نشر بتاريخ: 01/01/2020 ( آخر تحديث: 01/01/2020 الساعة: 14:41 )
الكاتب: السفير حكمت عجوري
بالرغم من تلاشي الفوارق بين النتن ياهو ومنافسة ساعر كيمينيين متطرفين الا ان اعادة انتخاب الاول على راس حزب الليكود يعني ببساطة ان اسرائيل اعادت استنساخ الفساد والرشوة وخيانة الامانة كسيرة ذاتية مفضلة لمن يريده الاسرائيليون وليا لامرهم والمتحدث باسمهم والمقرر لمصيرهم بالرغم من ان الانجاز الوحيد لرئيس وزرائهم النتن ياهو وعلى مدار سنين حكمه وهي الاطول في سجل رؤساء الحكومات الصهيونية هو ابداعه في صناعة الخوف ولا غير الخوف في قلوب الاسرائيليين.
منذ يومه الاول في صعوده على السلم السياسي وهو يزعم بان اتفاق اوسلو يهدف لتدمير دولة اسرائيل وفعلا قام النتن بفعل كل ما هو ممكن وخارج عن الممكن من اجل تدمير هذا الاتفاق الذي لم يعد له وجود بالرغم من كل ما فيه من اجحاف للحق الفلسطيني وما فيه من مكاسب لاسرائيل التي لم تُشرعَن فعليا كدوله وبكل ما تحمله هذه الكلمه من معنى الا بعد ان تم اعتراف منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني باسرائيل وذلك بالرغم من كون اسرائيل عضوا في منظمة الامم المتحده ومنذ سنة 1949 .
السبب يكمن في ان اعتراف الامم المتحده دون الفلسطينيين باسرائيل لم يكن يعني شيئا بمعنى ان اسرائيل دون اعتراف الفلسطينيين بها لن تعيش يوما واحدا مستقرا كاي دولة اخرى ذات سيادة لان الارض التي اقيمت عليها اسرائيل هي ارض مسروقة من الفلسطينيين وان ليس هناك قانون في العالم يحلل للامم المتحدة في اقتطاع اي جزء من اي ارض ومنحة لشعب اخر دون موافقة اصحاب هذه الارض وما اعتراف الامم المتحدة واعضائها الذين صوتوا لصالح الاعتراف لم يكن سوى اعتقاد واهم من قبل هؤلاء في انهم دفنوا صاحب الحق على اعتبار انه جثة حقيقية وعليه فهم بالتالي يعلمون اكثر من غيرهم في ان اعترافهم باطل وتصويتهم باطل وان الجثة كانت مجرد وهم ومن ان صاحبها ما زال حيا يرزق وهو الشعب الفسطيني وممثله الشرعي هو منظمة التحرير الفسطينية.
اعتراف المنظمة بحق اسرائيل في الوجود كان بمثابة الفرصة الاخيرة لاسرائيل من اجل الاعتذار للفسطينيين وهي التي اصر النتن ياهو على اضاعتها طيلة وجوده في الحكم وهو ما يستدعي سحب هذا الاعتراف الا اذا تدخل من ساهموا في قيام هذا الكيان وتحديدا الامم المتحده بصفتها التمثيلية كحاضنة للشرعية الدولية من اجل اصلاح وبالقدر الممكن كل الدمار الذي لحق بالفلسطينيين من جراء قيام هذا الكيان وذلك باستخدام الفصل السابع في قراراتها المتعلقه بذلك.
ببعض من التفائل، ربما كان امرا طبيعيا ما ندعو له ونطالب فيه وهو فعلا ضمن الممكن لولا الفيتو الاميركي الذي ما زال يحول دون ذلك، الامر الذي يحفزنا كاصحاب حق على ضرورة خلق اساليب ابداعية لمواجهة هذا الفيتو علما بانه قد سبق لهذا الفيتو وان تنحى جانبا في ديسمبر 2016 عندما تم التصويت لصالح قرار 2334 دون اعتراض من احد، ومع ان هذا القرار ما زال لم يغير شيئا على ارض الواقع كونه من قرارات الفصل السادس الا انه يبقى مسحة عار على جبين الامم المتحده حتى يتم التعامل معه بما يلزم.
