الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

سياسيون ومثقفون يؤكدون أهمية حملة BDS في مواجهة الابارتهايد

نشر بتاريخ: 23/03/2017 ( آخر تحديث: 24/03/2017 الساعة: 13:19 )
سياسيون ومثقفون يؤكدون أهمية حملة BDS في مواجهة الابارتهايد

غزة- معا - أكد مثقفون وسياسيون على أهمية ما تقوم به حملة المقاطعة الفلسطينية BDS للمؤسسات الإسرائيلية لحشد التأييد الدولي لصالح الحق الفلسطيني من خلال القانون الدولي، مستندين إلى النموذج الجنوب أفريقي في مواجهة نظام الأبارتهايد.

جاء ذلك خلال ندوة نقاش بعنوان "إسرائيل والأبارتهايد" عقدها مركز أطلس للدراسات بمدينة غزة، أدارها مدير المركز عبد الرحمن شهاب، الذي أوضح أن هذه الندوة تهدف إلى فهم أعمق للنظام الإسرائيلي وكيفية الاستفادة من تجارب الشعوب في مواجهة الاحتلال، والتجربة الجنوب افريقية نموذجًا.

وأشاد شهاب بالموقف البطولي والشجاع لرئيسة الهيئة الأممية د. ريما خلف لتقديمها استقالتها احتجاجًا على المعايير المزدوجة من وكالة أممية خاضعة للابتزاز الإسرائيلي.

واكد الدكتور حيدر عيد ، المتحدث الرئيسي في الندوة، عضو الحملة الفلسطينية للمقاطعة، في كلمته على أن إسرائيل دولة أبارتهايد حسب التعريفات الدولية والأمم المتحدة، وأن مواجهة إسرائيل يرتكز على مقاطعتها فلسطينيًا وعربيًا، وصولًا إلى مقاطعة دولية وعالمية لها، وفرض عقوبات مثلما حصل مع نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا، للضغط عليها لإحقاق الحقوق الفلسطينية المتمثلة بحق العودة، والانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 67 ، وإنهاء نظام التفرقة العنصرية الذي تطبقه إسرائيل ضد 1.4 مليون فلسطيني يسكنون داخل فلسطين التاريخية.


وأوضح أن هناك أوجه تشابه وأوجه اختلاف بين الحالة الفلسطينية والجنوب افريقية، وأن هناك نداء صدر عام 2005 عن حملة المقاطعة إلى المجتمع الدولي لضرورة مقاطعة إسرائيل كي تستجيب للشرعية الدولية، وتناول بعض القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي تجرم الأبارتهايد وكافة أشكال التفرقة العنصرية وتطالب بمقاطعة الدول التي تمارسه ومقاطعتها، كما تناول جهود حركة المقاطعة وإنجازاتها.

ولفت إلى أن التقرير الذي صاغه البروفيسور ريتشارد فولك، وما تحدث فيه كُتب في تقرير "الاسكوا"، والذي قام بصياغته مع فرجينيا تيري، وهي بروفيسورة أمريكية كانت تدرس في جنوب أفريقيا، وكتبت كتابًا غاية في الأهمية "حل الدولة الواحدة" نظرة تاريخية وسياسية.

وحول تجربة جنوب افريقيا، ذكر بأن فكرة مناهضة الأبارتهايد بدأت من قبل عشرة أشخاص من أعضاء المؤتمر الوطني، اجتمعوا عام 58 في مدينة لندن، وذلك بعد عشر سنوات من مأسسة الأبارتهايد في البلاد.

وفيما يتعلق بإسرائيل، فإن مأسسة الأبارتهايد الإسرائيلي تتمثل في عشرات القوانين الأساسية التي صاغتها الكنيست والتي تطرق إليها تقرير الاسكوا، منها قوانين ملكية الأرض والزواج المختلط وقانون العودة وعزل السكان الفلسطينيين في كانتونات في كل من الضفة غزة، بل ان حصار غزة في سجن كبير هو أقبح اشكال الأبارتهايد، وهذا يشبه جنوب افريقيا من حيث ان العرق الأبيض يسيطر على أكثر مساحة من الأرض (88%) وأكثر الموارد.

