الكاتب: رولا سلامة
في زمن الكورونا توقفت كثير من امور حياتنا ، منها ما هو هام ومصيري كالتعليم والعمل ومنها ما هو أقل أهمية كالعلاقات الاجتماعية والتواصل فيما بيننا ، فدائما وأبدا كان حديثنا واهتمامنا في فلسطين بالعلم والتعليم ، وكنا نباهي الأمم ونتحدث عن أرقام ونسب لها علاقة بمستوى التعليم والمتعلمين ، الى أن جاء زمن كورونا ، وغير وبدل أساليب التعليم والتعلم ، وأصبحت المدارس فارغه والجامعات والكليات تشكو من العزله والوحده ، وأصبحنا نسمع عن التعليم الألكتروني ، منا من تعرف عليه سابقا ومنا من لم يسمع به ، وجاء هذا الأسلوب لسد الفراغ الذي أحدثته أزمة كورونا حيث فرض منع التجول أو ما يشبه منع التجول في البلاد ، وأغلقت المدارس والجامعات والتزم الجميع بمنازلهم تطبيقا لشعار " خليك بالبيت " الذي أصبح شعارا عالميا كثير التداول ، وكان لا بد من سد الفراغ المتعلق بانقطاع الطلبة بجميع مستوياتهم عن التعليم.
في هذه المرحلة بدأت مجموعة من المدرسين التفكير بطرق للتعليم الألكتروني واستخدام البرامج الألكترونية المختلفة للتعلم وللوصول للطلبة ، قد تكون هذه المرحلة جاءت متأخره ، والمقصود هنا أن التعليم الألكتروني كان يجب أن يكون جزءا من خطط التعليم قبل كورونا ، وليس الخطه البديلة الوحيده خلال كورونا لتعذر التعليم النظامي في الوقت الحالي ، ودون أن نلوم أحد أو نضع المسؤولية بالتقصير على جهة ما ، فلا بد من تقييم سريع لهذه المرحلة التي بدأت حديثا وما زالت تصارع للبقاء .
فلا شك أن هناك تباين ظهر بين المعلمين في استخدام هذا النظام الذي لم يعتادوا عليه فبعض المعلمين لا يجيد كثيرا استخدام الحاسوب وبعضهم الأخر لا يجيد استخدام التطبيقات الخاصة بنظام ربط الطلبة في حلقة واحده أو داخل صف افتراضي واحد ، ولا نغفل أيضا عدم تحضير المعلمين مسبقا لاستخدام هذا النمط من التعليم الألكتروني ، ولذا ظهرالتفاوت الكبير بين المدرسين ، فأحد المعلمين قال أنه في سلك التعليم منذ ما يزيد عن سبعة عشرعاما والان يجد صعوبة كبيرة في استخدام التعليم الالكتروني فهو لم يحصل على أي نوع من التدريب ولم يمارسه في حياته ولذلك لا يشعر أنه جاهز ليطبقه مع تلاميذه في الوقت الحالي .
وبعد أن أدركت وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي أن حالة الطوارئ ستستمر لفترة وأن عليهم التفكير بطرق عديدة لحماية العام الدراسي وحماية الطلبة ، أوعزت لمديريات التربية والتعليم والجامعات للبدء بمرحلة جديدة من التعليم الألكتروني .
وهنا لا بد من الاشارة الى وجود الفروق بين المدارس واستعدادهم للانطلاق بمسيرة التعليم الألكتروني ومدى قابليتهم وجاهزيتهم لهذه المرحلة الجديدة والتي لم يعتادوا عليها في حياتهم ، فبعض المدارس استثمرت كثيرا في هذا الموضوع وعملت العديد من التدريبات والورشات الخاصة بالمعلمين وأصبح لديها طاقم من المعلمين الأكفاء والذين يجيدون كثيرا استخدام الحاسوب والعديد من البرامج التعليمية .
أما بالنسبة للطلبة ،فان النسبة الأكبر من الطلبة لم يستوعب عملية التعليم الألكتروني بعد ولم يستطع التماشي معها وتطبيقها لأسباب عديدة أهمها أن جزء كبيرا من الطلبة لا يملكون جهاز حاسوب وعدد لا بأس به لا يجيد استخدامه وجزء اخر لا يتوفر لديه خدمات الانترنت باستمرار أو أن اسرة من الٍأسر لديها ثلاث أو اربع طلاب ويوجد لديهم حاسوب واحد فقط .
هي وقفة تحليلية لمرحلة التعليم في زمن كورونا ، تعلمنا منها الدروس والعبر وقد نكون قد استفدنا منها كذلك لتحضير أنفسنا وجيل المستقبل لما بعد كورونا ، وبسؤال سريع لاحدى الأمهات التي تقوم بتدريس أبنائها الاثنين وهما في المرحلة الابتدائية وتقوم باستخدام جهاز الحاسوب الوحيد المتوفر في المنزل ، تقول أن الولد وهو في الصف السادس يبدع في استخدام الحاسوب وتقنية التعليم الألكتروني ولكنه في نفس الوقت يريد أن يستحوذ على جهاز الحاسوب طوال الوقت مما يصعب عليها تدريس ابنتها في الصف الرابع ، فنصيب البنت قليل جدا مقارنة بالولد الذي يتابع الدروس ويقوم بعمل الواجبات ويرسلها للمعلمات ويبقى أمام جهاز الحاسوب لساعات طويلة .
وأما رأي وزارة التربية والتعليم الفلسطينية حول فاعلية التعليم الألكتروني وتقييمهم له ، فيقول الأستاذ صادق الخضور الناطق باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في أحد تصريحاته أن نسبة كبيرة من الطلاب تفاعلت مع التعليم الألكتروني وحققت هذه التقنية هدفها في ابقاء التواصل بين المعلمين والطلبة ، ومؤكدا أن هناك العديد من الصعوبات التي تقع مسؤوليتها على الأهل والطلاب والمعلمين والمدارس .
وأخيرا ان ما يسمى مرحلة كورونا أو أزمة كورونا قد كشفت لنا وجود ضعف وقلة خبره وعدم جاهزية النظام التعليمي لمواكبة التطور في التعليم الألكتروني ، الا أنها فتحت لنا المجال للبدء بخطوات عملية للبحث عن السبل الكفيلة لوضع الخطط والتصورات لمرحلة التدريب لطواقم التربية والتعليم لتبدأ مرحلة الاستعداد لتطبيق التعليم الألكتروني في المدارس ، فالمعلم الفلسطيني له من الخبرة والكفاءة والابداع القصص الكثيرة ليس في فلسطين وحدها بل في دول المحيط ويشهد القاصي والداني بذلك ، فمرحبا بالابداع وأهلا بالدروس والعبر لنبني عليها لمستقبل أبنائنا الطلبة .
الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن الكورونا وتأثيرها بالمجتمع الفلسطيني .