نشر بتاريخ: 03/05/2020 ( آخر تحديث: 03/05/2020 الساعة: 12:15 )
الكاتب: د. حسين سليمان رداد
الإعلان عن نية دولة الاحتلال ضم أراضٍ اضافية الى كيانها ليس مجرد احد بنود الاتفاق الائتلافي بين الأحزاب الصهيوينة لتأليف حكومة تعذر تشكيلها منذ أكثر من عام، ففكرة الضم والاستحواذ على أراضٍ اضافية مترسخة في وجدان المشروع الاستعماري الاستيطاني، فالكيان الصهيوني بالاصل فكرة قائمة على سرقة الأراضي ، ولا غرابة ان يتم طرح ضم منطقة الأغوار او المناطق المسماة جيم خلال الثلاثة شهور القادمة؛ فمن الناحية العملية كل هذه المناطق ( فلسطين التاريخية هي تحت الاحتلال الإسرائيلي)، لكن الجديد هو حاجة دولة الاحتلال في هذه المرحلة تتمثل في إضفاء الشرعية على هذه السرقة، بل تسعى الى اخضاع الشعب الاصلاني ودفعه الى الاعتراف والاقرار الرسمي بهذه السرقة، فالضم وان تعددت سيناريوهاته يبدو انه امر حتمي خاصة في ظل المتغيرات الدراماتيكية محليا ودوليا ، فالواقع الفلسطيني يمر بأسوء حالته ؛ فالانقسام السياسي والجغرافي والاجتماعي ليس بخافٍ على القاصي والداني، والواقع العربي والإسلامي المتمركز ذهنيا حول مواجهة مشاكله الداخلية والتهديدات الخارجية يأخذ جل اهتماماته ، اما الواقع الدولي فحدث ولا حرج خاصة في ظل الواحدية الامريكية وتربعها على عرش النظام العالمي، وحالة الاستقواء التي تمارسها ادارة ترامب الشعبوية، على دول وأنظمة ومؤسسات العالم، واذا ما اضيف لتلك الاعتبارات المهدد العالمي الجديد المتمثل بشبح الوباءات المتجددة ليس اقلها فيروس كورونا، كل ذلك يجعل من خطوة الضم فرصة تاريخية لن تفوتها دولة الاحتلال لاعتقادها أن التاريخ لن يعيد انتاجها؛ ليس تشاؤما ان تطرح سيناريوهات الضم وكأنها قدر محتوم، لكن واقع الحال والمؤشرات في البيئة الداخلية الفلسطينية والبيئة الخارجية إقليميا ودوليا تؤكد ان الضم قادم لا محاله، حيث تتنوع هذه السيناريوهات:
- تأجيل الضم حتى انتهاء الانتخابات الامريكية.
- ضم كامل لأراضي للضفة الغربية ( منطقة الأغوار ومناطق جيم )، قبل البدء بحملة الانتخابات الامريكية.
- الضم التدريجي للأراضي الفلسطينية بحيث يتم ضم المستوطنات الإسرائيلية تحت مسمى بسط القانون "الإسرائيلي" عليها في المرحلة الأولى قبل البدء بالانتخابات الامريكية، ثم يتم النظر بضم غور الأردن بعد الانتهاء من الانتخابات الامريكية.
لترجيج احد السيناريوهات السابقة لا بد من تحليل جملة من المعطيات :
- أهداف الضم من وجهة نظر "إسرائيلية" : هناك جملة من الأهداف التي تسعى دولة الاحتلال لتحقيقيها، أهمها:
- الهدف الاستراتيجي : ان ضم منطقة الأغوار من شأنه ان يمنع إقامة كيان فلسطيني متواصل جغرافيا قابل للحياة ومرتبط مع محيطه الطبيعي العربي والدولي؛ فمن شأن ضم غور الأردن الفلسطيني ان ينسف مبدأ أساسيا وشرطا مهما من شروط تكوين الدول وهو مبدأ السيادة على الإقليم، وطالما انه لن يكون هناك حدود لهذه الدولة فسوف يبقى هذا الكيان مجرد كيان اداريا ّوليس سياسيا.
- الهدف الاقتصادي : تبلغ مساحة الأغوار أكثر من مليون وست دونمات وهي تمتد من طبريا شمالا حتى البحر الميت جنوبا، وهذه المنطقة تمتاز بمواردها الطبيعية الغنية ( ملح، مخزون مائي، أراضٍ زراعية خصبة ).
