نشر بتاريخ: 17/12/2019 ( آخر تحديث: 17/12/2019 الساعة: 11:14 )
الكاتب: عماد توفيق عفانة
شكل الإعلان الأمريكي باعتبار الاستيطان الصهيوني في الضفة المحتلة شرعيا، انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، ولا سيما المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، إضافة لمخالفته مواقف كل من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، والتي أكدت جميعها على عدم شرعية المستوطنات، وأنّ وجودها يشكل انتهاكًا جسيمًا للقانوني الدولي.
صحيح أن القرار الامريكي لن يغيّر من الواقع القانوني للاستيطان شيئًا، إلا أن العدو الصهيوني سيتخذ من القرار الأمريكي جسرا لبدء عملية تهجير وتطهير عرقي جديدة متسترة بالقرار الأمريكي.
الولايات المتحدة ليس لديها تفويض من مجلس الأمن، كما ليس لديها وكالة من الشعب الفلسطيني لشطب أي مادة من القانون الدولي أو تغيير الإجماع العالمي بما يخص قضيته الوطنية.
موقف الاتحاد الأوروبي من جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الذي شدد على عدم قانونيتها بموجب القانون الدولي، يثبت مجددا الانقسام بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة التي باتت تتخذ قرارات ذات طابع دولي لدواعي انتخابية، حتى لو كانت هذه القرارات تضعف من صلاحية حل الدولتين الذي طالما روجت له الإدارة الأمريكية، وبين مواقف الاتحاد الأوروبي.
يبدو أن إسرائيل باتت ومن حيث تدري او لا تدري تسعى حثيثا نحو انجاز طقوس اللعبة القاتلة، عبر عدد من الخطوات التي تستهدف تغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي للأراضي الفلسطينية، بما يكمل صورتها التوراتية كدولة يهودية تحيط بها الجدران من كل جانب، قبل أن تنشب معركة النهاية، وذلك عبر بناء إسرائيل للجدران الفاصلة وتوسيع المستوطنات، وعمليات المداهمة والاعتقال والحواجز وإطلاق النار العشوائي واعتداءات المستوطنين المتصاعدة، الأمر الذي لا يعيق بشدة قدرة الفلسطينيين على ممارسة حقهم في تقرير المصير فحسب، بل يعيق ممارسة حياتهم اليومية بأريحية، ربما لدفعهم نحو عملية تهجير جديدة.
"إسرائيل" تتخذ كل يوم من الإجراءات ما يعقد من طبيعة الصراع الوجودي مع الفلسطينيين، فيما تصبح "إسرائيل" منبوذة في العالم أكثر وأكثر، فعمليات مقاطعة المنتجات الاستيطانية في أسواق الاتحاد الأوروبي بما يتماشى مع القانون الدولي تتوسع، وإجراءات المقاطعة للشركات والهيئات والمؤسسات التي تتعامل مع العدو التي تقودها BDS تتوسع أيضا.
حبل الناس الذي كان يمد الكيان الصهيوني الفاسد بكل ما يلزم ليصنعوا كيانهم هنا في فلسطين، وبعيدا عن اراضي أمريكا وأوروبا، وزودوه بكل أدوات القتل والحرب لتحقيق مصالح الغرب.
هذا الحبل بدأ يصيبه الضعف والوهن، وبات اليوم الذي سينقطع فيه قريبا، عندما تتعارض المصالح، ويصبح هذا الكيان الصهيوني عبئا وخطرا ووبالا على الغرب نفسه ويهدد مصالحهم في المنطقة، التي باتت تشهد صحوات شعبية لن تبقي من أثر أنظمة سياكس بيكو التي وجدت لحماية كيان العدو شيئا.
ربما لا يجب أن يغضب الفلسطينيون كثيراً من الخطوات الصهيونية التي تستهدف إكمال تهويد وابتلاع الضفة، أو القيام بعملية تهجير واسعة جديدة فيها، لأنها ببساطة ربما طقوس اجبارية لإنهاء المأساة التي ينقشها اليهود على عظامنا، ولأنها ببساطة ربما أحد أهم شروط إنهاء هذا الكيان.