الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كيف يمكن أن ينخرط المقدسيون في الانتخابات الفلسطينية؟

نشر بتاريخ: 01/01/2020 ( آخر تحديث: 01/01/2020 الساعة: 20:07 )

الكاتب: وليد سالم- خاص بوكالة معا
لم يشارك الفلسطينيون المقدسيون في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام ١٩٩٦ إلا بنسبة محدودة ، وتكرر الحال ذاته في الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٠٥، والانتخابات التشريعية لعام ٢٠٠٦. لماذا؟

الإجابة على هذا السؤال مركبة وتشمل عدة أسباب ، يقف في مقدمتها حالة الإحباط لدى أهل القدس من تأجيل بحث قضية القدس إلى المرحلة النهائية من المفاوضات، ومنها أيضا ترتيبات الانتخابات الفلسطينية ذاتها والتي تضمن بروتوكولها المتفق عليه مع إسرائيل عام ١٩٩٥ ترتيبات لغالبية مقدسيي قدس ١ المضمومة قسرا للاحتلال للتصويت في مناطق قدس ٢ ، فيما سمح لستة آلاف من هؤلاء فقط بالتصويت في مراكز البريد داخل المدينة ، على أن يتم التصويت من خلال مظاريف بريدية عادية لا تحمل أية رموز فلسطينية، وبالتالي كان تصويت هؤلاء كأنه تصويت أجانب يرسلون أصواتهم لدولتهم بمظاريف بريدية من خارجها.

ويذكر الكاتب أن إسمه للتصويت في انتخابات عام ١٩٩٦ كان في أبوديس. ولكنه يذكر أيضا كيف حول الاحتلال بريد شارع صلاح الدين في قلب مدينة القدس إلى ما يشبه الثكنة العسكرية المسيجة بالحواجز الشرطية الاسرائيلية من جميع الجوانب مع تواجد شرطي هائل حواليها دب الرعب في صفوف المقترعين مما أدى إلى إحجام أعداد منهم عن التصويت في حينه.

أذكر في حينها شعوري الشديد بالإحباط شخصيًا لأنني كنت مضطرًا لممارسة حقي الانتخابي خارج المدينة ، ومع ذلك مارسته ، وعلى ضوء ذلك يستطيع المرء تخيل موقف الذين لم يصوتوا احتجاجًا وإحباطا من هذه الترتيبات.

تعكس هذه المظاهر الأمر الأكثر أهمية والمتعلق بمدى دمج المقدسيين في العمليات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في فلسطين. ويجب الاعتراف أن هنالك شرخا قد حدث في هذه المجالات لا يتسع المجال للإفاضة فيه كله. ولكن يكفي هنا ذكر بعض الأمثلة: فالقدس مستثناة لدى إجراء الانتخابات البلدية الفلسطينية ، وبدل ذلك جرى تعيين أمانة القدس عامي ١٩٩٩، و ٢٠١٢ بمراسيم رئاسية، وكأنه لا توجد طريقة أخرى أكثر ديمقراطية تسمح للمقدسيين باختيار ممثليهم على المستوى البلدي. كما أن قسما من مرجعيات القدس معينة ويوجد تعارضات بينها في أداء مهماتها، وعوضا عن ذلك تستسهل مديريات القدس في الوزارات الفلسطينية تنفيذ البرامج في قدس ٢ ضمن مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية ، فيما لا تقوم بواجباتها بدرجة كافية تجاه مقدسيي قدس ١ الخاضعة بشكل مباشر للاحتلال بذريعة أن الاسرائيليين لا يسمحون بذلك.

تعكس المشاركة المحدودة للمقدسيين في الانتخابات الفلسطينية كل هذه الفجوات الكامنة وراءها، وهو ما يستدعي نقل الاهتمام بالقدس من مستوى الشعار والمراسيم والخطط المعدة بعناية ليصبح اهتمامًا فعليًا على الأرض يخرج عن مجرد ردود الأفعال ليحل المشكلات بعد أن تظهر فقط كما جرى مع شركة الكهرباء والمستشفيات المقدسية وغيرها، وذلك بدلًا من المعالجة الوقائية المسبقة القائمة على التنفيذ الجاد والمثابر للخطط الوطنية الموضوعة للقدس وما أكثرها.

يستدعي ما سبق ايضا ، عدم تكرار تجربة الانتخابات الفلسطينية في القدس وفق صيغة بروتوكول أوسلو ٢ لعام ١٩٩٥ المشار اليها وعدم طلب الإذن من الاحتلال لإجرائها مجددًا وفق تلك الصيغة ، والتي هي صيغة مجحفة بحق المقدسيين كما سبق ذكره. وإذا ما أريد للقدس أن تشارك في الانتخابات الفلسطينية فإن ذلك يتطلب إيجاد الوسائل اللازمة لضمان أن يصوت المقدسيون داخل مدينتهم . هل هذا ممكن ؟ الجواب هو بالتأكيد نعم. ولكن هذه ال &
39; مشروطة بالانفكاك عن قيود أوسلو بالنسبة للانتخابات في القدس ، وجعل مناسبة الانتخابات فرصة لفتح معركة مع الاحتلال حولها في القدس. وإذا ما تمت إدارة الانتخابات بهذه الروح فإن ذلك سيكون كفيلا بإخراج المقدسيين من حالة الإحباط وسيضمن مشاركتهم الواسعة في الانتخابات كما شاركوا في انتفاضة نصب البوابات على مداخل الاقصى عام ٢٠١٧ ونجحوا بإزالتها ، وكما شاركوا في معركة التضامن بعد جريمة حرق الطفل محمد أبوخضير عام ٢٠١٤.

نقترح إذن تغيير المسار بالنسبة للانتخابات في القدس، وجعلها مدخلًا للكفاح من أجل " الحق في المدينة" بوصفها عاصمة لدولة فلسطين العتيدة. وسيترتب عن منهجية كهذه إعادة دمج القدس في فلسطين ، وإعادة القدس إلى فلسطين، وبث الحرارة من جديد في فعل الحركة الوطنية الفلسطينية من أجل عاصمة الدولة.

ينطبق الأمر ذاته على بلدية القدس العربية( أمانة القدس) مع ما يتطلبه الأمر من إيجاد صيغة لإنبثاقها من المجتمعات المحلية المقدسية ولكي تصبح الامانة بالتالي المسؤولة عن تلقي الاحتياجات التنموية لمواقع القدس وتلبية متطلبات تنفيذها بالتعاون مع مختلف الجهات الفلسطينية والعربية والدولية المعنية.
لربما تجد هذه المداخلة آذانًا وقلوبًا صاغية، وكل عام وأنتم بخير.