نشر بتاريخ: 29/12/2019 ( آخر تحديث: 29/12/2019 الساعة: 11:45 )
الكاتب: جبريل عوده
فصل جديد من العدوان الصهيوني على الضفة المحتلة , المعركة على الأرض مستمرة , فالإحتلال يجدد شهيته في إبتلاع الأرض كلما خفتت المقاومة لأي عارض ينتاب مسارها , والعارض في حالة الضفة الفلسطينية من كسب أيدينا , صادرنا سلاحنا وكسرنا عصا قوتنا بداعي المصلحة الفلسطينية العليا , وأي مصلحة مقدمة على حماية الأرض تكون مشبوهة, تصاعد الإستيطان وتضاعف في الضفة المحتلة أربع مرات، منذ التوقيع على اتفاق "أوسلو" بين منظمة التحرير الفلسطينية وكيان الإحتلال , ويقارب عدد المستوطنين في المستوطنات الــ (474) المقامة على أراضي الضفة المحتلة, خمسمائة ألف مستوطن , كما أن جدار الفصل العنصري الذي يبلغ مساحته 725كم يبتلع نحو 20% من مساحة الضفة الغربية , وكذلك مساحة الطرق الالتفافية التي ضمها الإحتلال لنفوذ مستوطناته تبلغ 800كم2, وها هي قرارات حكومات الإحتلال المتعاقبة , التي تسمح وتمول البناء في المستوطنات متواصلة لم تتوقف, بل تزايدت بشكل ملحوظ في عهد حكومة نتانياهو.
ما تشهده الضفة المحتلة من التغول الإستيطاني والنهش بأنياب التهويد في الأراضي الفلسطينية والمقامات التاريخية ,لم يكن ليحدث لولا إنعدام الرؤية الوطنية الجادة لإدارة الصراع مع الإحتلال , فلقد إستسلم فريق السلطة لألعوبة التسوية , وأكذوبة المسار السياسي والتفاوضي كإستراتيجية وحيدة لإنهاء الإحتلال , وهذا المسار العبثي يشكل جريمة وطنية , تستهدف الوجود الفلسطيني وتضرب قضيتنا الوطنية بخنجر مصنوع بأيدي فلسطينية للأسف, العجيب أن سلطة الحكم الذاتي المحدود قد أخذت على عاتقها تنفيذ إملاءات نصوص الإذعان الأوسلوية , والتي تشكل في جوهرها قيام أجهزة السلطة بدور شرطة الحراسة للمستوطنات والمستوطنين, وتقوم بهذا الدور في إطار غطاء وطني مثقوب يرقعه المال السياسي المشروط , الذي يسمح لرئيس السلطة محمود عباس بالتباهي بالتنسيق الأمني ويعتبره مقدساً , في حين أن حالة الإجماع الفلسطيني تعتبره سلوكاً خيانياً يجب أن يتوقف فوراً .
أداء السلطة بكافة أدواتها معاكساً لطموحات شعبنا الفلسطيني وتطلعاته في التحرر والإنعتاق من الإحتلال , وها ما وفر حكومة الإحتلال برئيسها الفاسد نتانياهو ووزير حربها الأرعن نفتالي بينت , الجو الملائم من أجل الإستعراض أمام عصابات التطرف واليمن الصهيوني عبر مصادرة مزيداً من الأراضي الفلسطينية وتهويدها وطرد أهلنا منها , وهدم بيوتهم وإقتلاع أشجارهم ولعل قرار نتانياهو بالمصادقة على بناء ثلاثة آلاف وحدة إستيطانية في الضفة , وحديثه عن ضم الأغوار بعد فوزه بالإنتخابات القادمة يأتي في هذا السياق .
قرارات نفتالي بينت الأخيرة التي يتلاعب من خلالها بمصير أكثر 60% من أراضي الضفة المحتلة , وتجريم ومنع البناء الفلسطيني فيها , وإعلانه عن إطلاق حملة لهدم وتجريف المباني والمنازل الفلسطينية , وذلك بلا شك يشكل عملية تطهير عرقي , يمارسها الإحتلال بغطاء أمريكي , ضاربا بعرض الحائط كل مسارات التفاوض أو القرارات الأممية , حيث أن الإحتلال يتعامل بمنطق فرض الأمر الواقع وأن القرار للأقوى , ويزيد الأرعن بينت عدوانه بقرار التهويد لأراضي الضفة الفلسطينية , وإحكام السيطرة عليها عبر تسجيل الأراضي المصادرة بأسماء المستوطنين في دائرة الطابو بوزارة " العدل الصهيونية" , وهذه نوع من السرقة والتدليس يمارسه الإحتلال , علماً بأن الإحتلال لايملك شبراً واحد من أرض فلسطين , ومحاولته إضفاء الطابع القانوني على تسجيل أراضي المستوطنات في دائرة حكومية , لن يمنحها شرعية ولن يسقط حقوق الفلسطينيين في أراضيهم المصادرة بقوة الإرهاب والإجرام الصهيوني.
فما السبيل لمواجهة هذه الهجمة الإستيطانية المسعورة على أراضي الضفة المحتلة ؟ , الجواب الذي لا يختلف عليه فلسطينيان, هو تفعيل المقاومة بكافة وسائلها وأدواتها في مواجهة هذه السعار الإستيطاني والتغول الصهيوني , والإحصائيات تؤكد بأن أعداد المستوطنين في الضفة تناقصت بشكل ملوحظ في فترة إنتفاضة الأقصى (2000 – 2005 ) م , بفعل عمليات المقاومة التي إستهدف جنود الإحتلال ومستوطنيه في الضفة المحتلة , وأن عمليات الإستيطان تزايدت فيما بعد في عهد حكم السيد عباس , الذي يحرم ويجرم كل فعل مقاوم ضد الإحتلال ومستوطنيه , والمتابع يعلم جيداً دور أجهزة أمن السلطة في قمع أي تطور لإنتفاضة القدس في السنوات الأخيرة , التي إشتهرت بالعمليات الفدائية الفردية.
ويقع الواجب على الفصائل الفلسطينية مجتمعة , توفير الغطاء السياسي والإعلامي والمالي الكامل واللامحدود لإنتفاضة شعبنا في الضفة المحتلة , وتعزيز صموده على أرضه , وتفعيل وسائل المقاومة في مواجهة الإحتلال , وتعريه وفضح كل من يقف في مواجهة شعبنا أو الحيلولة بينه وبين الدفاع عن أرضه وقضيته في مواجهة الحملة الإستيطانية الصهيونية الجديدة التي تستهدف الوجود الفلسطيني في الضفة المحتلة .