الأحد: 02/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الرد على صفقة أمريكا

نشر بتاريخ: 07/02/2020 ( آخر تحديث: 07/02/2020 الساعة: 19:50 )

الكاتب: المحامي امجد الشلة



يكمن الرد على صفقة الولايات المتحدة الأمريكية و التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب بحضور رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو و مجموعة من كبار الشخصيات و الوزراء في البيت الأبيض الأمريكي ، و التي اسمتها الإدارة الأمريكية بصفقة القرن و التي أنا بدوري أتحفظ على هذه التسمية و أصمم على تسميتها بالصفقة الأمريكية الإسرائيلية .

لن أُطيل الحديث في هذه المقالة لأن العالم العربي انشغل انشغالاً كبيراً و أخذت هذه الصفقة الحديث الطويل دون أن يطرق للولايات المتحدة الأمريكية أو الإسرائيلية جفن و كأنهم يقولون لنا " على بال مين يلي بترقص بالعتمة " قد أكون قاسي بالكلام و لكن سأتحدث بمصارحة و موضوعيّة مجرّدة وكأني بعيد عن آثار هذه الصفقة و لذلك سأرد على الصفقة الأمريكية من خلال المنطلقات و الردود التالية :

أولاً : من حيث القيمة القانونية ؛ فبإيجازٍ شديد جدا لا قيمة قانونية لهذه الصفقة من ناحية القانون الدولي ، و بالتالي فإن هذه الصفقة طالما أن الفلسطينيون أعلنوا رفضهم لها فهي لن تكون ملزمة لهم بشيء و لن تُرتب اتجاههم أي استحقاق يُذكر ، لأنه و ببساطة شديدة فإن القانون الدوليّْ نظّم طبيعة الإتفاقيات بين الدول و جعل لها إطار قانوني ناظم من شأنه أن يوفر الحماية الدولية لأي اتفاقية دولية تحظى بمباركة المجتمع الدولي ، و حيث أن هذه الصفقة هي صفقة أمريكية بامتياز و لم تحظَ بأي إجماع أو رضى دولي فهي عبارة عن رؤيا أمريكية إسرائيلية فقط تعني هاتين الدولتين و لا يمتد أي أثر قانوني أو غير قانوني لأي دولة أخرى ليست طرفاً في هذه الصفقة .
و أمّا الفلسطينيون فعليهم أن يستمروا بما بدئوا به منذ أعوام و هي خوضهم لمعركة قانونية دولية في مختلف المحافل الدولية و أمام جميع المحاكم الدولية دون الإلتفات لهذه الصفقة ، بل على العكس عليهم أن يتقدموا خطوات بوتيرة أسرع على أن تكون مدروسة قانونيا بشكل كامل اتجاه الجنائية الدولية و محكمة العدل الدولية خاصة " إذا أقدمت إسرائيل على ضم الأغوار إلى سيادتها العسكرية الاحتلالية " و ان يتم التوجه الى محكمة العدل الدولية في هذا الخصوص لانتزاع قرار دولي نستطيع من خلاله الاستناد عليه مستقبلا أمام مجلس الأمن و سائر المنظمات الدولية .
ثانياً : الرد الرسمي الفلسطيني ؛ على المستوى السياسي او القيادي الفلسطيني ان يتخذوا جملة من القرارات التي من شأنها أن تترك أثراً لدى الطرف الإسرائيلي كما تتم تسميته بموجب " أوسلو" و من هذه القرارات التي صرخ الشعب الفلسطيني مرات و مرات و هو يُناشد قيادته التنصل و الافتكاك من سطوة التنسيق الأمني لذلك على القيادة الفلسطينية ان تبدأ بمباشرة :
- انهاء التنسيق الأمني ، دون الحديث في التفاصيل فقط الوقوف عند هذا الموضوع لا يستلزم أكثر من الإعلان عن إنهاء التنسيق الأمني مع توافر البدائل طبعا و الإحتياطات اللازمة لمثل هكذا قرار ، لأن المضطلع على موضوع التنسيق الأمني يُدرك ان وقف مثل هكذا قرار له تبعات كبيرة و كثيرة ، و لكن الجرأة تقتضي و الرد الوطني يقتضي حتماً الغاء وإنهاء التنسيق الأمني بالرغم من كل التبعات و الآثار التي يتطلبها مثل هكذا قرار .
- - الإنفكاك الإقتصادي ، و أعتقد أن أمره مفهوم وواضح و لكن للأسف فإن السلطة الوطنية الفلسطينية و منذ تأسيسها كانت مُكبلة باتفاقية باريس التي حرمت و منعت السلطة الوطنية ومنذ تأسيسها على القيام بالمشاريع الإقتصادية اللازمة لتمكين البنية الإقتصادية الفلسطينية و بناء عملية إكتفاء ذاتي للمجتمع الفلسطيني ، و لكن أستطيع القول رُغماً أني لستُ خبيراً اقتصاديّاً بأنّ ما نملكه حالياً في مواجهة السطوة الإقتصادية الإسرائيلية و الأمريكية أيضاً هو القيام فوراً رسمياً و شعبيا و الدور الشعبي أهم من الرسمي و هي ثقافة المقاطعة للبضائع الإسرائيلية و المنتجات الاسرائيلية و الامريكية أيضا فها نحن نلاحظ و للأسف أن محلاتنا تملأها البضائع و المنتجات الاسرائيلية و أن هناك بعض العلامات التجارية لبعض المطاعم الأمريكية ، فيجدر بنا رسميا و شعبيا على البدء فورا في هذه المقاطعة .
- ثالثا : إنهاء الإنقسام و إعادة اعتبار منظمة التحرير و تجديد الشرعيات ، ببساطة شديدة ان الانقسام الفلسطيني الداخلي كان البوابة للكثير من الإنتكاسات السياسية و القانونية الفلسطينية ، و أن استمرار الانقسام يعني حتما التماهي و التعاطي مع الصفقة الأمريكية و لن أخوض في هذا الموضوع كثيرا و لكن يجب انهاء الإنقسام دون النظر الى التفاصيل و تجاوز كل الخلافات الجانبية و تغليب المصلحة الوطنية على أي مصلحة حزبية او فئوية أخرى و بذات الوقت إعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية و اعادة الاعتبار و التعامل على أن منطمة التحرير هي الممثل الشرعي و الوحيد للشعب الفلسطيني و ليست السلطة .
- القدس ، إنَّ أهم رد على الصفقة الأمريكية يكمن في تدعيم و دعم مؤسسات القدس و البدء فورا في حملة مناصرة و إسناد و دعم مالي مادي و شعبي و معنوي و رسمي لمؤسسات القدس و منعها من الإنهيار و تقويتها و تنميتها و تمكينها " جامعة القدس و شركة كهرباء القدس و مستشفى المقاصد و مستشفى المُطَّلع و جريدة القدس " و دعم الحرم القدسيّ الشريف و دعم كنيسة القيامة و كافة مراكز الاطفال و المراكز الثقافية و العمل ليل نهار مع الشباب المقدسي المخلص لمدينته بعيدا عن أي انتماء على محاربة ظاهرة تفشي الجريمة المنظمة كالمخدرات و القتل و السرقة و غيرها من الجرائم و ان يتم تشكيل لجان شعبية و لجان أحياء داخل القدس .