- على الرغم من تراجع مفهوم العمق الاستراتيجي نتيجة تغير طبيعة وأدوات الحروب، ومع تغير وظيفة منطقة الأغوار الذي لا يزيد عمقه عن 40 كم من وجهة نظر اسرائيلية كخط دفاع متقدم ضد أي هجوم محتمل يأتي من الشرق، الا ان دولة الاحتلال، لا زالت تعتقد ان السيطرة على هذه المنطقة سوف تتيح لها إمكانية القيام بمراقبة حثيثة للجبهة الشرقية ونصب محطات الإنذار المبكر، وساحة مفضلة للقيام بمناوراتها العسكرية للحفاظ على جهوزية قوتها العسكرية.
- مواقف اطراف البيئة الاستراتيجية
أولا- دولة الاحتلال وفلسطين:
- "الاسرائيليون" : هناك شبه اجماع بين مكونات دولة الاحتلال، السياسية والشعبية، على خطوة الضم خاصة ضم منطقة الغور، وبصرف النظر عن أي حكومة سيتم تشكيلها، فخطوة الضم لو حدثت في الوقت المعلن عنه في شهر تموز وفي حال طرحها على الكنيست الحالية فانها ستنال اغلبية ساحقة ( يمين 59 عضو، حزب تيلم 2، حزب يسرائيل بيتنا 6 ، حزب كاحول لافان 16 عضو)، اما اذا كان الضم سيشمل مناطق(جيم) بما فيها المستوطنات، فان الامر سوف يكون أكثر تعقيدا، ، فهناك اختلاف شكلي بين المكونات الاسرائيلية على تطبيق قانون الإحتلال على المستوطنات لما لهذه الخطوة من محاذير امنية واقتصادية واجتماعية ولوجستية.
- الفلسطينيون: نظريا هناك اجماع فلسطيني ( رسمي، فصائلي، شعبي ) على رفض الضم، لكن الحقائق على الأرض لا تعطي الكثير من الخيارات الواقعية للفلسطينيين، فالموقف الرسمي ما زال يراهن على المقاومة الدبلوماسية والقوة الناعمة من خلال التوجه نحو المؤسسات الدولية وحشد المزيد من المواقف الدولية الرافضة لمشاريع الضم، هذه السياسية بدأت تفقد فاعليتها يوما بعد يوم، والتعويل على هذا الرهان لوحده لن يردع دولة الاحتلال، وربما سلسلة القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الامن وغيرها من القرارات الصادرة عن المنظمات الدولية والإقليمية الأخيرة وفقدان فاعليتها مثال حي على عدم جدوى هذا التوجه خاصة في ظل الهيمنة الامريكية على معظم المنظمات الدولية، اما الانقسام الجغرافي والسياسي والاجتماعي في فلسطين والذي يبدو انه اصبح في حكم المؤبد، يشكل ثغرة في جدار المنعة الفلسطيني، وعلى المستوى الشعبي، فقد أكدت التجربة ان الهبات الشعبية الموسمية اضحت معلما وسمة نمطية لردود الفعل على الأحداث حتى الكبيرة منها، خاصة اذا لم يتشكل حاضنة حزبية لهذه الفعاليات ، فعدم دفع كل من حركتي حماس فتح وقيادتهما للجماهير ضد الضم سيكون ردا باهتا ومتوقعا من الدوائر الرسمية السياسية والأمنية الاسرائيلية، وسرعان ما ينتهي المشهد بعدد من الشهداء والجرحى والمعتقلين الفلسطينيين.
ثانيا- إقليميا ( الأردن، مصر): الدولتان الوحيدتان اللتان تقيمان علاقات دبلوماسية كاملة مع دولة الاحتلال، ويتأثران بشكل مباشر بالاحداث في فلسطين.
