الكاتب: المهندس محمد أبو عطوان
جداريه الاحرارمن اعلى قممها قررت "دورا " ان ترد الجميل لقامات تاريخية وشخصيات عظيمة وتخلد ذكراها.. إذ كانت لهم مواقف استثنائية في دعم مسيرة شعبنا التحررية و لطالما مدوا يد الدعم والعون لنضال شعبنا الفلسطيني... فلقد أقامت " دورا " جدارية حجرية منقوشة يدويا تميزت عن غيرها من الجداريات الكثيرة في البلدة باشتمالها ليس على البعد الوطني فحسب بل تجاوزت ذلك لتشمل أيضا البعدين الإقليمي والأممي فاحتوت الى جانب صورة الشهيد الرمز ياسر عرفات صورا لقادة تعدت سيرهم النضالية حدود أوطانهم ..كالرئيس الجزائر بالراحل هواري بومدين وقادة امميين. الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو والثائر الأممي تشي جيفارا والرئيس الفنزويلي الراحل هوغو شافيز والذين قادوا بلدانهم في الخندق المناهض لسياسات الدول الاستعمارية في المنطقة والعالم وكانوا من اكثر المناصرين والداعمين لنضالنا المشروع لدحر الاحتلال البغيض.. لذلك لم يكن من باب الصدفة ان اطلق عليها اسم جدارية الأحرار.
حين شاهدت هذه الجدارية لأول مرة - وهي بالمناسبة للفنان الفلسطيني والعالمي يوسف كتلو وهو صاحب أكثر من جدارية في دورا وعلى مستوى الوطن من بينها جدارية "حكاية شعب" وجدارية "الشهيد باجس ابوعطوان" وجدارية الشاعر الراحل محمود درويش وجدارية الشهيد ماجد ابوشرار وجدارية الكاتب المفكر الشهيد غسان كنفاني وجدارية الحلم الفلسطيني - حين شاهدتها لم يلفت انتباهي معانيها السياسية والنضالية فحسب بل شدني أيضا اختيار مكانها وما يضيفه لها هذا الاختيار من رمزية تشي ببعد ديني حين تجاور مقام النبي نوح عليه السلام فيعانق الهلال على قبته الصليب على كنائس هافانا و كاراكاس وكل بقعة في هذا العالم حيثما وجد مدافع عن حقوق شعبنا او مناصر لنضاله المشروع.
يا له من اختيار موفق لا املك الا ان اقول هنيئا لصاحبه ببعد البصر والبصيرة .. كيف لا والموقع يتوسط أيضا عشرات مدارس الذكور والإناث والمجمعات الحكومية والمقار الأمنية والجمعيات الخيرية وكأنه بذلك يريد ان يغرس في عقول الطلبة والطالبات وكل فلسطين يقطن او يمر بتلك المنطقة صور وأسماء العظام .. الثائرين والمناضلين الذين دافعوا عن قيم الحرية حتى الرمق الأخير من حياتهم.
الجزائر.. كوبا.. فنزويلا.. الحركات الثورية في كل ربوع الارض.. كيف لمواطن فلسطيني ان يمر على هذه البلدان والمسميات مرور الكرام ؟
بالتأكيد لا يمكن ذلك ومن يفعلها فهو خائن للأمانة.. ناكر للجميل. وليس فينا وليس منا من يفعل ذلك..!!
كوبا.. دولة الاحرار التي تعاني من الحصار الأمريكي الظالم منذ عقود لم تركع ولم تتخل يوما عن مواقفها الثابتة في دعم المناضلين والثائرين على الظلم والقهر في كل ارجاء المعمورة..!!
كوبا التي كانت والا زالت في طليعة الدول المناصرة لقضيتنا والداعمة لشعبنا والتي تغنى بها وبتجربتها النضالية وانتصار شعبها الشهيد الرمز ياسر عرفات فاحتلت موقعا بارزا من بين المدارس الثورية التي تبنت فكرها وبنت عليه ثورتنا الفلسطينية المجيدة.
كوبا التي رفدت شعبنا وثورته بآلاف الخريجين من أطباء ومهندسين وعسكريين ولا زالت فلغاية يومنا الحاضر هناك أكثر من ١٩٠ طالب يدرسون في كليات الطب سيضاف لهم في العام القادم إن شاء الله ٦٠ آخرون واكثر من ٢٠ منحة لأطباء اختصاص.
كوبا التي تؤثر على نفسها.. فها هي اليوم وفي ظل جائحة الكورونا تهب لنجدة دول كبرى -قد تكون شريكة في حصارها - وبعض الدول الفقيرة والشعوب المستضعفة بإرسال عشرات الفرق الطبية من "جيشها الأبيض" كما وصفهم زعيمها الراحل كاسترو ليساهموا في مواجهة الوباء ومنع انتشاره والقضاء عليه.
كل التقدير للفنان الرائع يوسف كتلو ولكل من ساهم في انجاز هذا العمل المميز واخص هنا مركز شهداء دورا الثقافي وجمعية الصداقة الفلسطينية الكوبية وبلدية دورا وكل مؤسسات المجتمع المحلي التي ساهمت بشكل او بآخر لترى جدارية الاحرار النور..!!