الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فوضى السياسة في المنطقة

نشر بتاريخ: 17/07/2019 ( آخر تحديث: 17/07/2019 الساعة: 10:51 )

الكاتب: بهاء رحال

منذ جاء دونالد ترامب وتولى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية والمنطقة تعيش حالة من الفوضى والتخبط، فوضى السياسة والاقتصاد، وفوضى المواقف والتجاذبات بين الدول الشقيقة والصديقة، وفوضى الحاضر وترقب ما قد يحدث في المستقبل القريب، ويشتد السجال والباب مفتوح على مصراعيه أمام تداعيات لحظية ووقتية، بينما يمضي ترامب في محاولاته الساعية لتمرير سياسته الهادفة إلى بث المزيد من حالات الفوضى، والخلاف وشق الصفوف والمواقف لكي يسهل عليه تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، ولهذا فإنه يدفع بالمزيد من حالات الفوضى إلى المنطقة ويمنح كل من يحقق له غاياته كل أسباب الدعم، طمعاً في أن يلهث البقية نحو عتبات البيت الأبيض.
صحيح أن المنطقة برمتها تعيش فوضى لم تعشها من قبل، وهي تراوح مكانها بين انفصال هنا وانقسام هناك، حرب داخلية وحراك تصفوي، وتجليات من الفقر والبطالة وسوء السياسة والفساد وتعدد الجهات المعادية الطامحة بخيرات البلاد والعباد، وهذا جاء بفعل السعي الأمريكي لسرقة المزيد من أموال دول النفط، واضعاف المواقف العربية الضعيفة والمتهالكة أصلاً، وتقوية اسرائيل وتمكينها من البقاء كقوة عسكرية واقتصادية لها هيمنتها على دول الجوار، ولها الحق في سرقة المزيد من الأرض والحقوق، ولها أن تفتح علاقات تجارية وفق مصالحها مع من تشاء، وعلى البقية أن توافق دون رفض، وهذا ما يدور في الكواليس ونحن نرى بعض الدول العربية تلهث وراء تطبيع العلاقات مع اسرائيل، متغاضية عن كل ما جاء في المبادرة العربية للسلام، والتي تشترط عودة الأراضي المحتلة في مقابل التطبيع مع الكيان.
الكل يقف أمام منعطف خطير، وهو ما أراده ترامب وأعوانه في البيت الأبيض خاصة أولئك المكلفين بمتابعة ملفات الشرق الأوسط، فهم من الساسة الذين يتقنون بث الفوضى، ويحسنون صناعة الخلافات لكي تبقى كل العوامل تدور في الفلك الذي صنعوه وأسسوا له ليكون في هذه المرحلة محطة اختبار، ويسهل عليهم تنفيذ ما يخطط له، أو ما بات يعرف بصفقة القرن. الصفقة التي لم تعد تخفى على أحد، وهي لا تستهدف فلسطين وحدها، ولكنها تمتد لدول الجوار وما بعده، وتتخطى جغرافيا المنطقة العربية إلى المنطقة الاقليمية، وربما تتسع أكثر.
الفوضى السياسية في المنطقة هدفها واضح، وهو تحقيق مناخ مناسب لتمرير صفقة القرن، ولكن وكما هو معروف أن هذه الصفقة لن تأتي بالخير على أحد، ولن تؤسس للسلام والاستقرار في المنطقة، ولن تأتي بالخير للعباد والبلاد، والغريب أن البعض لا زال موافقاً عليها، والبعض يرفضها على استحياء رغم أنها تهدد مصالحهم ودولهم وممالكهم وعروشهم، فلماذا إذن هذا الرفض الناطق باستحياء، ولماذا لا تكون هناك جبهة رفض عربية واقليمية لهذه الصفقة المشبوهة؟ وما الذي ينتظره البعض من وراء هذا الصمت المطبق؟ وهل يبقى الرهان على الفلسطيني وحده في الرفض؟ وما الذي وفره الأشقاء والأصدقاء ليبقى الفلسطيني واقفاً قادراً على مواجهة هذا المخطط الكبير وهذه الصفقة الكبرى؟ وإلى متى سختبئ البعض خلف ظهر الفلسطيني الذي قال لا والف لا لصفقة القرن، ويخرب بيتك يا ترامب.
أظن أن هناك القليل من الوقت، لتشكيل جبهة رفض قوية وقادرة على تأسيس محور متماسك لدرء الشر عن العالم، ووقف المخطط الزاحف نحو المنطقة، وهذا ممكن في المدى القصير، وإلا فسوف يدفع الكل الثمن، ثمن الضعف والسكوت والهوان، يوم لا ينفع البكاء والعويل.