الأحد: 02/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

هل يكفي الرفض الشكلي لصفقة القرن؟

نشر بتاريخ: 02/02/2020 ( آخر تحديث: 02/02/2020 الساعة: 14:20 )

الكاتب: المحامي سمير دويكات

انها كانت بداية جيدة ورائعة من الجميع حول رفض صفقة العرص الامريكي وهي التسمية الانسب لهذا الاخبل الذي تجرأ على كل شىء وجاء يبيعنا بضاعتنا بثمن رخيص او باستهبال لم يسبق له مثيل، وهي متوقعة لانه تم رفض افضل منها، والمتتبع لتاريخ الصراع وتاريخ اليهود في المنطقة العربية وخاصة فلسطين، فانه سيلمس انهم لم ولن يريدوا السلام يوما، وكما كان تاريخهم مشبع بالدم وخيانة العهود والبلطجة فانه لن يكون افضل اليوم، والامريكان هم جزء من جيوش الصليب التي غزت المنطقة العربية منذ عشرات بل مئات السنين، وانهم لن يستفيدوا من تجربة اوروبا التي انكفت على نفسها واصبحت تعمل من بعيد دون الاحلال المباشر مع ان اوروبا وبالتحديد لندن وباريس هي التي اوجدت اسرائيل ودعمتها امريكا من اجل مصالحها في المنطقة وخاصة النفط في وقت مبكر من القرن الماضي.
وهي مسالة لا تبحث في القوانين الدولية من حيث المخالفة، لان كلتا الدولتان، تجاهلا القانون الدولي والحقوق الفلسطينية منذ زمن بعيد، وهو امر من العبث به التحدث عن المخالفات، لكن يلزم البحث في الاستعداد لمقاومة امريكا واسرائيل والتصدي الى الاجراءات فوق الارض بما يمنحه القانون الدولي من حقوق ومنها الكفاح المسلح.
بالتالي فان الاسرائيليين راوغوا كثيرا خلال الثلاثين بل الخمسين سنة الماضية وكان شعارهم دائما القتل والتصفيات وهدم البيوت وتهجير الناس وغيرها من الاجراءات الاحتلالية وهم ايضا الذين لم ولن يستفيدوا من تجربة المحرقة التي واجهتهم بها اوروبا وهي حسب ما تشير الامور والاحوال التاريخية انذاك لم تقتصر على المانيا النازية بل مارسها الفرنسيون والايطاليون وحتى الاسبان وغيرهم بطرق غير معلنة وربما اقل حدة من الالمان، وهي مسألة لن ولم يفهما الصهاينة في ان العرب المسلمون هم من حمى اليهود خلال الفترات السابقة وعلى مدار التاريخ وحتى في عهد سيدنا موسى وعيسى ولكن لم يتعظوا من شىء.
ان الرئيس ابو مازن وان يختلف معه البعض في امور او امر وبغض النظر عن موضوع الاختلاف، الا انه اعطى الصهاينة بدل الفرصة الف، وما يزال، ولن يدوم ذلك وكما قيل لهم انهم اضاعوا فرصا كثيرة في عهد ياسر عرفات، سيقال لهم لاحقا انكم اضعتم فرص العمر مع ابو مازن ولن يكون هناك اخر ليقدم لكم ما قدمه ابو مازن وكنتم غير صادقين، وبالتالي فان الصهاينة اليوم يعيدون مسائلهم التاريخية مع الانبياء والصالحين، ويظهرون للعالم انهم غير صادقين، وقد جاءت صفقة القرن لتبرهن للعالم اجمع كيف انقلب الصهاينة على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني؟ وانه ليسوا سوى نصابين وعصابات جاءت لتسيطر بقوة امريكا والغرب على فلسطين والمنطقة العربية، وان الدوام في ذلك لن يكون سوى لله وبارادته فقط، وان حركات الشعوب سريعة جدا وخاصة في المنطقة العربية التي تتوحد على دين واحد ولغة واحدة وجسد واحد وثقافة واحدة وسيف واحد وهذا لن يكون بعيد، وخاصة اذا ما شعر هؤلاء ان الامر اصبح خدعة كبيرة وهدد امنهم ورزقهم ودينهم وامتهن كرامتهم وما قام به صلاح الدين قبل عقود لن يكون بعيد عن اليوم.
نعم، ان الرفض الشكلي للصفقة وفقط لن يكون ذو جدوى كبيرة بل سيتبعه اعمال كبيرة في الايام القادمة وخاصة ان اسرائيل ستبدا بتنفيذ ما تبقى من مشروعها الاستعماري وستعيد السيطرة على كافة المناطق الفلسطينية بقبضة حديدية وهو الامر الذي سيعرض مصالح الكثيرون الى تضييق وضياع ولن يكون امامهم سوى المقاومة بكافة اشكالها، وعلى الصعيد العربي وخاصة الشعبي هناك رفض لفكرة وجود دولة اليهود اصلا فمال بال ان اصبح الامر على شكل الصفقة هذه التي لا تقف عند الرفض بل في الطلب باكثر من ذلك حتى المقاومة المسلحة.
ربما الصهاينة فرحون اليوم ولكن ذلك لن يطول لهم لانه وتطبيقا للاية القرانية" ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" سيرتد الامر الى الصهاينة والامريكان لانهم لن يجدوا خائن فلسطيني او عربي او مسلم يوافق على ذلك، لان الامر بديهي، فبعد مرور اكثر من اربعوين سنة على اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل لن تجد اي اسرائيلي يجرؤ على التجول في مصر وهو يعرف عن نفسه انه اسرائيلي وان حصل يكون بحراسة خاصة من اجهزة امن وفي نطاق محدد فقط. وهو امر ينعكس على كل الامور في كافة بلادنا العربية ومنها فوق الارض الفلسطينية.
"لقد جنت على نفسها براقش"، هو مثل عربي ينطبق على اسرائيل وامريكا وان كانوا يستهينون في الامة العربية والاسلامية، فان الامر لن يكون في ظل سقوط النظام العربي الرسمي والبدء بخروج حكام يرغبون في تلبية مطالب الشعوب، وهي مسألة لن تطول طويلا بل سيكون امرها بين عشية وضحاها وخاصة ان الشعوب جاهزة تماما فكريا والامور الاخرى المادية والبشرية كاستعداد لتحرير فلسطين لن تكون بعيدة او صعبة.