السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

قراءة تنظيمية لحركة فتح في ظل استقلالية القرار

نشر بتاريخ: 17/12/2019 ( آخر تحديث: 17/12/2019 الساعة: 12:08 )

الكاتب: يونس العموري

يكون القرار باستقلالية ارادة اتخاذ القرار، وهو القرار المُنتظر بكل اروقة المحافل والصالونات وصناعة اللحظة للهيكل الخشبي القادم الذي اصبح إلها مبجلا ، منفذا للقرار الصادر من كل العواصم ويظل السؤال الباحث عن اجابة منذ حين ، فيما يخص استقلالية القرار الوطني الفلسطيني ؟؟ وهل ثمة قرار وطني فلسطيني مستقل بامتياز في ظل معادلة الدول المانحة وتلك العربية والمتوسطية والاقليمية ..؟؟ والذي قد يأتي في إطار الحلقة الأولى من مسلسل إعادة ترتيب المنطقة على قاعدة تحقيق التسوية السياسية كمقدمة لإعادة ترتيب الملفات الإقليمية وحسمها وفقا لإرادة العواصم الدولية التي بلا ادني شك لها الارتباط الجدلي بالعواصم الإقليمية ذات التأثير بالمعادلة الإقليمية عموما!!
وعاصمة اللحظة فلسطينيا باتت تعيش بحالة ترقب وانتظار لانعكاسات قرار تلك العواصم عليها وعلى ملفاتها، وإعادة ترتيب داخلها .. اذا تجد رام الله العاصمة السياسية لسلطة القرار الفلسطيني في حالة مرتبكة جراء تداعيات ما بات يُعرف بقرار العواصم العربية بضرورة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي وبشكل خاص بضرورة إعادة ترتيب واقع فتح من خلال لم الشمل الفتحاوي ... وبالتالي مرة أخرى تجد حركة فتح نفسها أمام استحقاق من نوع جديد وآخر، وهو الاستحقاق الذي بدأ البعض بالتنظير له وصولا لجعله مادة أساسية من مواد السجال الفتحاوي الراهن، بالإضافة للكثير من الملفات الأخرى والتي تعصف بها الساحة الفتحاوية حاليا.
ولعل ما يسمى بضرورة إجراء المصالحات المحورية ما بين أقطاب حركة فتح سيذهب بفتح إلى وقائع جديدة، من أهمها أن المصالحات المزعومة ستكون على حساب أدبيات وثوابت ورؤى فتح، إلا إذا ما اعتبرنا ان الخلافات الفتحاوية خلافات شخصية بالأساس، وهو ما لا نستطيع تثبيته والإعتداد به على اعتبار أن هذه الخلافات بجوهرها ما هي إلا نتيجة طبيعية لتضارب المصالح أولا لقادة فتح وما يمثلون (إذا ما جاز التعبير)،ولتضارب المناهج السياسية ثانيا، بل إن هذه الدعوات للمصالحة تأتي في سياق التنازع والتصارع على قيادة الحركة ومحاولة خطفها أو اختطافها وجرها إلى أماكن أخرى غير أماكنها الطبيعية للتصدي لمهمات من نوع آخر وجديد، بهدف تمرير الحل السياسي التسووي الذي أصبح بشكل أو بآخر أحد المهمات الملصقة والمتبعة بفتح قسريا، وكأن المسألة التسووية قد أصبحت محتكرة من قبل فتح، وهو ما يسيء وبشدة لحركة بحجم فتح وبتاريخ فتح، الأمر الذي يعني برمجة فتح وفقا لملف تفاوضي ليس أكثر، وممارسة فنون العملية السياسية دون اي إسناد فعلي من قبل الحركة الجماهيرية الشعبية بما يتوافق وقوانين فعل التحرر من الاحتلال، بل إننا بتنا نسمع الكثير من الأطروحات التي صارت تنادي بضرورة تغير المعالم البنيوية الأساسية في فتح.. واعتقد أن المناخ السياسي الراهن يتسم بضغوط دولية ومكثفة على فتح وقادتها ليقوموا بإخلاع فتح ثوبها الحقيقي، وذلك من خلال بوابات المصالحات المزعومة التي حتما سـتأتي مع أطراف فتحاوية لها وجهات نظر متناقضة ومتضاربة وفتح ذاتها...
والسؤال الذي يطرح مرارا وتكرارا ما هو مستقبل حركة فتح نتيجة انقساماتها وصراعاتها الداخلية وأزمة القيادة وأزمة الرؤية إضافة إلى هزيمتها "التاريخية" أمام حماس في الإنتخابات التشريعية السابقة...؟ وفيما بعد الهزائم المتصلة بالانتخابات هنا وهناك ... الأمر الذي فرض ويفرض تحديات جديدة امام فتح حينما يكون التوجه نحو انتخاباات عامة جديدة ، وأين هي هذه الحركة التي قادت الشعب لسنوات طويلة ..؟ هل هي شرائح اجتماعية متناثرة أم تنظيم لجسم هلامي أم مؤسسة حقيقية ولكنها لم تنهض من "الهزيمة"؟
