الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة المنامة وتكريس الانعزالية الأمريكية

نشر بتاريخ: 18/06/2019 ( آخر تحديث: 18/06/2019 الساعة: 20:07 )

الكاتب: د. مازن صافي


منذ شعاره الأبرز في حملته الانتخابية "أمريكيا أولا" برزت شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفيما حظي بتحالفات "مجانية" حتى قبل فوزه بالولاية، إلا أنه أخضع هؤلاء الحلفاء بإستثاء "اسرائيل" الى السياسة الغير نمطية والقرارات المفاجئة والتي شكلت انقلابا على القانون الدولي، وإن لم يظهر هذا التأثير حاليا على السياسة الخارجية الأمريكية، إلا أنها سيكون لها تأثيرات عميقة في المستقبل، وانعكاساته على علاقات واشنطن الخارجية مع حلفائها في العالم، وخاصة نتيجة قرارات انسحابها من اتفاقات ومنظمات دولية، منها بالانسحاب من معاهدات واتفاقات ومنظمات دوليـة، وجملة القرارات الدولية مع دول مؤثرة، خاصة مع ألمانيا والصين وروسيا والمكسيك، وقد ظهر واضحا رد فعل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي حذرت خلالها من "مخاطر الانعزالية الأمريكية في الوقت الراهن"، وهناك قرارات تخص منطقة الشرق الأوسط وتحديدا القرارات باعتبار القدس عاصمة لــ"دولة اسرائيل"، ونقل السفارة لها، وقرار الاعتراف بالسيادة الاسرائيلية على الجولان، ومحاولات اخراج ملفات مؤثرة من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي كحق العودة واللاجئين وشطب الاونروا وتنفيذ الحصار الاقتصادي على الشعب الفلسطيني والتحريض المباشر على القيادة الفلسطينية.

في ورشة المنامة الاقتصادية والتي ستعقد بعد أيام، لن يكون هناك أي ضمانات أمريكية للدول المشاركة أو حتى لدول الحلفاء، وهذه الورشة ستخصص كبوابة لتنفيذ صفقة القرن بشقها السياسي والاقتصادي وتطويع الدول الرافضة والبدء بالتطبيع الواسع مع دولة الاحتلال وبل ادخال "اسرائيل" كحليف اقتصادي قوي في المنطقة، ومحاولة نشر مشاريع اقتصادية ضخمة تخدم المصلحة الامريكية الاسرائيلية "أولا".

ان من عوامل فشل ورشة المنامة هو عدم احترام الولايات المتحدة الأمريكية للقانون الدولي، ولا يمكن فهم أي اتفاقيات وتنمية اقتصادية بمعزل عن السياسة، ولا يخفى على أحد أنه وبالرغم من مشاركة بعض الدول العربية في تلك الورشة ولكنها في حالة غضب من السياسة الامريكية وخاصة فيما يتعلق
بالقضية الفلسطينية، وايضا اعلانها انه لا حل بدون الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس .

ما سبق يؤكد أن ورشة المنامة ستزيد من الانعزالية الأمريكية وتعقيد أي إمكانية للاعلان عن صفقة القرن أو بناء حلف اقتصادي سياسي قوي، وستخرج القرارات فارغة من المضمون وغير قادرة على تحديد مواعيد للتنفيذ، مما يعني أنها ورشة علاقات عامة تخدم اسرائيل في انتخاباتها المتعثرة ويريد
ترامب أن يسجل اختراق دولي يخدمه في حملته الانتخابية القادمة لتنصيبه رئيسا لدورة رئاسية جديدة، واستنزاف وابتزاز الدول العربية البترولية.