الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

فلسطين في 2020

نشر بتاريخ: 02/01/2020 ( آخر تحديث: 02/01/2020 الساعة: 12:50 )

الكاتب: عماد عفانه

ما أكثر المتحدثين عن غياب الرؤية الاستراتيجية الفلسطينية والتي الحقت بفلسطين كارثة وطنية.
فلا يزال الرئيس عباس يركض منفرداً خلف خياراته السياسية، متنقلا بين العواصم، بحثا عن اعتراف بدولة يواصل العدو قضمها بحيث يوشك على ألا يبقى منها شيئا.
فيما بعض الفصائل تواصل المراقبة دون المشاركة، وكأن فلسطين التي يتحدث باسمها الرئيس عباس غير فلسطين التي يحاربون لتحريرها.
المفاوضات السياسية التي تسير حركة فتح في ركابها ليست قدراً محتوماً، والمقاومة التي تتمسك بها حماس بحاجة إلى اسناد سياسي.
لكن ومع بالغ الأسف تحولت حالة الخصومة بين أكبر فصيلين فلسطينيين (فتح وحماس) الى حالة من العداء المانع لتكامل الأدوار، فلا حماس قادرة على الاستفادة من قوة فتح في الميدان السياسي، ولا فتح لديها النية لتوظيف قوة حماس في المقاومة المسلحة، ليبقى الوطن هو الخاسر الأكبر من هذا العداء المؤسف.
ونحن على أعتاب عام جديد من الفشل في تحقيق هدف التحرير، لم يعد مقبولا لا شعبيا ولا وطنيا أن تبقى يد حماس حاملة البندقية وحيدة في الميدان، دون اسناد وغطاء سياسي من حركة فتح التي تنفرد بقيادة منظمة التحرير.
كما لم يعد مستوعبا أن يستمر التنافر بين هذين الفصيلين بفعل الأحقاد الشخصية التي تحولت الى انفصام بغطاء وطني.
غني عن القول أن بقاء فتح ضعيفة وموزعة على تيارات، يعني بالضرورة أن حماس ستبقى ضعيفة ومعزولة.
وحماس محاصرة وضعيفة يعني أن فتح ستبقى خارج نطاق التأثير في المشهد السياسي المتقلب في الاقليم.
عدا أن هذه الخصومة أحدثت نقلة سلبية في الواقع الفلسطيني، وساهمت في نقل ساحة الصراع أحيانا من المواجهة مع العدو المحتل، الى الصراع الداخلي، الذي برز في شكل مناكفات لا تنتهي، نجح العدو في توظيفها لابتزاز كل طرف على حده.
فتحولت حركة فتح وسلطتها من السعي لبناء الدولة واكمال السيطرة على الضفة، إلى مجرد وكيل أمني تحارب وتلاحق حماس متوهمة أنها تحافظ بذلك على مقاعدها، فيما يضيق العدو الخناق عليها في مناطق(أ) بفعل القضم المستمر للأراضي بفعل الاستيطان والتهويد والمصادرة، ويعمل على اكمال ابتلاع مناطق (ج وسي).
فيما تحولت حماس الى كيان محاصر معزول في غزة، ومشغولة بمعالجة آثار الحروب والحصار، وتقلصت مطالبها، من مطالب متعلقة بتحرير الوطن والتمكن من مقدراته، إلى مجرد مطالب حياتية بسيطة لا ترقى الى مستوى شلالات الدم النازف، ولا الى مستوى البطولات التي احرزتها المقاومة في الميدان.
كم هو مؤسف ألا ننجح في قطف ثمار الثورة الفلسطينية منذ 1965 مرورا بالانتفاضات المتعاقبة، وكم هو عبثي أن تذهب جهود جولاتنا التي لا تنقطع في عواصم العالم لحشد التأييد سداً، وأن تصبح اعترافات العالم بالدولة الفلسطينية مجرد حبر على ورق.
كل هذه الخسائر مردها فقدان ما تحدثنا عنه سابقا وهو الرؤية الاستراتيجية والاجماع الوطني.
والاجماع الوطني لن يتحقق إلا إذا حيدنا العوامل الشخصية والأحقاد البينية والخصومة الحزبية، عن دائرة الفعل والعمل من أجل الوطن.
كنا وما زلنا نقول أن الوطن أكبر من الجميع، وأن الوطن فوق الجميع، وأن مراقبة الله وتقوى الله في هذه القضية المقدسة قبل كل ذلك وفوق كل ذلك، ونرجو أن نرى ثمار ذلك واقعاً في 2020، مصالحة وتوحد في ميدان المواجهة مع العدو الذي لا يفرق رصاصه بين صدورنا، واجماع على استراتيجية ورؤية وطنية، لتوظيف مختلف أوراق القوة التي نمتلكها، وأولها قدرات ومقدرات أكثر من نصف شعبنا المهجر في المنافي والشتات بما يمتلكون من قدرة على قلب المشهد في الإقليم.