- الأردن: برغم الضرر الذي يمكن ان يلحق بالعلاقات الأردنية الإسرائيلية نتيجة ضم منطقة الأغوار حيث يعتبر الضم في الأغوار مخالفة صريحة لاتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين في وادي عربة، حيث أشارت المادة الثالثة الى قضية الحدود بين الطرفين وعدم المساس بالاراضي المحتلة عام 1967، ورغم هذا المحذور الا انه ليس من المتوقع قيام الأردن بخطوة جدية كقطع العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين كوسيلة ضاغطة ورادعة لدولة الاحتلال عن الاقدام على مثل هكذا خطوة، وما يؤكد ذلك أن الواقع على الأرض والذي تكون منذ عام 1967 تثبت ارتياح الطرفان الذي يصل مرحلة من التوافق والتعاون في ضبط الحدود، واذا ما حصلت الأردن على ضمانات تتعلق بموضوع اللاجئين وقضية الوطن البديل والاغراءات المالية السخية تحت مسمى تعويضات التوطين كالتي ضمتها صفقة القرن ، فان عملية الضم لغور الأردن ستحدث ولكن ليس في المستقبل القريب.
- مصر: منذ أكثر من عقد من الزمان تتعامل مصر مع القضية الفلسطينية من باب الاحتياجات الامنية خاصة منذ سيطرة حماس على غزة بقوة السلاح، حيث يكلف جهاز المخابرات المصري بهذا الملف، وعليه فان مصر وان كانت مواقفها السياسية الرسمية توحي بأنها تساند وتقف مع الحقوق الفلسطينية الا أنها وخاصة بحكم العلاقة المصلحية التي تربطها مع الولايات المتحدة ، لن تقوم بخطوة تشكل رادعا لإسرائيل لمنعها من الضم.
- عربيا واسلاميا: هناك هرولة عربية نحو التطبيع مع دولة الاحتلال وهناك تصريحات تركية إعلامية لم تصل الى حد الدفع نحو اجبار إسرائيل للتراجع عن هكذا خطوة، وما نقل السفارة الامريكية الى القدس واعتراف أمريكا بضم الجولان عن هذا النموذج ببعيد.
ثالثا- دوليا:
- أمريكا: الموقف الأمريكي التقليدي المؤيد لدولة الاحتلال لم يتغير، فصفقة القرن اكبر هدية في تاريخ العلاقات الامريكية الإسرائيلية الاستراتيجية تقدم لها، ومن المتوقع ان يكون موضوع ضم الغور والمستوطنات احد المواد الانتخابية لكلا الحزبين المتنافسين في أمريكا ( الجمهوري، الديموقراطي )، والمتمعن في توقيت الضم في بداية شهر تموز 2020، لا يجد عناءً في الربط بين طرح مشروع الضم والانتخابات الامريكية فمن المتوقع ان يقوم ترامب بأداء اليمين الدستوري كمرشح عن الحزب الجمهوري من ( 24 – 27 اب ) وكذلك الامر بالنسبة للمرشح الديموقراطي (13- 16 تموز )، وهذا يؤكد ان دولة الاحتلال سوف تستغل هذه الانتخابات للضغط من خلال اللوبيات المؤيدة لها لتقديم تعهدات من قبل الحزبين بدعم مشاريع الضم، رغم ان نتن ياهو يفضل إدارة ترامب على إدارة ديموقراطية يقوها بايدن، حيث أوضح ذلك وبشكل جلي اثناء مخاطبته للانجليين قبل أيام قائلا: " لن نخيب رغبة ترامب في تنفيذ الصفقة / صفقة القرن" ، ورغم تصدر القضايا الداخلية والمهددات الخارجية كوباء كورونا والحرب الاقتصادية مع الصين للبرامج الانتخابية الامريكية والذي قد يدفعهم الى التفكير مليا في الموافقة من عدمها على خطوة الضم قبل الانتهاء من الانتخابات الامريكية في هذه المرحلة ، حيث يأتي تصريح وزير خارجية الإدارة الأمريكي بومبيو قبل ايام بان الضم هو "شأن إسرائيلي" ليدحرج الكرة الى الملعب الإسرائيلي، ليفهم منه ان على دولة الاحتلال التريث قليلا في اتخاذ مثل هذه الخطوة في هذا التوقيت الدقيق، رغم ان فريقا أمريكيا إسرائيليا قد باشر في وقت مبكر بوضع خرائط الضم .
