السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

رئيس الشاباك خدع نتانياهو وورطه في نار غزة ومصيدة أبو عطا

نشر بتاريخ: 13/11/2019 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:11 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

مثل غيره من رؤساء جهاز الشاباك ( جهاز المخابرات الاسرائيلي الداخلي ) ، غرق رئيس الشاباك نداف أرجمان في التفاصيل لدرجة الثمالة . خدعته تقارير الجواسيس والعملاء والرصد والتنصت حتى أصبح عاجزا عن فهم ألف باء السياسة والإستراتيجية .عاجز عن  التمييز بين قيمة شخصية قيادية واّخرى ,,,, وقع في الفخ وتخيّل له أنه قادر على القيام بأي شئ وأنه يملك القدرة على إعتقال من يشاء وإغتيال من يشاء . وهو لا يعرف أن هذا المرض يسمى ( مرض رؤساء المخابرات الاسرائيلية القاتل ) . جميعهم مرّوا من هنا ، وجميعهم تحطّموا على هذه الصخرة .
حامل الفيروس هو رئيس الشاباك السابق وعضو الكنيست وعضو الكابينيت الحالي القاتل اّفي ديختر . هو من الجيل الثاني من رجال المخابرات الاسرائيلية وترعرع في أجواء الحرب الباردة الحقيرة والاجرامية وعلق فيها ، ولا يستطيع الخروج من هذه المرحلة حتى يومنا هذا . عاش ديختر أمجاده في فترة الرئيس الامريكي رونالد ريغان والرئيس السوفييتي ليونيد بريجينف ، تربّى على دسائس المخابرات ونذالة أعمالها الاجرامية مثل دس السم لمعارض سياسي أو خنق صحفي او دهس زوجة مناضل .. تدرّب على اغتيالهم طلبة الجامعات في المصاعد او خنقهم في أنهار اوروبا . وفي تلك الفترة فقد إنسانيته وفقد عقله وأصبح مريضا يحتاج الى علاج عقلي ونفسي .
نداف أرجمان تولى رئاسة جهاز الشاباك في فترة ضعف كبير للقيادة السياسية الصهيونية ، وكان أمامه طريقان : طريق السلام والقناعة بضرورة حل الصراع مثلما فعل زميله السابق كرمي جيلون وطريق الإجرام والقتل والاغتيال وإنعدام الشفقة ، وملاحقة طلبة الجامعات وزوجات المناضلين مثلما فعل زميله السابق اّفي ديختر .
حاول أرجمان مرارا فتح قنوات مع القيادات السياسية العربية وقدّم نفسه على أنه رجل سياسي عاقل مثل كرمي جيلون . ثم صار مؤخرا يميل الى شخصية المجنون الهستيري اّفي ديختر ، فإعتقل طالبات الجامعات في الضفة الغربية وأرسل جواسيسة الى خانيونس واختطف هبة اللبدي وكاد يقتل الاسير العرابيد وأخيرا خطط ونفذ اغتيال بهاء ابو العطا .
نداف أرجمان يتحطّم على ذات الصخرة التي تحطم عليها رؤساء الشاباك الذين سبقوه . يفقد عقله في التفاصيل ، ويتحوّل من قائد جهاز الى جندي صغير عند سارة نتانياهو وزوجها .
التقارير الاستخبارية التي وصلت الى رئيس الشاباك الحالي قالت : إن حماس لن تتدخل في القتال اذا ما قامت اسرائيل بإغتيال بهاء ابو العطا . وهذه التقارير خدعته ودفعته الى الإسراع بتنفيذ الجريمة .. ولكنه لم يكن يعرف أن الجهاد الاسلامي منظمة قادرة على خوض المعركة لوحدها ، وأنها سوف تقصف تل ابيب وتجعله أضحوكة بين جنرالات اسرائيل .
لم تنته الجولة بعد ، وصار لها إرتدادات اقليمية ذات أبعاد خطيرة ، من اليمن الى دمشق الى العراق الى غزة الى لبنان .
بعد سنوات قليلة سيخرج رئيس الشاباك الى التقاعد ، ويجلس على كرسي في شرفة منزل فقير . ويكتب في مذكراته أنه امتلك الفرصة ذات يوم ليكون جنرالا سياسيا كبيرا ومؤثرا في حل الصراع ، ولكن ركض يلهث وراء الجواسيس واغتال رموز شعب اّخر واعتقل الصحفيين ونكّل بهم ، وطارد طالبات جامعة بير زيت واعتقل الارامل وأمهات الضحايا ..
كتب احد الصحفيين الاسرائيليين ذات يوم ( من المفارقات العجيبة ، أن رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن وهب كل حياته لمحاربة العرب . وحين مرض لسنوات طويلة وجلس في شقة فقيرة بحي المالحة بالقدس . لم يعد يزوره السياسيون والوزراء الصهاينة الذين صنعهم هو ) . ويضيف الصحفي الاسرائيلي ( ذهبت الى زيارته ولم أجد عنده أي احد ، سوى ممرض عربي من بلدة صور باهر كان يناوله الدواء ويساعده على تناول الطعام .. وأضاف مستغربا : ان الذين قاتل بيغن من أجلهم وأفنى عمره لأجلهم لا يأتون لزيارته ، وامّا هذا العربي الفقير ، تراه يقف بكل أمانة ويناوله الدواء ويشفق عليه ) .
نداف أرجمان إختار الطريق الثاني .. طريق اّفي ديختر .