الجمعة: 19/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطين وقيس سعيد

نشر بتاريخ: 22/10/2019 ( آخر تحديث: 22/10/2019 الساعة: 11:45 )

الكاتب: عماد عفانه

لم تحظى تونس منذ استقلالها عام 1956 برؤساء يتميزون بالنزاهة الشخصية والطهارة السياسية، يجاهرون بالوقوف مع فلسطين ومعاداة "اسرائيل" إلا مرات معدودة، آخرها كان ما أنجبته صناديق الاقتراع في الانتخابات النزيهة التي جرت في تونس مؤخرا وهو الرئيس قيس سعيد.
قيس سعيد، الذي يبدوا مختلفاً ليس في طبيعة شخصيته الأكاديمية ومواقفه المبدأية فقط، وإنما في السياق التاريخي الذي جاء فيه أيضا، كثمرة للربيع التونسي، ما ولد ردودا تراوحت بين اللطميات بين فئات ودول بعينها، وما بين الفرح والاحتفال من عموم الشعب التونسي والفلسطيني على حد سواء وبين أحرار العالم.
نزاهة الرئيس سعيد الشخصية وطهارته الأخلاقية ومبدأية مواقفه، هي أحد أهم أسباب فوزه بنحو 72% من أصوات التونسيين، وهو ما تبحث عنه فلسطين في رؤساء الدول العربية.
قد لا تكفي الاستقامة والنزاهة لتبوأ منصب الرئاسة، لكن ما فائدة البراعة في الادارة والسياسة مع غياب الاستقامة والنزاهة والطهارة، كل الشعوب في دولنا العربية تتوق لرؤية قادة أطهار من خارج الجوقة الفاشلة للحكام العرب.
كل الشعوب في دولنا العربية تتوق لرؤية ما تنجبه إرادتهم الحرة عبر صناديق الاقتراع، حتى لو كان الذي اختاروه لم يتولى أي مسؤولية سياسية سابقة، فلم تنزل الخبرات مع حكامنا عندما ولدتهم أمهاتهم.

كل الشعوب في دولنا العربية تتوق لرؤية رؤساء أحرار من الارىتهان لسياسات وحسابات أحزاب أو مصالح كارتيلات أو حيتان الدول العميقة في الأنظمة.
من حقنا أن نترقب كيف ستكون سياسة قيس سعيّد تجاه التجاذبات الدولية، خصوصا بعدما أعلن بكل وضوح وجرأة أنه مع الحق الفلسطيني، وأنه يجرم بل يخون التطبيع مع العدو الصهيوني، في تصحيح عالي المستوى للمفاهيم الحقيقية وللمبادئ السياسية التي يجب أن تحكم العلاقة مع كيان العدو.
نحب كفلسطينيين أن نرى رؤساء العرب كما الرئيس التونسي رئيسا لكل التونسيين المعارضين قبل المؤيدين، يعملون على رفعة دولهم ورفاهية شعوبهم، فقوة العرب قوة لفلسطين، وحرية العرب ستقرب موعد الحرية لفلسطين، وكرامة العرب لا تتحقق دون إعادة الكرامة لأحرار فلسطين وماجداتها، الذين ينافحون بصدورهم العارية عن أولى القبلتين.
فلسطين تحب أن ترى قيس سعيد وزعماء العرب يفتتحون المصانع والمزارع الجامعات والمشاريع الكبرى، بدلا من فتح السجون والزنازين للمعارضين.
فلسطين تحب أن ترى قيس سعيد وزعماء العرب يضعون العدو الصهيوني محتل الأرض ومدنس المقدسات في موقع العدو لا الصديق، وتجييش كل امكانات دولهم لمقاطعته وعزله وحصاره وحربه عوض التطبيع معه.
فلسطين تحب أن ترى قيس سعيد وحكام العرب يفتحون أبواب بلادهم للفلسطينيين وسائر شعوبنا العربية بلا فيز أو تأشيرات، للتعلم والعمل ليقوى عودهم وتنسد صمودهم.
فلسطين تحب أن ترى قيس سعيد وحكام العرب يرفعون عقيرتهم وتعلوا أصواتهم بخطط واجراءات تعيد لشعوب الامة الأمل بالوحدة والرفاهية، والتحرر من كارتيلات الفساد والخيانة، وارثوا الاستعمار وأدواته.
فلسطين تحب أن ترى قيس سعيد وحكام العرب يحظون بالالتفاف الشعبي، وبالاجماع الوطني، ويقودون بلادهم نحو التنمية والازدهار والتحرر من كل التابوهات التي رسمها المستعمرون لضمان استمرار الصراعات والخلافات في بلادنا.
فلسطين تريد بالعرب وبالرؤساء وصلا وثيقا حتى لا ينطبق علينا قول قيس:
فحل بنا الفراق في ساعه معا فمت ولا تدري وماتت ولا ادري