الكاتب: د. سليمان عيسى جرادات
بيت لحم مدينة السلام ومهد السيد المسيح عليه افضل الصلاة والسلام تحتل مكانة روحانية دينية وتاريخية وحضارية عبر التاريخ لشعوب العالم وكنيسة المهد والمسجد العمري وما بينهما من الفة وإخاء وتسامح للحفاظ على ثقافتها وثوابتها سطرها مواطنو تلك المدينة الجميلة ، وشكلت بمراحل متعددة للتاريخ الفلسطيني سجل نضالي ومواقف بطولية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والأزمات والإحداث الكبيرة فساحاتها تشهد على وحدة ابنائها وتكاتفهم وانتصارهم على الالم والجرح .
ومع ذلك فان تلك المدينة ابتليت اسوة بمدن عالمية وإقليمية بفايروس كورونا بحكم مقصدها كواجهة للسياحة الدينية العالمية ، تميزت وتمايزت بإدارة ازمتها بحنكة وحكمة عالية ، وتعاملت بإيجابية مع إعلان الرئيس محمود عباس والالتزام بقرارات رئيس الوزراء د. محمد اشتية وتعاونهم الكبير مع محافظها اللواء كامل حميد في اجراءاته الوقائية ، وإتباع قواعد الوقاية والإرشادات الصادرة من وزيرة الصحة د. مي كيلة ، والتعاون التام مع المؤسسة الأمنية التي كان لها دور كبير في تحقيق حالة الهدوء والطمأنينة وحفظ الأمن المجتمعي للسكان ، والتجاوب مع إقليم حركة فتح وفصائل العمل الوطني لضبط الحالة الاجتماعية ميدانيا كمهمة مركزية في هذا الظرف الدقيق.
بيت لحم بمدنها وبلداتها ومخيماتها لظروفها الخاصة ومتطلباتها الحياتية ولموقعها على الخارطة الفلسطينية والعالمية كان للمجتمع المحلي وقيادته الميدانية السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية والأكاديمية دوره في المشاركة في ادارة الازمة في وضع خطة تكتيكية وإستراتيجية للكارثة وفي مقدمتها محافظ محافظة بيت لحم اللواء كامل حميد الذي يشهد له الكثير في ادارة الاحداث والأزمات الكبيرة ولخبرته بإتباعه نموذج يرتكز على مشاركة كافة المكونات الرسمية الحكومية والأمنية ومؤسسات المجتمع المحلي وإقليمها وكافة مكونات وقطاعات محافظة بيت لحم الذي كان له دورا محوريا في المتابعة الميدانية منذ مرحلة ميلاد الازمة ونموها ونضجها حتى انحسارها للوصول الى تلاشيها بشكل نهائي بإذن الله ...
أن الاستنتاج في إدارة أزمة فايروس كورونا كانت نقطة البداية في العمل التضافري للقيادة والحكومة والمجتمع الفلسطيني بشكل عام ومحافظة بيت لحم بشكل خاص الذي تعمق بدرجة كبيرة وبشكل جماعي منسجمة مع أهداف متطابقة لإعلان حالة الطوارئ وللإجراءات التي اتخذتها الحكومة وهنا احتاجت بيت لحم الى ادارتين للتعامل مع هذه الحالة تكتيكي بالتعامل معها لتقليل الاخطار واستراتيجي في تحقيق الاهداف في الوقت المحدد في المتغيرات الاساسية في القضاء على الفايروس والتي اضافوا في المعرفة والخبرة والحكمة بشكل مستمر بتحقيق تفاهمات مع كافة المستويات الأمر الذي أدى إلى وجود قيادة تضافرية مجتمعية وتوزيع المهام والاختصاصات بشكل صحيح على جميع مستويات العمل المجتمعي وخاصة التكافلي مبني بشكل صحيح بهيكل تنظيمي فعال تديره المؤسسة الحكومية وممثل الرئيس المحافظ كامل حميد وبمشاركة فعالة من المؤسسة الأمنية ومؤسساتها الشعبية وإقليمها الميداني والإدارة الاعلامية المتوازنة والتي سجلت جميعها نقطة تحول في إدارة الحالة الاعلامية الفلسطينية لمختلف القنوات الإعلامية العاملة في محافظة بيت لحم والتلفزيون الرسمي للدولة الذي يواكب الأحداث باستدامة في التغطية المستمرة حتى اصبحت مرآة وتجربة ناجحة تستشهد بها المحطات العالمية في تقدير المخاطر الحقيقية للفايروس للإدارة المحلية في مكافحة الفايروس بكل السبل المتاحة ، وتكثيف النشرات الارشادية والتوعوية لنقل الحالة العامة بشفافية مطلقة مع الاشارة الى الأخذ بعين الاعتبار التحضيرات لسيناريوهات متعددة حتى لاسواء الحالات وفقا لتطورات الواقع لتقليص رد الفعل التعاملي لمنع وقوع اضرار اكبر نفسيا ومعنويا مما هو متوقع للسيطرة عليه بالرغم من الإنجاز الكبير التي حققته الطواقم الطبية في التعامل مع الواقع الحالي والتعامل معه بجدية ومسؤولية كبيرة وفق المعايير العالمية للحد منه وعدم انتشار الفايروس داخل حدود محافظة بيت لحم بالالتزام والانضباط للتوجيهات والإجراءات والقرارات التي اتخذت كجزء من ثقافة مجتمعية والحرص الشديد بعدم نقل الفايروس خارج حدودها مع المحافظات الأخرى.
نعم بيت لحم سجلت علامة فارقة في ادارتها وتكاتفها للحفاظ على تطورها الثقافي والديني والاجتماعي وهي كانت قد مرت في ادارة العديد من الأزمات وتعتبر رائدة ومتقدمة كسائر المدن والشعوب المتقدمة في الجاهزية في انجاح مكافحة فايروس كورونا صحيا واجتماعيا إداريا وامنيا ولوجستيا واقتصاديا بالتنسيق مع الكفاءات المختصة للتعرف على المشكلات وتحليلها ووضع الحلول بالعمل تحت أي ظروف بهدف تحسين الأداء في المرحلة الحالية والمستقبلية.
* رئيس الهيئة الفلسطينية لحملة الدكتوراه في الوظيفة العمومية