الكاتب: جمال النمر- أمين سر جمعية الفنادق العربية
على الرغم من كافة التحديات التي واجهت قطاع السياحة و الفنادق الفلسطيني منذ قيام السلطة إلا أنه بقي صامدا في مواجهة التقلبات السياسية والأمنية الداخلية وتكبد خسائر هائلة في عدة منعطفات خلال ربع القرن الماضي.
لقد أبدى المستثمرون في هذا القطاع شجاعة وإلتزاما غير مسبوق بالصمود و الإستمرار بينما تشتعل الأرض تحت أقدامهم بفعل تطورات الوضع السياسي و الميداني في فلسطين و المحيط.
فمنذ قيام السلطة إستثمر القطاع الخاص في الفنادق مئات الملايين من الدولارات، وفتحوا أفاق لأكثر من ١٠ آلاف فرصة عمل فيما يوفر القطاع السياحي في فلسطين ما يقارب ٣٨ الف وظيفه لابناء شعبنا، ونسجوا علاقات واسعة مع صناع السياحة في العالم، ووضعوا فلسطين على أهم خارطة سياحية عالمية، و نحتوا الصخر للحصول على حصة من السياحة العالمية حتى تمكنا من تثبيت أقدامنا بجدارة في عالم صناعة السياحة الوافدة، وكان لهذا القطاع الدور الفاعل في صقل وترسيخ الوجه الحضاري لفلسطين ورسم الصورة المشرقة للإنسان الفلسطيني بعلمه وثقافته وتمسكه بطموحه و عدالة قضيته، عدا عن مساهمته الفاعلة في دخلنا القومي.
وإن إنهيار القطاع الفندقي نتيجة للأزمة الحالية وعدم إتخاذ ما يلزم لمنع ذلك سيقضي على جهود ربع قرن من العمل المستمر و المثابر، وسيؤدي إلى خلل في كافة القطاعات المرتبطة به مثل المطاعم و محلات السنتواري و الأسواق الشعبية و غيرها.. وحتما سيؤدي إلى تعميق البطالة في السوق المحلي وهجرة العمالة الماهره والمدربة التي بذلنا جهود مضنية لرفع كفائتها.
إن معالجة الآثار الكارثية لجائحة الكورونا على القطاع السياحي بشكل عام و الفندقي بشكل خاص يجب أن يحتل أولوية معتبرة على سلم الجهود الوطنية للإنعاش الإقتصادي وإعادة تدوير عجلة النمو، علما بإن الكارثة لم تستكمل بعد حيث أن وصول الكورونا تزامن مع بداية الإنتعاش السنوي للإشغال الفندقي وحيث أن هذا القطاع يعتبر من أكثر القطاعات تشغيلا للموظفين و العاملين بالتقاطع مع باقي القطاعات المرتبطه به.
فإن الإغلاق التام لهذا القطاع لفترة طويلة سيدفع بآلاف الأسر إلى ما تحت خط الفقر، ويغلق السبل في وجه المتعطلين عن العمل ويدفعهم للتوجه غربا بحثا عن لقمة العيش أو حتى للهجرة قسرا.
ومن واقع التصريحات الرسمية يبدو أن الإغلاق و تعطل المرافق الإقتصادية سيطول و ستبقى المرافق السياحية وعلى رأسها الفنادق معطلة وبدون أفق، وأنه من المحزن المبكي أن الفنادق لن تعود لممارسة نشاطها غداة إنتهاء الأزمة، وسيفاقم إستمرار إغلاقها مخاطر إفلاس وإنهيار عدد كبير من الشركات و المنشئات السياحية لعدم قدرتها على تحمل تكلفة تشغيل مرافقها العالية جدا ودون مردود أو تعويض، وبرأيي فإنه دون تدخل جريء لن تتوقف الكارثة عند قطاع السياحة بل ستتسع بفعلها و تتعمق في باقي القطاعات ذات العلاقة.
لكل ما سبق فإننا الكل مطالب بتحمل المسؤولية التاريخية لمنع إنهيار هذا القطاع ونحافظ على وجود فنادقنا الفلسطينية، والتفكير خارج الصندوق في البحث عن وسائل وآليات لمنع إنهيارها بما في ذلك إطلاق رزمة من الحوافز و المساعدات والتسهيلات تمكننا من إلتقاط الأنفاس و البدء من جديد أسوة بباقي دول العالم التي أخذت على عاتقها تعويض هذه المرافق ووضعت الفنادق في مركز خطط الإنعاش الإقتصادي.
فإننا نتطلع لمبادرة الحكومة لتشكيل لجنة مختصة بقطاع السياحة و الفنادق مشتركة بين القطاع الخاص و العام لبلورة برنامج عمل للإنقاذ ما بعد إنتهاء هذه الازمه الصحية و تعافي مجتمعنا و عبوره هذه الأزمة بأقل الخسائر.