وتحدث عن أربعة أعمدة ارتكز عليها النضال الافريقي في مواجهة الأبارتهايد: الكفاح المسلح، والذي ظل معتمدًا من قبل المؤتمر الافريقي، ولم يتم إدانته على الرغم من تغليب وسائل كفاحية أخرى في مراحل مختلفة وفقًا لمقتضيات الظروف وتوازن القوى.

أما العمود الثاني فقد تمثل في النضال السياسي السري، حيث تشكيل جبهة عريضة سميت الجبهة الديمقراطية المتحدة، وهي على شاكلة منظمة التحرير الفلسطينية، ضمت كل القوى اليمينية واليسارية لمناهضة الأبارتهايد، ولكنها لم تؤدّ إلى الحسم وإنهاء الفصل العنصري. العمود الثالث تمثل في الشروع بمخاطبة للمجتمع الدولي لتأييد العملية الديمقراطية في جنوب افريقيا، وتمت الحملة، وكان المقر الرئيسي لها في لندن، ومن مؤسسيها المناضلين جيرمي كورمن، والعمود الرابع هو التعبئة الجماهيرية، لضمان مشاركة الكل الجنوب افريقي، وليس فقط نخبة كما في الكفاح المسلح الذي يعتمد على جزء من الشعب، وتم التركيز على حملة المقاطعة الدولية حتى وصل الأبيض في جنوب أفريقيا إلى حالة يشعر نفسه بأنه منبوذ لو خرج إلى أي مكان.

وعن معيقات استلهام التجربة فلسطينيًا، قال عيد ان التنسيق الأمني يمثل العائق الأكبر، وهو أحد أشكال التطبيع الفج مع الاحتلال. وأضاف بأن أي لقاء بين فلسطيني وإسرائيلي لا يأخذ فيه الطرف الإسرائيلي بالحسبان كافة الحقوق الفلسطينية التي كفلها القانون الدولي ومنها ضمنها حق المقاومة؛ فان هذا يعتبر تطبيعًا، وهذا ما تمسك به الجنوب أفريقيين، لدرجة أنهم قاطعوا كل ما هو أبيض حتى الأفراد، بما فيها الخارج.

وعن إدراك إسرائيل لخطورة حملة المقاطعة في مواجهة عنصريتها، فقد أطلقت حملة دعائية عام 2004، وأنفقت فيها ملايين الشواقل حتى عام 2011، حيث تولت وزارة الخارجية الأمر في البداية، تم تحويل ملف مناهضة BDS إلى وزارة الشؤون الاستراتيجية، إضافة إلى منع دخول نشطاء المقاطعة العالمية لفلسطين، وإنشاء قاعدة بيانات لنشطاء المقاطعة، وملاحقتهم، واعتقلت عددًا منهم، بينهم عضو سكرتارية الحملة صلاح الخواجا، ومنعت رئيس حملة التضامن البريطانية من دخولها وأرجعته من مطار اللد.

وأشار إلى انه يمكن الاعتماد على أخلاقيات المواطن الأوروبي، مستدلًا على النجاح عام 2014 في استجابة ملايين الأوربيين ونزولهم إلى الشوارع، وكانت المسيرة الأكبر في لندن بعد زوال نظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا. وأكد على أن العالم مؤيد للشعب الفلسطيني، وأن الخطوات تأخذ وقتًا، لافتًا إلى أن المجتمع الدولي استغرق نحو 30 عامًا عندما استجاب لجنوب افريقيا.

وذكر بأن نشطاء دوليين عندما زاروا فلسطين أكدوا أن نظام القمع الإسرائيلي يتخطى بمراحل ما عاشته جنوب افريقيا في نظام الأبارتهايد.


