السبت: 23/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

ماكرون أخطر وبوتين أقوى وأبو مازن أضعف ومايك بينيس مغفل القرن

نشر بتاريخ: 23/01/2020 ( آخر تحديث: 03/04/2020 الساعة: 05:00 )

الكاتب: رئيس التحرير / د. ناصر اللحام

مع وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، لم تعد إسرائيل قادرة على كبح مشاعرها ، فإنهارت أمامه كما تنهار عاشقة في أحضان الخطيئة . وقد بدت إسرائيل في هذا الموقف مثل عاهرة مبتدئة ( تزوجت من ترامب وإرتمت في أحضان بوتين ) . حاولت حكومة نتانياهو الإحتفاظ بحمرة الخجل لبرهة ، وسرعان ما طارت عفتها كما طار عقلها مع قدوم بوتين . حتى أن الجمهور الاسرائيلي لم يلحظ ان مايك بينيس نائب الرئيس الامريكي موجود في هذه القمة .
الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إحتل العناوين وأقلق المراقبين وسرق الاضواء كلها في حادثة توبيخه لضباط الاحتلال في باب الاسباط بالقدس المحتلة . وحاولت وزارة الخارجية الاسرائيلية فعل كل حيلة لتغيير الصورة دون جدوى . وقبل أن تصحو تل أبيب من صفعة ماركون وصل بوتين على متن قافلة جوية مكوّنة من خمس طائرات و200 مرافق . فنزل على مطار اللد كما ينزل الملوك على " الصعاليك" .
حاول بعض المحللين أن يخففوا من هستيريا نتانياهو أمامه ، وقالوا ان الاتحاد السوفييتي تعاون مع النازية ومع هتلر في فترة الحرب العالمية الثانية ، لكن سرعان ما خفت صوتهم أمام الإنجراف الاسرائيلي للاعجاب بهذا القيصر " القوي " والأهم في الشرق الاوسط . لدرجة ان سيدة من ضيوف الاستوديو قالت : انا لا أستطيع ان أمنع نفسي من الوقوع في حب بوتين وهو الذي يحمي إسرائيل وهو الذي يقرر من ينتصر ومن يسقط في هذا الجزء من العالم . حاول جنرالات التدخل في النقاش والقول ان لإسرائيل الاّن جيشا قويا وهو الذي يحمي تل ابيب وليس بوتين ، ولكن كلامهم طار كما تطير الفراشة فوق الحقول المشتعلة في استراليا .
محاولة الاحتلال تحويل " قمة المنافقين " الى درس تاريخي باءت بالفشل , وكان إصرار الرئيس الفرنسي على زيارة رام الله ، وإصرار الرئيس بوتين والأمير الانجليزي تشارلز على زيارة بيت لحم وقعا مختلفا عما خطط له نتانياهو .

البث المباشر طوال ثلاثة أيام ، ومحاولة الاهتمام بملك إسبانيا وباقي الزعماء لم تنجح في إقناع المصورين إبعاد كاميراتهم عن بوتين وماكرون وتشارلز ورام الله وبيت لحم .
في الحرب العالمية الثانية قتل عشرات الملايين في معارك لا فائدة منها وتحطمت جيوش وهدمت الطائرات والمدافع عواصم بكاملها وتشرّد نحو مئة مليون إنسان ومات عددا كبيرا من الجوع والبرد والأمراض ، ومعظم الضحايا من الشعوب الأوروبية حين تقاتلت الكنائس الغربية مع بعضها البعض بشكل همجي . وقد خسرت روسيا لوحدها 22 مليون شابا في مقتبل العمر . ومع ذلك ياتي زعماء أوروبا لمنافقة الحركة الصهيونية التي لم تكن سوى حركة استعمارية انتهازية في كل أحداث العالم .
ويؤكد المؤرخون ، اليهود قبل غيرهم . أن العالم كله ضاق على اليهود ، وطردوا من كل العواصم وضربوا بالحذاء في بولندا ، وهرب 6 مليون من اصل 8 مليون يهودي روسي الى الشتات ، وجردوا جردا في مطارات أوروبا وشربوا من مياه مزارع الخنازير في المانيا وحوصروا في " غيتو " في انحاء فرنسا . ولكن في العواصم العربية كانوا في أفضل حال من النواحي الاقتصادية والامنية والاجتماعية . جاءوا خائفين يبكون من الجوع والخوف والمرض والجرب والسل . وقد استقبلهم أهل فلسطين ( اولاد العم ) وأطعمناهم البرتقال وأسقيناهم الماء الزلال .ولكننا منذ 75 عاما لم نسمع أي قائد صهيوني يشكر العرب على حسن الضيافة وعلى الحماية التي حصلوا عليها . بل نرى قادة الصهيونية يشكرون ويقبلون أيادي احفاد من أحرقوهم ومن رموهم فوق كتل الجليد والصقيع ,

مصادر اسرائيلية تؤكد ان نتانياهو لم يوجه أية دعوة للزعماء العرب ( الحمد لله انهم لم يوجهوا لهم دعوات ) . ولذلك لم يحضروا هذه القمة . كما أن حكومة الاحتلال قررت عدم توجيه دعوة للرئيس المسلم رجب أردوغان لانه سيرفضها بخشونة وانهم قرروا توفير هذا الرفض على انفسهم بدلا من الاهانة التي سيتعرضون لها .
يحتفل زعماء العالم على أرض فلسطين الحزينة ، بذكرى جرائم ارتكبها أجدادهم وقعت قبل 75 عاما في أرض بعيدة وباردة . 

هناك من غابوا عن قمة النفاق . ومنهم رئيس بولندا أنجي دودا الذي رفض الحضور ، والقادة العرب الذين لم يدعهم أحد , ورجب أردوغان الذي يرفض الحضور ، وترامب الذي ينشغل بملف عزله عن الحكم ، وأبو مازن " المحاصر " الذي يندم على توقيع اوسلو . 
قد يبدو أبو مازن منفردا وضعيفا ومحاصرا ووحيدا في هذه الايام .. ولكن عليه أن يعرف أن هؤلاء الزعماء الذين يجلسون في " قمة يد فشيم"  مجرد طيور مهاجرة ، ستعود الى بلادها بعد ساعات . وان فلسطين هي الباقية وأن قضيتها هي الأهم  ، وأن الصهيونية حركة عنصرية إستعمارية تقوم بأداء دور وظيفي رسمته لها الدول الاستعمارية وشركات النهب العالمية .