الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا يحتفل المسيحيون الأمريكيون بسياسات اسرائيل الخانقة في بيت لحم؟

نشر بتاريخ: 23/10/2017 ( آخر تحديث: 23/10/2017 الساعة: 08:02 )
لماذا يحتفل المسيحيون الأمريكيون بسياسات اسرائيل الخانقة في بيت لحم؟
بيت لحم- معا- كتبت صحيفة هارتس الاسرائيلية مقالا قالت فيه "إن لغة نتنياهو وحكومته تشير بشكل متزايد إلى حرب دينية ضد الفلسطينيين تعتمد على استغلال الدين والنصوص المقدسة وليس حرباً سياسية، والإنجيليون الأميركيون هم جنود متحمسون لنتنياهو.

العالم يشير إلى أرض يسوع المسيح ومهد المسيحية ب "أرض السلام"، ولكن الواقع السياسي اليوم هو عكس ذلك تماماً.

لا توجد كلمات مناسبة لوصف حصر مكان ميلاد السيد المسيح، مدينة بيت لحم. فالمدينة محاطة ب 18 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية، وشبكات طرق وبنيات تحتية فاصلة. وقد تم قطع تواصل مدينة بيت لحم مع مدينة القدس البالغ من العمر 2،000 عام من قبل شبكة المستوطنات الإسرائيلية وسياسة الاستيلاء، الأمر الذي يقف أيضاً عائقاً أمام توسع مدينة بيت لحم.

نحن، أهل بيت لحم، قد تم فصلنا عن مناطقنا الداخلية، وحرمنا من حقنا في السيطرة على مواردنا الطبيعية، وأجبرنا على عبور نقاط التفتيش الإسرائيلية حتى للانتقال داخل الأراضي الفلسطينية. ومع ما تبقى من سيطرة محدودة على ٪13 فقط من محافظتها، فإن بيت لحم مثال على ما يعنيه 50 عاماً من الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين والفلسطينيين بشكل عام، ومسيحيي الأرض المقدسة على وجه الخصوص.

ومن السخرية أن أعداداً كبيرة من الإنجيليين المسيحيين، معظمهم من الولايات المتحدة، ستأتي في غضون أيام قليلة للاحتفال بهذه السياسات الإسرائيلية التي تخنق مكان ولادة السيد يسوع المسيح.

وقد حرص مكتب رئيس الوزراء على التعاون مع مختلف الوكالات في تطبيع الانتهاكات الإسرائيلية للقانون الدولي، بما في ذلك وزارة السياحة الإسرائيلية وما يسمى ببلدية القدس، وذلك لإشراك ممثلي "وسائل الإعلام المسيحية". ويضم المؤتمر الذي سيعقد في فندق اسرائيلي بني على اراضي فلسطينية مصادرة بشكل غير شرعي في القدس الشرقية المحتلة جولة لدعم الجدار غير الشرعي الذي يحيط بمدينة بيت لحم. كما يتضمن المؤتمر جولة الى أراضي مدينة بيت جالا لزيارة مستوطنة "جيلو" غير القانونية، مما يدعم تدمير إسرائيل لوادي كريمزان وانتزاع ملكية عشرات العائلات المسيحية الفلسطينية.

كسليل أحد أقدم العائلات المسيحية في بيت لحم، فقد تعلمت أن رسالة المسيحية هي رسالة المحبة والسلام والعدالة. هذه هي الرسالة التي نحتفل بها هنا في بيت لحم كل عيد ميلاد. ومع ذلك، فإن رسالة هذا المؤتمر ستكون من دعائم القمع والفصل العنصري. وسيمنح فيه المشاركون "مباركتهم الدينية" للسياسات غير القانونية للحكومة الإسرائيلية –والتي تعتبر انتهاكات ومخالفات بموجب القانون الدولي.

ان هذا المؤتمر ليس محاولة لتطبيع الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين فحسب، بل هو أيضا جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية المنهجية لاستغلال الدين والنصوص المقدسة كأداة سياسية.

قبل بضعة أسابيع، استخدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة الكتاب المقدس لتبرير الاحتلال الإسرائيلي، مثلما يواصل العديد من أعضاء الحكومة الإسرائيلية التحريض ضد الشعب الفلسطيني، مشيراً إلى "الحق الإلهي" في الاستيلاء على وطننا فلسطين. وهذا توجه خطير يهدف إلى تحويل مسألة سياسية إلى حرب دينية.

وعندما تحدث نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكي في عام 2011، قال، في إشارة إلى الضفة الغربية المحتلة: "إن هذه هي أرض أجدادنا، أرض إسرائيل... لا يمكن أن يؤدي أي تشويه للتاريخ إلى إنكار العلاقة التي يبلغ عمرها 4000 عام بين الشعب اليهودي والاراض اليهودية". للأسف، لم نسمع زعماء دينيين أمريكيين يتحدّون نتنياهو لوقف استخدام تفسيراته للكتاب المقدس لتبرير الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. هذا يذكرني بالفترة المظلمة عندما استخدم نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا الحجج "اللاهوتية" لتبرير سياساته العنصرية.

لقد أظهر التاريخ أنه لا يوجد شيء مقدّس في انتهاك حقوق شعب آخر. فبالتأكيد، المشاركة في جريمة لا ينبغي أن تسمى "نعمة".

وبصفتي رئيس بلدية بيت لحم المنتخب حديثاً، أشهد يومياً تأثيرات الدعم الأعمى لإسرائيل من قبل المسيحيين اخوتي في الدين، كما أشهد كيف تستخدم المواقف اللاهوتية المتعصبة لتبرير الظلم. ولكن لا لكنيسة تستحق أن تحمل مسمى كنيسة ان كانت تصدّر صورة لاهوتيّة خادعة لإنكار حقوقنا الأساسية كفلسطينيين.

وبالنسبة لأولئك الذين يختارون مساندة الجانب الظالم، أطلب منهم أن يتذكروا أصولنا كمسيحيين، وأن يحيوا رسالة الأمل العالمية المنبثقة من مغارة الميلاد في بيت لحم قبل 2000 سنة. وانّه فقط عندما تحترم الكرامة الإنسانية وتكفل الحقوق المتساوية، وينتهي الاحتلال الإسرائيلي ويصبح الفلسطينيون قادرين على تحقيق كامل إمكاناتهم على أرضهم، بإمكاننا القول إن السلام قد عاد إلى أرض السلام.