من ناحيته، أكد إسماعيل مهرة، الباحث في مركز أطلس والمختص في الشأن الإسرائيلي، على أن القضية الفلسطينية هي قضية شعب يناضل من أجل تحرره الوطني ونيل حقه في تقرير مصيره، وأنه لا توجد جريمة أكبر من جريمة الاحتلال الاستيطاني الإحلالي الذي قام على المجازر والإرهاب والتطهير العرقي والتهجير، وأن ما ترتكبه إسرائيل من جرائم فصل عنصري هو جزء من جريمتها الكبرى والفصل العنصري هو أداة من أدوات انجاح مشروعها في القضاء على المشروع الوطني الفلسطيني.


وأعرب مهرة عن خشيته من أن يستهوينا شعار النضال ضد الأبارتهايد وتحشيد الرأي العام الدولي ضده على حساب مشروعنا التحرري، لما يحمله هذا الشعار من جاذبية، وربما سهولة تحشيد وعدم تكلفة أدواته وآلياته واعتماده على المقاومة السلمية.

وعبر عن مخاوفه من أن الرواج لمواجهة إسرائيل كدولة أبارتهايد يأتي في سياق ترجمة مخرجات الشعور بفشل مشروع دولة على حدود الـ 67، مثل الحديث عن مشروع الدولة الواحدة او دولتين ووطن واحد أو مشروع الفيدرالية بين النهر والبحر؛ ممّا يعمق حالة التشتت والشعور بفقدان البوصلة.
وأشار إلى أن الفلسطينيين نجحوا سابقًا في إصدار قرار من الأمم المتحدة يصف الحركة الصهيونية بالعنصرية، ثم تم إلغاؤه سنة 1991 بمجرد موافقة إسرائيل على المشاركة في مؤتمر مدريد.

ورأى مهرة ان إسرائيل لا تستطيع الدفاع عن نفسها كدولة احتلال استيطاني، لكنها تستطيع على الأقل ان تخلق تصدعات في اتهامها بأنها دولة أبارتهايد، وتستطيع ان تحاجج بالاستناد إلى قوانينها واحتواء هذا الاتهام.


وأوضح أن تحويل غزة إلى بانتوستان حقيقي، والضفة إلى مدن وبلدات خلف الحزام الاستيطاني المتصل، هو جزء من آليات الاحتلال الاستيطاني، وآليات فرض الأمر الواقع للقضاء على مشروعنا الوطني.


يمكن الاعتماد على المجتمع الغربي
أما الدكتور أحمد يوسف، القيادي في حركة حماس، فأكد أنه من المهم الاستفادة من التجربة الجنوب افريقية، وأننا طالبنا السفراء الجنوب أفريقيين بتقديم التجربة لنا.

وأشار إلى الحراك الشعبي الأمريكي المناهض لنظام الأبارتهايد في جنوب أفريقيا دفع الحكومة الأمريكية التي كانت تأخذ موقفًا مضادًا إلى موقف شعبها، وأعلنت مقاطعة نظام الأبارتهايد مؤخرًا وقطع العلاقات معه، وهو ما أدى إلى سقوطه.

وقال يوسف "خط المقاطعة الإسرائيلية مهم جدًا ويجب ألا نتجاهله، وفي نفس الوقت إسرائيل دول قوية ويمكن نصل للحالة التي وصل لها مانديلا بعدم القدرة على مواجهة إسرائيل عسكريًا، واللجوء لوسائل أخرى لمواجهة إسرائيل".

ولفت إلى أن هناك تحولًا في الرأي الأمريكي لأكثر من 50% باتجاه دعم القضية الفلسطينية، والاحساس بالتعاطف مع الفلسطينيين. وأكد على ضرورة تفاعل المؤسسات الفلسطينية بشكل جيد مع هذا توجه المقاطعة، لأن إسرائيل متضايقة جدًا منه.

بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن هذا النقاش مهم جدًا ومميز، لأن عملية التوعية والتحشيد ومقاومة العقبات الفلسطينية البطيئة محدودة.

وقال "في الواقع الفلسطيني مالم تعمر البيت الفلسطيني لا تستطيع أن تطالب الآخرين أن يقوموا بواجباتهم"، مضيفًا أن "هناك عقبة فلسطينية، نحن أقوى مؤشرات العنصرية والأبارتهايد من قبل الحكومة في المناطق المحتلة 48، لا يجوز ان تشتغل الحملة على خلفية الهدف السياسي".