- الاتحاد الأوروبي: يشكل الموقف المتقدم للاتحاد الأوروبي الذي يلامس ويتوافق مع الموقف الفلسطيني في رفض كافة الاعمال التي تخالف القانون الدولي وخاصة تلك تتعلق برفض بأي اجراء يغير من طبيعة الأراضي المحتلة، ناهيك على ان استثمارات الاتحاد الأوروبي في البنى التحتية والتنمية المستدامة تركز على مناطق المنطقة ( جيم )، فرفض 21 دولة أوروبية من اصل 27 دولة لا يقلل من أهمية هذا الموقف؛ ورغم ذلك لا يتوقع أن يكون هناك اجراءا أوروبيا رادعا ، خاصة في ظل التصدع في بنيان الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، وأزمة كورونا التي كشفت هشاشة العلاقة بين جنوب أوروبا وشمالها.
- الصين: سوف يظل الموقف الصيني المتوازن في علاقاته بين الفلسطينيين والإسرائيليين نمطيا دون تغيير واقتصار دورها على دعم المواقف الفلسطينية في المؤسسات الدولية، في المرحلة الحالية، وهذا لن يكون له تأثير بالضغط على دولة الاحتلال لعدم القيام بأي اجراء ضد الفلسطينيين.
- روسيا: لا يختلف الدور الروسي كثيرا عن الدور الصيني في استمرار اعتماد استراتيجية التوازن بعلاقاتها بين الفلسطينيين والاسرائيليين، ولن تضحي روسيا بعلاقاتها مع دولة الاحتلال خاصة في ظل التفاهمات الامنية في سوريا ولا يتوقع قيامها بالضغط على دولة الاحتلال ومنعها من ضم أراضٍ أخرى، فتجربة اعتراف الولايات المتحدة الامريكية بشرعية احتلال الجولان وردة فعل روسي الباهت يؤكد صوابية التصور السابق، فميزان المصالح بينهما يميل لكفة غض الطرف الروسي عن خطوات الضم.
- المنظمات الدولية ( الأمم المتحدة، مجلس الامن، المحكمة الجنائية الدولية ): لا يمكن انكار دور المؤسسات الدولية الإيجابي ، فرغم الهيمنة الامريكية علىها، الا ان قراراته المؤيدة للحق الفلسطيني ينقصه التنفيذ نتيجة غياب أدوات فعالة لتنفيذ تلك القرارات مما يفرغها من مضمونها، فالموقف المتقدم لمحكمة الجنايات الدولية الأخير حول ولاية المحكمة الجنائية على الأراضي الفلسطينية والذي يفترض ان يردع دولة الاحتلال ، الا انه ليس من المتوقع ان يغير الصلف والغرور الإسرائيلي المدعوم أمريكيا بل سيدفعهم لتحدي هذه المحكمة ، والتصرف كعادتهم وكأنهم فوق القانون.
في ضوء تحليل البيئة الاستراتيجية ( الداخلية والخارجية )، من المرجح ان تقوم دولة الاحتلال بالبدء فعلا باجراءات الضم ضمن السيناريو الثاني وفي التاريخ المحدد ، حيث ستبدأ ببسط "القانون الإسرائيلي" على المستوطنات الكبرى في المرحلة الاولى، وبعد الانتخابات الامريكية سوف تقوم بضم غور الأردن وفق استراتيجية الضم الناعم والانيق، منتهزة فرصا قد تتهيأ في البيئة الخارجية نتيجة انشغال العالم بمهددات عالمية، حيث تشير تقارير منظمة الصحة العاليمة أن فيروس كورونا سيعود بموجة اقسى في نهاية الخريف وبداية الشتاء من العام 2021 وهو الموعد الذي سترسو فيه سفينة الانتخابات الامريكية وينكشف الثلج عن مرج الإدارة الامريكية الجديدة.