بالنهاية الصفقة الأمريكية لم تكن مجرد إعلان أعلنه ترامب ، بل ستبدأ تطبيقها في المراحل و الأيام القادمة و بالتالي الانسان الفلسطيني سيكون متلقي و يتعامل بردة الفعل ، و لذلك علينا كفلسطينيين أن نُعيد تنظيم أنفسنا و صفوفنا و أن يكون الشعار لدى الجميع فلسطين الوطن و أن الرد على الصفقة الأمريكية يكون بإعلان الدولة الفلسطينية على كامل تراب فلسطين من النهر إلى البحر و ان القدس كل القدس هي عاصمة الدولة الفلسطينية و ان نعود جميعا الى ما قبل اوسلو و ما قبل قبل اوسلو و ان يعود العالم كله الى مربع الصفر و ان تعود القضية الفلسطينية قضية مؤرقة لكل دول العالم يسعى الجميع لحلها و ايجاد حلول لهذه القضية
فلسطين هي قضية و ليست صفقة امريكية او عربية او اوروبية فلسطين ارض عربية من نهرها الى بحرها حكمها المسلمون و عاش في كنفها الاخوة المسيحيون عاشت فلسطين و عاشت الوحدة الفلسطينية الوطنية و المجمتعية و المحلية و عاش حق العودة عاش حق العودة .
عضو مجلس نقابة المحامين