السبت: 01/02/2025 بتوقيت القدس الشريف

الاقتصاد الفلسطيني، الى اين؟!؟

نشر بتاريخ: 26/04/2020 ( آخر تحديث: 26/04/2020 الساعة: 17:21 )

الكاتب: الباحث الاقتصادي نصر عطياني

ان المتمعن والدارس لطبيعية الاقتصاد الفلسطيني، يرى ويلاحظ بشكل واضح وجلي سماته وميزاته التي تكاد تكون تختلف عن أي سمات اقتصاد آخر، فالحديث هنا يدور حول اقتصاد وتنمية في ظل احتلال. فعلى الرغم من قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994 في الضفة الغربية وقطاع غزة، الاّ أن المعضلة الرئيسية التي كانت تواجه الاقتصاد الفلسطيني قبل ذلك لم تنتهي، ولم يتم إزالة الآثار التشويهية للاحتلال، بل على العكس من ذلك، ازدادت تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي وارتهانه للسياسات والإجراءات الإسرائيلية، إضافة الى الاعتماد الواضح على المساعدات والمنح الأجنبية، مما اضعف من قدرته على النمو، وإحداث التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فالسيطرة الإسرائيلية على المعابر والحدود الفلسطينية، إضافة للموارد الطبيعية، والتحكم في مصادر المواد الخام والأولية اللازمة للصناعة، وعدد آخر من المعيقات اضعف الآمال والتوقعات بإستقلالية الاقتصاد الفلسطيني، الأمر الذي فرض كثيراً من التحديات الكبيرة والخطيرة.

من هنا بات من الضروري الإجابة على التساؤل التالي: الاقتصاد الفلسطيني الى أين؟!؟، ففي ظل المتغيرات المحلية والاقليمية والعالمية التي يدور في فلكها الاقتصاد الفلسطيني والتي كان اخرها الاعلان عن ما يسمى صفقة القرن، يتوجب علينا النظر بعين الواقعية لهذه التغيرات وحالة الحراك السياسي والاقتصادي في المنطقة، حيث كانت هناك العديد من المبادرات العالمية والاقليمية لاستئناف العملية السلمية وبث الروح فيها من جديد، الا انه وحتى اللحظة لم تفلح تلك الجهود والمحاولات، بل على العكس من ذلك ازدادت فجوة الاختلافات والخلافات ووجهات النظر، وامعنت سلطات الاحتلال بتنفيذ سياسات اشد خطورة على فلسطين واقتصادها اعتماداً على الدعم الامريكي اللامتناهي للسياسات والاجراءات الاسرائيلية، وحالة التشرذم العربي والعالمي من جهة اخرى. وفي نفس الوقت هناك الاعلان الدائم عن تعهدات دولية واقليمية بمواصلة تقديم الدعم للاقتصاد الفلسطيني.

إلاّ أن المراقب للحدث والمتتبع لمجريات الأمور يرى غير ذلك !!! فعلى الرغم من تلك التعهدات إلاّ أن الالتزام بها لا زال محدوداً، والأهم من ذلك ليس الدعم المادي فقط، بل يجب دعم اركان الدولة الفلسطينية، فهي بحاجة ماسة للدعم السياسي كي تستطيع مواجهة التحديات المحدقة والمحيطة بها، كما أنها بحاجة كبيرة لإجراءات وتسهيلات من قبل الحكومة الإسرائيلية، تتمثل اساساً بتسهيل حركة السكان والبضائع على المعابر والحدود، وتوسيع آفاق التجارة الخارجية ومنح السلطة الوطنية الفلسطينية صلاحيات على المعابر والحدود لتسهيل حركة الاستيراد والتصدير ايضاً، حتى نستطيع القول أن هناك تحسناً ملموساً جرى على ارض الواقع، يمكن من خلاله القول ان السلطة الوطنية الفلسطينية حققت نجاحا اقتصادياً ومالياً في ظل الاوضاع والمتغيرات الاقتصادية الاقليمية والعالمية، كما حققت نجاحاً أمنياً، من خلال تطبيق الخطة الأمنية وبسط القانون والنظام في محافظات الضفة الغربية.

وحتى يمكننا القول ان دول العالم المختلفة قد ساعدت وساهمت جنباً إلى جنب مع السلطة الفلسطينية في إعادة الروح والنماء للاقتصاد الفلسطيني من الضائقة التي يعاني منها، لابد من تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وسلطته الوطنية.

ان العلاقة الاقتصادية بين الاقتصادين الفلسطيني والاسرائيلي هي علاقة غير متكافئة بالمطلق، وجاءت نتيجة للقوة العسكرية والسياسية والامنية الاسرائيلية، التي مارستها سلطات الاحتلال الاسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني، حيث لا زالت النسبة الاكبر من الصادرات الفلسطينية موجهة للسوق الاسرائليلة والنسبة الاكبر ايضا من الواردات الفلسطينية هي من السوق الاسرائيلية، وهذه تشكل معضلة خطيرة تواجه الاقتصاد الفلسطيني من خلال اثرها المباشر على الناتج المحلي الاجمالي وميزاني التجارة والمدفوعات، وتشكل احد اكبر التحديات امام الحكومة الفلسطينية.

وعلى الرغم من ان ملامح النظام الاقتصادي العالمي الجديد بدات بالظهور بسبب جائحة كورونا، حيث نتحدث عن ازمة صحية عالمية قادت الى ازمة مالية واقتصادية عالمية باتت تهدد اقتصادات دول كثيرة، وحيث ان الاقتصاد الفلسطيني يدور في فلك الاقتصاد العالمي ومنظومته، الا انه من الضرورة بمكان التاكيد على ان جائحة كورونا الصحية والاقتصادية والتي تجتاح العالم حاليا ليست اقل من جائحة صفقة القرن التي تم الاعلان عنها ويجري الترتيب لتنفيذها، مما يتطلب دورا كبيرا من الجميع لتسليط الضوء على الجائحتين حتى يتمكن الاقتصاد الفلسطيني من الصمود في هذه المواجهة.

ولكن يبقى السؤال الذي لابد من الإجابة عليه، الا وهو: هل بالإمكان تنفيذ برامج الدعم والمساعدة التي أعلنت عنها كبرى الدول والمؤسسات الدولية للدولة الفلسطينية في ظل وجود الأزمة العالمية الحالية؟ ومن ناحية اخرى هل ستكون هناك خطة اقتصادية للدول الصديقة لاسعاف الاقتصاد الفلسطيني وانعاشه؟؟؟