في ظل هذا التحليل فان على الفلسطينيين ونتيجة غياب ضغط خارجي وعدم فاعلية الخيار الدبلوماسي يبقى الرهان على القوى والمبادرات الذاتية الفلسطينية وعليه يجدر بالفلسطينيين القيام بالمبادرة وعدم انتظار قيام دولة الاحتلال بخطوات الضم ( المبادرة بالفعل وعدم القيام برد الفعل ) لأن ثمن رد الفعل سيكون أكثر كلفة من القيام بالفعل- واعتماد استراتيجية الخطوة الاستباقية - من خلال:
- تقوية الجبهة الداخلية كعنصر ضعف : القيام بانهاء الانقسام السياسي والاجتماعي بكل ثمن، فقد كنا نمني النفس في المراحل السابقة لجولات الحوار حول المصالحة على ان قيام الرئيس أبو مازن بالذهاب الى غزة كخطوة يمكن ان تدفع المصالحة وتنهي صفحة الانقسام، ورغم ان القيام بمثل هذه الخطوة الان ستكون صعبة بفعل كورونا وتداعياتها على الحركة من الضفة الغربية الى الخارج، الا ان الاتاحة التكنولوجية يمكن ان تشكل بديلا بلقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي ( فيديو كنفرنس) بين الرئيس أبو مازن ورئيس مكتب حماس إسماعيل هنية من اجل إتمام مصالحة حقيقية، ولا مانع من دفع اثمان من قبل الاطراف لم تدفع سابقا، لأن غزة تمثل عمقا استراتيجيا يمكن استثماره كقوة يتم التلويح بها في حالة الضم وتشكل مخالب قط للمسار السياسي، لأن بقاء الحال على ما هو سيبق حماس وغزة بمنأى عن القيام بأي عمل او التلويح به من شأنه ان يشكل رداعا لللاستفراد في الضفة على اعتبار ان ما يحدث فيها هو شأن فتحوي او يؤدي الى تقويض السلطة، وكأنه يصب في مصلحة مشروع حماس.
- اثبتت أزمة كورونا ان هناك حاجة ماسة لوجود تعاون بين اطراف الصراع ضد المهددات الخارجية، ورغم ان دولة الاحتلال تحاول تقويض السلطة ودفعها نحو حائط القيام بوظيفة امنية، وافراغها من محتواها السياسي، الا انه يمكن للسلطة الفلسطينية تحويل مثل هكذا مهدد الى فرصة لفرض رؤى سياسية واعتبار كورونا فرصة يجب استثمارها، والقيام باجراءات فعلية لتثبيت وترسيخ وظيفتها السياسية من باب الاحتياج الصحي الذي فرضته كورونا على الأراضي المصنفة ( جيم )، واجبار دولة الاحتلال على المفاضلة والاختيار بين تحمل المسؤولية الكاملة عن احتلالها في كافة المناحي ( الصحية التعليمية..الخ )، وبين الاعتراف بحقوق كاملة للشعب الفلسطيني والدخول في مفاوضات حقيقة ذات مغزى وفق جدول زمني محدد وفق رؤية الرئيس أبو مازن التي قدمها امام مجلس الامن في شباط من العام الحالي.
- احد التحذيرات التي يقدمها المستوى الأمني الإسرائيلي للمستوى السياسي ، سيناريو انهيار السلطة وعدم قدرتها على القيام بوظائفها وخاصة الوظيفة الامنية ليس لأن الأجهزة الأمنية تقوم بوظيفة بالوكالة لتحقيق المتطلبات الامنية الاسرائيلية، فهي تدرك ان تتخوف من حدوث فراغ امني بسبب تقويض دور السلطة يمكن ان يحدث عصيانا في أوساط الشعب الفلسطيني يؤدي بالنهاية الى انفلات عناصر مسلحة او تفكك الأجهزة الأمنية الى خلايا مسلحة مما يؤدي الى انتفاضة استنزاف ، وعليه يمكن للسلطة القيام فعلا باجراءات فعلية تدق جرس انذار في الأوساط الاسرائيلية لما يكن ان تصل عليه الأمور وعليها تحمل النتائج التي يمكن ان يفضي اليه اضعاف السلطة وان خطوة الضم ستكون الشعرة التي تقسم هشاشة الحل السياسي الذي يمكن ان يتطور الى صراع ديني ، واذا ما ظهرت بوادر مثل هذا السيناريو فان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية سوف تضغط على المستوى السياسي لعدم القيام بمثل هكذا خطوة.
لقد اعتاد الفلسطينيون على القيام برد الفعل على السياسات والاجراءات الإسرائيلية وفي اغلب الأحيان كانت خياراتهم محدودة، فقد آن الأوان أن يبدأوا بالقيام بالمبادرات، فالعالم مقبل على تغيير جذري في منظومة العلاقات الدولية لا مكان فيه للضعفاء وغير المبادرين، وكما ان فيروس كورونا على صغر حجمة شكل تهديدا عالميا فان الفلسطينيين بوحدتهم قادرون على أن يفشلوا كل مشاريع التصفية والضم والتهويد.