في سياق متصل نذكر بان الفيتو الاميركي ليس قدرا كونه لم يوقف قرار الجمعيه العموميه بالاعتراف بفلسطين سنة 2012 ولم يوقف قرارها ببعث الحياه لوكالة الغوث ولم يوقف قرار المحكمة الاوروبيه بوسم بضائع المستوطنات ولا قرار المدعيه العامه لمحكمة الجنايات الدوليه بمساءلة مجرمي الحرب في اسرائيل ولكن حتى تتحول هذه القرارات من حبر على ورق كما هي عليه الان الى افعال مرئية وملموسة على الارض لا بد من تسخين هذه الارض كون هذه القرارات بمضمونها تخضع للكيمياء البشرية والتي هي لا تفرق بالنتائج عن حال التفاعلات الكيماوية التي عادة ما تكون بحاجة الى سخونة كافية حتى تنتج الشيء المرغوب فيه.
لم اكن لا الاول ولا الاخير الذي حذر من الانتعاش الاسرائيلي على حالة الامر الواقع التي نعيشها ، ونحن نعلم كيف يتم استغلالها وببشاعة من قبل الاسرائيليين كاحتلال عسكري مربح في ظل تعايش فلسطيني مع هذه الحالة الامر الذي يجعل من تنامي الخنوع اسرع بكثير من الاستنهاض داخل الانسان الذي يعيش هذه الحالة بسبب استبدال اولوياته في الحياه لتتساوق مع الحاله المذكورة.
الانتفاضه الاولى، كانت السر الفلسطيني الذي مكن الشعب من تحدي كل الفيتوات بل والقفز عليها وهي التي هزمت رابين بالرغم من كل النجوم والتيجان على كتفيه وبالرغم من جبروته ومحاولاته اليائسة في تكسير عظام المنتفضين الفسطينيين الا انه انهزم فعلا امام جنرالات الحجارة و راح يلهث خلف القادة الميدانيين لهذه الانتفاضة ليفاوضهم .
الانتفاضة لا بد وان تكون واحدة من ادوات الابداع الفلسطيني الذي لا بد وان يتم تجديدها واعادتها للحياه بما يتناسب مع الفارق الزمني وحماية الانجازات وتفادي الاخطاء التي علقت بالانتفاضة الثانية من اجل ان نقطف ثمارا غير تلك الفجة التي قطفناها بعد الاولى بسبب رداءة المحيط العربي والاقليمي في حينه بسبب غزو الكويت وتجمد الدب السوفياتي وسيطرة القطب الواحد.
تلك الظروف هي التي انتجت سلطة مرهونة بضمانات اسرائيلية وقد كان من الممكن لهذه السلطة ان تكون من ارقى دول المنطقة بسبب ما تملكه من قدرة بشرية وشغف للبناء والتنمية الا ان الضمانات الاسرائيلية وكعادة الحركه الصهيونية كانت عبارة عن ثمر جوز فاضي لان الصهيونيه لا تعطي الا اذا كانت مرغمة على العطاء الامر الذي يؤكد على ان كل هذا الدمار الذي حل بالمنطقة اعتبره الصهاينة نصرا للنتن ياهو بدليل اعادة انتخابه بالرغم من كل ما لحق به خصوصا وان هذه الاعادة تاتي متناغمة وكما هو متوقع مع تبرئة الرئيس ترمب وربما اعادة انتخابه مرة ثانية ومتناغمة ايضا مع خنوع عربي غير مسبوق ما يعني ان يبقى الحال كما هو عليه ، الا وهي الا كبيرة اذا تدخل الابداع الفلسطيني وهو قادر في هذه المعادلة على تسخين كل القرارات التي ذكرناها لتفعليها وتحويلها الى ثمار نقطفها هذه المرة ناضجة بطعم التحرير وانهاء الاحتلال واقامة الدولة.