الكاتب: رولا سلامة
في غمرة الأحداث وتصاعد الأزمات ، وفي جائحة كورونا وما أحدثته من ضربة قوية للاقتصاد الفلسطيني والذي يعاني أصلا من مشاكل كبيرة والتي لا تخفى على أحد ،وفي ظل النقص الحاد بالامكانيات الطبية من معدات وأجهزة في مشافي الوطن ابتداءا من قطاع غزة مرورا بالضفة الغربية وانتهاء بمشافي مدينة القدس وبعد أن تخلى الاحتلال عن مسؤولياته تجاه القدس والمقدسيين وبعد أن أهملمهم وأهمل صحتهم وتركهم للمرض وشدد عليهم الحصار والخناق وعزلهم عن سلطتهم الوطنية وتركهم ومؤسساتهم ينزفون ، وفي ظل الصدمة التي أحدثتها هذه الكارثه والتي كشفت عدم جاهزية دول العالم كافة لمحاربة هذا الوباء ، فأعظم دول العالم والتي كانت تتغنى بامكانياتها وجاهزيتها للحروب ولاستقبال ما هو أسوأ ، جاءت كورونا وكشفت كذب وهشاشة هذه الأنظمة واصبح بعضنا يفكر أن نهاية العالم اقتربت ، وأن كل ما حل بنا ما هو الا عقاب رباني على سوء حالنا وعلى الاستهتار والفساد والحروب والدمار الذي ألحقناه بالانسان والطبيعة ، وبات كل منا لا يفكر الا في كورونا وتأثيرها ومرحلة ما بعد كورونا ، وبدأنا نراجع حساباتنا ونفكر بحياتنا ونتمنى أن نعود للوراء سنوات وسنوات ، فأيام الماضي والتي كنا نلعنها صباح مساء أصبحت مبتغانا وأكبر أمنياتنا ، فكثيرة هي المأسي والدمار التي أحدثها هذا الفيروس اللعين بحياتنا ومستقبل أبنائنا ، ولكنه كذلك سلط الضوء على عجزنا في استثمار امكانياتنا وامكانيات أبنائنا داخل الوطن وخارجه ، فعدنا ونحن في خلوتنا نفكر ونحلل ونستحضر أسماء من نعرفهم أو نسمع عنهم من رجالات الوطن ممن ساهموا في بناء اقتصاد العالم ، ممن خرجوا من وطنهم للدراسة أو العمل أو حتى لعدم قدرتهم على تحمل أوضاعهم وصعوبة ظروفهم الاقتصادية ، فدرسوا وأبدعو وتفوقوا .
أبناء الوطن في المنافي والشتات، هذه المشاعل التي أضاءت سماء دول عديدة بالعالم ، لم ينسوا فلسطين ولم ينسوا وطنهم الجريح ، قد تكون مشاكل الحياة ومشاغلها قد أبعدتهم قليلا عن التفكير في الوطن ومشاكله وقصصه وظروف أهله وضعف مؤسساته واقتصاده ، والأن ونحن نمر بهذه الظروف الصعبة بامكانياتنا المحدودة ما أحوجنا لأبنائنا ودعمهم وأفكارهم الخلاقة لنخرج سويا من هذه المأساة بقصص نجاح تلهم جيلا كبيرا تعب كثيرا من حمل هموم الوطن ، تعب كثيرا من البحث عن أمل ، واشتاق أن يحضن الوطن وأن يبني الوطن ، فكم من عالم وطبيب ، مهندس ورجل أعمال ، وكم من معلمة ومبدعة حفر اسمهم في كتب المشاهير ، وكم نتمنى أن نراهم بيننا بحضورهم واسهاماتهم ودعمهم ووقوفهم الى جانب وطنهم واخوانهم ، فكم نتمنى أن نرى اسهاماتهم تزيد وتكبر ، تنير جامعاتنا ومشافينا ، وترفد اقتصادنا بما يسهم في دعم عمالنا وأبنائنا ومزارعينا ، فالصمود هنا له عدة أشكال ودعم المواطن وتوفير متطلبات حياته وعمله من أهم طرق حفظ الأرض وحمايتها ، فمكتباتنا وجامعاتنا ومدارسنا ومراكز البحث لدينا بحاجة للكثير من الدعم والمسانده وأما مشافينا ومراكزنا الطبية فهي بحاجة للكثير من الأجهزة المتطورة ومن المعدات وأجهزة تصوير الأشعة وغيرها ، فلدينا الكفاءات ولدينا الأطباء المهره ولدينا الاساتذه المبدعون والمتميزون ولكننا بحاجة لأمور اخرى عرفنا أهميتها ومدى حاجتنا لها في ظل الأزمة التي نعيشها الان ويعيشها العالم معنا ، فمشافينا جهزوا قوائم باحتياجاتهم وينتظروا من يتواصل معهم ليوفر لهم ما يحتاجون اليه في ظل تردي الأوضاع الصحية وجائحة كورونا .
فلسطين الجريحة تناديكم وتشد على أياديكم ، فلنفكر في مستقبل أبنائنا ونوفر لهم سبل الابداع والتميز ، ونترك فيهم ما يمكنهم من الصمود والثبات فصمودهم أمان لنا ، وحماية لأرضنا ودعم لشعبنا ، وترسيخ لحقنا في الحياة على أرضنا المباركة .
هي دعوة بل أمنية أتمنى أن تتحقق وأتمنى أن تحدث أثرا بمن يقرأها فيبادر الى تطبيقها ويقنع من حوله بتبنيها ، فنسمع قريبا عن أرض زراعية تم استصلاحها من مستثمر فضل أن يدعم وطنه بطريقته فاختار الأرض والزرع ليدعمهم ، فليس أجمل من العطاء والبناء ودعم الصمود .
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن الكورونا وتأثيرها بالمجتمع الفلسطيني .