وأشار إلى أن حركة المقاطعة تعمل على أساس واعٍ مبكر سبق الوعي السياسي الفلسطيني الرسمي، مؤكدًا على ضرورة التركيز على التشريعات والقوانين الإسرائيلية التي تصدر عن الكنيست مدعومة بالممارسات التي تتعلق بالعنصرية بشكل رسمي للاستنهاض على المستوى الخارجي.


ورأى أن ذرائع الحركة الصهيونية الأصلية التي استندت على أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض هي أن أصل الفكرة هي إحلالي استيطاني وتصفية الشعب الفلسطيني، وأن الحال الفلسطيني يشكل العقبة الاساسية أمام نجاح الحملة، خاصة أن إسرائيل ستجرم الحملات وتواجهها.
وتساءل: ماذا نحن فاعلون كفلسطينيين؟ خاصة أننا نقدم مبررات للمتضامنين في المجتمع الدولي لإضعاف حركة المقاطعة وإقناع الآخرين، في ظل أن عددًا كبيرًا من الدول تتعامل مع نصف الحركة الفلسطينية على أنها حركة إرهاب، مؤكدًا أننا كفلسطينيين ساهمنا في صياغة بعض هذه الدول ولهذا غابت الاستراتيجية.

ورأى أن تمسك المجتمع الدولي ببقاء دولة إسرائيل كحل للمشكلة اليهودية هو الفارق بينا وبين التجربة الافريقية، وأن الأيدلوجية اليهودية المرتبطة بالأرض هي أكبر من التجربة الافريقية.


من جانبه، عبد الرحمن شهاب، مدير مركز أطلس، تحدث عن ثلاث معوقات تحول دون استلهام التجربة الجنوب افريقية، وهي ان المجتمع الغربي يعتبر الدولة الإسرائيلية هي مشروعه لحل المشكلة اليهودية من جانب، ولتقسيم العالم الاسلامي من جانب آخر، وبهذا لن يقبل الغرب بأن توصف إسرائيل بالأبارتهايد، بخلاف دولة البيض في جنوب افريقيا، حيث لم تكن تشكل مشروعًا استراتيجيا له، والعائق الثاني هي الثقافة اليهودية التي ترتكز على العنصرية، ولا يمكن ان ينتهي الأبارتهايد الإسرائيلي إلا بتفكيك هذه الثقافة التي ستقف بكل قواها للدفاع عن نفسها، بخلاف ثقافة البيض في جنوب افريقيا، وأخيرًا الارتباط اليهودي بأرض فلسطين ليس كارتباط البيض بأرض جنوب افريقيا، فاليهود يعتبرون ان لا أرض لهم غير هذه الدولة، والتي تمثل يهود العالم، بينما جنوب افريقيا لا تشكل للبيض سوى إيجاد حل لبقايا الاحتلال الكولونيالي هناك.


أما الكاتب توفيق أبو شومر، اقترح أن يضاف للأعمدة الأربعة -التي اعتمدت عليها جنوب أفريقيا في مواجهة الأبارتهايد -كيفية ممارسة الأبارتهايد، واصفًا ما يجري في فلسطين من قبل إسرائيل بالأكبر من الأبارتهايد.


وتساءل ماذا عن الأبارتهايد الذي تمارسه إسرائيل ضد مكوناتها نفسها؟ مشيرًا إلى أن الطائفة السامرية يهودية مضطهدة من قبل إسرائيل، وعندما نستخدم ذلك كفلسطينيين سيكون أفضل لنا في إقناع الأوروبيين.


وأكد على أن المقاطعة الجامعية هي أكثر إيذاءً للإسرائيليين، إضافة إلى أنه يجب التركيز على القوانين العنصرية في إسرائيل وترجمتها للآخرين، مشددًا على أهمية الجهد الذي تقوم به حملة المقاطعة BDS.