الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

"بدنا انتخابات" الإرادة الجماهيرية الفلسطينية أقوى من المدافع!

نشر بتاريخ: 16/10/2019 ( آخر تحديث: 16/10/2019 الساعة: 17:33 )

الكاتب: محمد بسام جودة

"بدنا انتخابات" شعار بدء يلوح في ساحات الوطن المثقل بالخيبات ، احتلال وإنقسام وإخفاقات في كل المجالات والاتجاهات ، ووضعمعيشي قاسي أرسي بضلاله علي شعب تحمل ما لا يتحمله بشر علي الإطلاق ومرحلة باتت حتماً لا تطاق .

حقيقة أن جميعنا يدرك بأن الانتخابات هي فعل ديمقراطي واجراء دستوري وحق أصيل للشعوب لاختيار من يمثلها في برلماناتها أو فيرئاسة أوطانها علي حد سواء ، هذا الحق لا يمكن أبداً لأي جهة حاكمة كانت أن تمنعه عن شعبها بكفالة القانون والدستور ، بإعتبار أنالانتخابات حقاً من حقوق الناس، وواجباً عليهم تطبيقه لضمان تفعيل دورهم الإيجابي في الحياة السياسية في مجتمعهم ووطنهم ، لكنيبدو أننا كفلسطينيين وبعد تجربة الانتخابات عام ٢٠٠٦ ، قدمنا نموذجاً سيئاً وفريداً في نفس الوقت علي مستوي العالم بهذا الشأن ،ويبدو أيضاً أن لدي النخبة السياسية في فلسطين رأي مختلف في هذا الاطار أو ربما ثقافة مختلفة مبنية علي العنف والبطش والإقصاءوالتهميش ، وأصبحت هذه الثقافة جزءاً من عقلية من يحكم الفلسطينيين وتأصلت عندهم أكثر من ثقافة الانتخابات التي علي ما يبدويريدونها لمرة واحدة و أن يحكموا حكم الا منتهي.

إن الحالة الراهنة بعد ١٤ عام من زمن آخر عملية انتخابية مارسها الشعب الفلسطيني ، ومنذ ذلك الوقت يعيش الفلسطينيين خيبات متتالية، وانقسام كارثي أدي لإنهيار بنيوية المجتمع ومنظومته علي كافة الأصعدة ، هذا بالاضافة للتراجع إن لم يكن الفشل في إدارة الملفالسياسي و الصراع مع اسرائيل التي تستبيح أرضنا ومقدساتنا وأهلنا في القدس .

لا شك أن عودة الحديث بقوة عن الانتخابات في الشارع الفلسطيني لاسيما الحملة الشعبية "بدنا انتخابات" ، بعد أن أعلن الرئيس محمودعباس (الذي يحتاج لتجديد شرعيته) من علي منصة الامم المتحدة ، أنه ذاهب بإتجاه إجراء الانتخابات الفلسطينية ، وما ترتب علي ذلك مناجتماعات ولقاءات للجنة المركزية لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ، واعطاء التعليمات لرئيس لجنة الانتخابات للحوار مع الفصائلكافة وفي مقدمتها حركة حماس التي باتت هي الاخري بحاجة لتجديد الشرعيات الفلسطينية ،لاسيما وأنها تستحوذ علي ما نسبته ٧٤ مقعدفي المجلس التشريعي المنتهية ولايته ، وفي ظل حالة الفشل لتجربة حكمها في غزة وما ترتب عليه من معاناة حوالي ٢ مليون مواطن ، وسوءالحالة الاقتصادية والاجتماعية وتدهورها لسكان القطاع مع زيادة نسبة الفقر والعوز والبطالة ، وفي ظل ممارسات السلطة الفلسطينية عليسكان غزة وما تبعها من فرض عقوبات واجراءات طالت لقمة عيشهم وضربت أدني مقومات حياتهم في مقتل ، وفي ظل المخاطر التي تحدقبالقضية الفلسطينية ، ومخططات الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة التي تسعي لها الادارة الامريكية واسرائيل ، ومشاريع التصفيةللقضية الفلسطينية وفشل المفاوضات وتوقفها بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، بالاضافة للانقسام الفلسطيني وهو الاخطر عليالفلسطينيين منذ النكبة، كل ذلك مؤشرات تقول أن الحالة الفلسطينية الراهنة باتت عاجزة ومتهالكة ولا تقوي علي إنجاز أي شيء لصالحالفلسطينيين ، وأن الانتخابات باتت مطلباً ضرورياً وعاجلاً ولا بد من تحقيقها وأن الارادة الشعبية باتت أكثر قناعة و عزماً وإلحاحاً بضرورة الخلاص من هذه الحالة المزرية من خلال صندوق الاقتراع وهو المخرج الوحيد من هذا الواقع المرير والمؤلم وهذا العجز والفشل الذي أظهرتهالفصائل وقيادتها السياسية في عدم قدرتها علي تحقيق الوحدة الفلسطينية وانهاء الانقسام الجاثم علي صدور أبناء شعبنا منذ ما يزيد عن١٣ عام ونيف.

إن التوافق علي اجراء الانتخابات فلسطينياً أمراً مهماً وضرورياً وهو الخيار الأمثل، وبرأيي أن التوافق ليس معضلة أو اشكالية بينالفلسطينيين لاسيما عند من يحكم في الضفة أو غزة ، إذا توفرت النوايا الصادقة والارادة الحقيقية في احترام رأي الشعب وإعطائه حقهالذي كفله له القانون في ممارسة الفعل الديمقراطي لاختيار وانتخاب من يمثله ويقرر مصيره ويتحدث في شؤونه، غير ذلك وفي حال تمتجاهل مطالبات الناس ومصادرة حقوقها ومحاولة تكميم أفواهها وطمس أحلامها والقضاء علي ما تبقي من مستقبل لها ولأبنائها ، هنا لا بدمن تدخل الإرادة الجماهيرية الحقيقية علي أرض الميدان وفي ساحات الوطن ولا بديل عن ذلك ،لإنتزاع الحق الشعبي المسلوب وإستعادتهوفرض الانتخابات بقوة الجماهير وهي القوة الأقوي من مدافع المتخاصمين السياسيين وشركاء الانقسام ، وهذا الخيار الأخير والحل الوحيدالذي يبقي أمام شعبنا وقواه الحية.