السبت: 01/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

ما بين رمضان ورمضان

نشر بتاريخ: 25/04/2020 ( آخر تحديث: 25/04/2020 الساعة: 19:38 )

الكاتب: صادق الخضور

بداية، كل عام والجميع بألف خير لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك الذي يأتي هذا العام في ظل جائحة كورونا، وما بين رمضان الحالي وسابقاته بون شاسع، فالجائحة ألقت بظلالها على المناحي كلها.

حتى طقوس شراء القطايف لم تعد ذاتها، صحيح أننا كنا نشهد أحيانا طوشة هنا، وطوشة هناك نتيجة التزاحم على الدور، لكن حتى الطوش كانت لها نكهة خاصة، حاليا تبدو عملية الشراء وكأنها تتطلب تدابير، قف بعيدا، وانتظر، ولا ضير في ذلك، فأصلا أكثر ما يفرضه علينا واقعنا الفلسطيني هو الانتظار، فالنازحون عن بيوتهم وأرضهم لا يزالون ينتظرون العودة منذ عام 1948.

بالأمس جولة سريعة مع صديق، قنينة عصير اللوز في 3 أماكن وفي كل مكان بسعر: مرّة ب15 شيكل، وثانية ب25، ثم ب10، تباين يطرح تساؤلات عن مدى وجود ضوابط ومحددات خاصة وأن الحديث عن ضبط الأسعار في ظل الجائحة سيد الموقف.

الأمر الأكثر صعوبة في هذا التوقيت هو الحلاقة، فحلاقة الشعر باتت طموحا للكثيرين...وكلنا يعرف أن أيام وقفة العيد نهاية رمضان تشهد تزاحما غير عادي للحلاقة، فهل ستكون نهاية رمضان هذا العام شاهدا على افتقاد طقوس لطالما حضرت، نتمنى زوال الوباء واستعادة ما اعتدنا عليه من أجواء الزحام في صالونات الحلاقة، فهي مما سبغ المشهد برونق خاص.

سيكون رمضان هذا العام بلا عزائم – ولا نقول بلا عزيمة-، وهو مشهد أدق ما يوصف به" التباعد الاجتماعي"، وفي ظل مطالبة البعض بالتفريق بين التباعد الجسدي الذي فرضه كورونا، والتباعد الاجتماعي كمصطلح إلا أن انعكاسات الجائحة على العزائم والولائم تندرج في إطار تباعد اجتماعي.

جاء رمضان، والآمال لا زالت معلقة على أهمية الالتزام قدر الإمكان بالضوابط الخاصة بالتقليل من الحركة، لكن يبدو أن الحنين لأجواء رمضان في سالف الأعوام داعب نفوس الكثيرين، فمجرد جولة في سوق رام الله كشفت عن أن الحذر ذهب، والدليل فتح محلات الذهب، مع أنها ليست مما أدرج ضمن الاستثناءات!!

رمضان في الأعوام السابقة كان يشهد حركة على مدار الساعة، هذا العام الحركة محدودة؛ هذا على الأقل ما هو مفترض، إلا أن الأزمة المرورية في مراكز المدن لا توحي بأن الأغلبية تأخذ التعليمات والتحذيرات على محمل الجد.

يأتي رمضان، ليكون أول أيامه شاهدا على ترقب وانتظار وابتهال بأن يكون الوباء إلى زوال، هو رمضان الترقب إذاً، وأي لحظة يحكمها الانتظار تكون طويلة، أو لم يقولوا:" وفي كل ليل لا يسرّك طول"؟ و"فيا لك من ليل كأن خيوطه .. بكل مغار الفتل شدّت بيذبل؟ وإلى غيرها مما يشيع في تراثنا الأدبي من أقوال...لكن رمضان شهر الطمأنينة كان وسيبقى، والانتظار فيه مهما طال فلن يكون مما لا يسر.

يأتي رمضان هذا العام وسط آمال بأن يزيل الله الوباء، ليكون الشهر شاهدا على أكثر من عيد، وليعود النبض إلى الكثير من أركان حياتنا، فالجميع يدركون أن عدم فتح دور العبادة هو من أجل توفير أعلى درجات الوقاية، يلتزمون لكن الحنين يراودهم بالعودة حال انحسار الوباء.

رمضان هذا العام قابل لأن نعزز فيه حضورنا الإيجابي واقعيا وافتراضيا، وكل ما هو مطلوب ألا تتواصل حالة التركات المبالغ فيها نحو الأسواق، صحيح أن للشهر متطلباته، لكنها متطلبات يمكن توفيرها بمراعاة التدابير، ومواصلة حالة التصرف بحذر– قدر الإمكان-.

مجرد مرور في شوارع رام الله يعيد للأذهان أغنية عدويّة: " زحمة يا دنيا زحمة"، وكل من يتابع ما ترصده كاميرات الناشطين من مشاهد من كافة المدن يؤكد أنه وفي حالة عدم وضع ضوابط فالمشهد مرشح لحالات اكتظاظ الأسواق بصورة تناهز ما شهده رمضان في السنوات السابقة.