الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الفاتح من يناير هو عيدنا

نشر بتاريخ: 19/12/2019 ( آخر تحديث: 19/12/2019 الساعة: 20:02 )

الكاتب: رشيد حمدان

بإعتقادي ودون الإستناد إلى أية إحصائية رسمية يكاد الشعب الفلسطيني أن يكون من أكثر شعوب الأرض إهتماما بالأخبار. وعلى الرغم من اهتمامه بأمور السياسة.. إلا أنه يهتم بغيرها من الأخبار مثل أخبار أهل الفن كزواج هيفا وطلاق إليسا، أو أخبار الرياضة كأهداف رونالدو وروعة لعب ميسي، وبكم مثلا بيع كوتينيو وكم هدفا سجل بالنادي الجديد.. لندخل بعدها نقاشا بدوائر العمل الحكومي لمعرفة أن النادي ربح أو خسر بهذه الصفقة ،فهذه هي تسليتنا حيث لا عمل لدينا سوى النقاش حول صفقات اندية الليجا.

وطبعا لا بد من متابعة أخبار الإقتصاد وخصوصا بعد تداول أخبار الشيكات المرتجعة بدون رصيد والتي قد تجاوزت ٣٢٠ مليون دولار بالربع الثاني من عام ٢٠١٩.

كما نهتم أيضا بأخبار الطقس والتي بالعادة تكون عارية عن الصحة، فقد ننتظر منخفضا جويا وبردا قارسا وثلوجا تمنعنا من الخروج من منازلنا ، لنذهب قبيلها ونشتري كل الأشياء من كل البقالات، حتى معجون الأسنان ومربى المشمش لنجلس بعدها ونحتضن مدفأة الغاز وننتظر الضيف الأبيض الذي لن يأت ابداً ، ولا حتى حبة مطر واحدة، فقد حل الثلج ضيفا على مدينة جدة.

وطبعا ناهيك عن عشقنا بمعرفة من أعتقل الليلة الماضية من قبل جيش الاحتلال بمديتنا أو مدن أخرى أو قرى ، ومن توفي بحادث سير أو بدون حادث سير بمحافظتنا أو بمحافظة أخرى ، وحتى نشاطات شرطة مكافحة المخدرات ... فقد يكون جارنا الذي يزرع البقدونس قد غرس شتلة من القنب الهندي في مزرعته البسيطة.

وبسبب إهتمامنا بالأخبار بكل أشكالها... تجدنا من أكثر شعوب الأرض إشتراكا بخدمة العاجلة.

وكوني أنتمي لهذا الشعب العظيم أشترك بكل خدمات الأخبار العاجلة التي ترسل لي رسائل قصيرة عبر هاتفي النقال لأعرف ماذا حصل وأين وكيف .

أنتفض عندما أسمع رنة هاتفي فربما هناك خبرا يستحق نقاشا نخوضه بينما نتحدث بحديثٍ أشبه بعصر حبات الطماطم بنهاية فصل الصيف.

فجأة وإذ بجرس الهاتف ينذرني بأن رسالة قد أتت من مصدر إخباري كنت قد وافقت على دفع مبلغ شهري من المال ليرسل لي ما هو مهم وعاجل من الأخبار.

قرأت ما وصلني على الشاشة وشعرت بحزن شديد، وسالت دموع العين بعد أن فقدت سيطرتي عليها.
وكوني كنت أجلس مع عالتي وقتها.. أضررت أن أقرأ لهم الخبر العظيم بأن الحكومة تقرر تعطيل الدوائر الحكومية يوم ١/ ١ بمناسبة بداية السنة الميلادية.

هنا نظر إبني الي ، وعينيه تقول : ألم تعلمنا يا أبي بأننا هنا مسلمين ومسيحيين وسامريين نعبد الهً واحدا وكلنا نعشق فلسطين.. ؟
ألم تخبرنا بأنك عندما لم يكن لك وطن وكنت تعيش على شاطئ الكويت وصحراء ليبيا وجبال اليمن وتسبح بثلوج بولندا كان يوم الفاتح من كانون ثاني، يوم ١/ ١ / من كل عام اسمه يوم انطلاقة فتح العظيمة .. يوم انطلاقة الثورة الفلسطينية ويوم انطلاقة الشعب العظيم نحو النصر والحرية وتقرير المصير .. ألا تستحق هذه الذكرى أن تكون عيدنا الوطني كباقي الدول التي تحترم تاريخها ونضالها وتخلد شهدائها..؟
نعم يا بني كان الفاتح من يناير تاريخا أعاد المجد والكرامة للأمة العربية.. نعم يا بني إنه عيدي وعيد كل الشهداء .. إنه لهبا يزمجر تحت راية ثورتي.