يمكن القول إن هناك أزمة قيادة في حركة فتح، وفي هذا السياق لابد من الإعتراف بأن القيادة تخلقها بالأساس المهمات التي تناط بها وفقا وانسجاما والبرامج السياسية والكفاحية المتوافق عليها بشكل جماعي إجماعي، وحينما تفقد فتح برامجها الإجماعية فحتما ستصاب القيادة بشيء من العجز وهو ما نشهده بالظرف الراهن... والأهم من كل هذا... مصالحات من مع من..؟؟ وما هي طبيعة الخلافات بين قادة فتح وأمراءها..؟؟
اعتقد أن المسألة تتمحور ما بين مناهج متضاربة متصارعة بالجسم الفتحاوي... والقائد أو القيادة هنا جزء من فعل الصراع على رأس فتح، وحركة كفتح لا يمكن أن تنهض دون مواجهة ومجابهة نقدية فعلية ما بين قادتها لغربلة الأطروحة السياسية والبرامجية لقادتها، وفتح لا يمكن أن تستوي أمورها من خلال عقد المصالحات بين القادة بشيء من التنازلات وبناء تحالفات ائتلافية تخدم مرحلة ما بعد المصالحة للعبورالى استحقاق الانتخابات العامة...
حيث أن القيادة الراهنة (التي تتصدر فتح )من الواضح أنها ليست محاربة وليست زعامتية بالمفهوم القيادي، بل هي نسيج من النخبة التقليدية تمارس مهمة وظيفية تفاوضية في مرحلة قد تكملها أو لا تكملها...... وأمامها مهمة تأمين الوقائع المعيشية للشعب الفلسطيني بالتعاون مع أطراف سياسية مستحدثة على الساحة الفلسطينية لها إرادة أخرى غير إرادتها وهو الملموس والواضح في الأداء الفلسطيني الراهن، وكأن "فتح" لها دور محدد ومرسوم بالواقع المعاش، يتلخص بمنح الشرعيات من جهة وتوفير شبكات الأمان لمحترفي الفعل السياسي الدبلوماسي حسب نصوص ومفاهيم النظام العالمي الجديد.
إن إجراء المصالحات الداخلية ما بين أقطاب حركة فتح لا بد أن يتم على أسس عملية وواقعية، الأمر الذي يعني أن حركة فتح عليها إعادة إنتاج خطابها وبرامجها واصلاح أطرها التنظيمية وإعادة الحيوية لمؤسساتها وأجهزتها وتجديد لوائحها وتفعيل كادرها وعناصرها وبرمجة نشاطاتها وفعالياتها على أسس عملية التحرير والتحرر، وكل ذلك لابد من ان يرتبط بالإجابة على السؤال الأهم من قبل قادة فتح ومؤسساتها التشريعية، هذا السؤال الذي لابد من أن تجيب عليه فتح حتى يتم تحديد المسار الفعلي لهذه الحركة، وهو السؤال الذي من خلاله ستكون إعادة رسم الخارطة الوجودية لفتح، وعليه ستتم المصالحات ومن قبلها الإصلاحات.
وهو السؤال المرتبط أيضا بتحديد آليات وأساليب ووسائل عمل فتح بالظرف الراهن وعلى المدى المنظور، بل إن هذا السؤال سيحدد أيضا مصير المصالحات المزعومة وعلى أي الأسس ستقوم، حيث لابد من أن توصف فتح طبيعة المرحلة ومفاهيمها. بمعنى لابد لفتح من أن تجيب على تساؤل ماهية المرحلة بنظرها وهل هي مرحلة تحرر وطني أم أنها مرحلة بناء السلطة على طريق بناء الدولة فقط لا غير...؟؟
بمعنى أن على فتح أن تواجه المرحلة بتحديد مفاهيمها من وجهة نظرها، وبالتالي مواجهتها لمتطلبات المرحلة ومجابهة تداعياتها وعلى مختلف المستويات والصعد... وعدا ذلك تأتي الدعوة للمصالحات في فتح وكأنها محاولات لإعادة إنتاج قيادة فتحاوية من الممكن بلورتها لأهداف انتخابية ليس أكثر..
واذا كانت العواصم لها توجه وقرار بهذا الشأن فلابد لفتح الحركة والمؤسسة والقاعدة ان تكون لديها القرار التنظيمي الذي يعكس حقيقة توجهات فتح الوطنية المستندة على أسس العملية الكفاحية بالاشتباك مع الاحتلال على مختلف الجبهات والمستويات الأمر الذي سيفرض بالنتيجة القرار الوطني المستقل على الكل، من هنا فإن مواجهة تلك العواصم سيبقه بالأساس مواجهة فتح لفتح ...