد أستاذ علم الاجتماع في الكلية الجامعية أكد أن ثلاثة محاور تؤثر في العلاقات الاجتماعية لهؤلاء اللاجئين العائدين الى غزة حيث يشعر هؤلاء بالعزلة والانطواء والوحدة لأنهم لجئوا الى بيئة بعادات وتقاليد وثقافة مختلفة وطبيعة الحياة في غزة مختلفة عن المكان الذي كانوا موجودين فيه.

كما تحدث حمد عن التوافق الاقتصادي حيث يجد هؤلاء صعوبة في التوافق مع المجتمع لأنهم لا يجدون وظائف ولا دخل وتحولوا إلى بند البطالة بعد أن كانوا يتمتعون بأوضاع اقتصادية جيدة في سوريا بالإضافة إلى أنهم يشعرون بالغربة في غزة وغير معروفين على عكس ما كانوا في سوريا فيبقوا بدون علاقات ولا مناسبات اجتماعية.

أشار حمد إلى أنهم من الناحية العاطفية والوجدانية يشعرون بالحنين للمجتمع الذي كانوا يعيشون به حتى لو لم تكن بلدهم الأم ولكنهم امضوا كل مراحل حياتهم بها خاصة إذا كان لهم أقارب وأصدقاء.

وأضاف "حالة القلق والخوف والعصبية نتيجة الأحداث التي مازالت دائرة في سوريا تؤثر على التكيف مع المجتمع في قطاع غزة ولكن قد يتكيف البعض ولكن بصعوبة".

ويتلقي اللاجئون من سوريا واليمن وليبيا مساعدات غير منتظمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين كما تلقوا وعودات من السلطة في غزة ورام الله بمساعدتهم لكنها بقيت دون المستوى المطلوب.
تقرير: هدية الغول