الكاتب: ربحي دولــة
بعثرة الأوراق الفلسطينية وتفريق وحدة الصف الفلسطيني لاسيما تمزيق منظمة التحرير من خلال فصائل العمل الوطني التي تنضوي تحت لوائها، كانت الهدف الرئيسي للاحتلال الاسرائيلي ومخابراته مُنذ أن اغتصب أرضنا وشرد أهلنا .
ولا يخفى على أحد أن مهابرات الاحتلال عملت جاهدةً لتعميق الخلافات بين مكونات "المنظمة" وتغذية التناقضات ، حيث جندت العشرات من العملاء هدفهم " فقط " بث الاشاعات وتعميق الخلافات بين كل التنظيمات السياسية لإشغالهم بخلافاتهم وإبعادهم عن الهم الوطني أو التفكير في مواجهة هذا الاحتلال.
لعل هذه العقلية التي استخدمت كافة الطرق وبامكانيات ضخمة لاستهداف الكل الفلسطيني كانت تسعى لإسقاط الوجود الفلسطيني بمكونه الأساسي منظمة التحرير، وعلى الرغم من ادراكنا العالي لمحاولات دولة الكيان ومخابراته اللعب على وتر التناقضات وتغذيتها من خلال العملاء الذين كان دورهم ليس فقط ينصب على جمع معلومات فحسب بل كان يتعدى ذلك بكثير، حيث كانوا - "العملاء" - دوماً مصدر الاشاعة والمعلومات المغلوطة والتي هدفها تشويه ثورة العمل الوطني لدى الجماهير، وأيضاً بث الخلافات بين ابناء التنظيمات، إلا أننا لم نعمل على قطع الطريق على هذه الممارسات بل على العكس ، احياناً كنا نتساوق معها ونُمارس الخلاف ويطغى هذا الخلاف على الخلاف المركزي وهو الاحتلال.
وقد عايش معظمنا حالات انشقاق حصلت في صفوف تنظيماتنا وأهمها حركة فتح وكيف كانت دولة الاحتلال تتلقف هذه الأخبار بسرور ، وكيف كانت تستغل هذه الحالة في توسيع الخلافات بين فصائلنا الوطنية لتحدث فجوات كبيرة تضعف الموقف الفلسطيني على كل الاصعدة ومن اجل حرف البوصلة التي كانت دائماً موجهة نحو القدس وحرف رصاصنا الموجه دائما نحو الاحتلال .
وبعد إنشاء السلطة الوطنية بموجب اتفاق أوسلو وما احتوى على التزامات أمنية ، وكيف أن هذه الالتزامات أفقدت السلطة قاعدتها الجماهيرية، حيث كانت قوية مع دخول اول قافلة لجيش التحرير الى أرض الوطن الا ان الاحتلال ومنذ تلك اللحظة استغل هذه الحالة ولعب على وتر خلافاتنا وبدأ بتعميقها لتوسيع الفجوات بين كل مكونات المجتمع الفلسطيني والتي وصلت الى ذروتها بعد فوز حماس بالانتخابات التشريعية وانقلابها على نفسها
وسيطرتها على غزة في العام ٢٠٠٧، فيما نشطت اسرائيل في تعميق حالة الانقسام ، وأصبحت حماس جسماً مقبولاً للتعامل معه ومفاوضته بعد ان كانت "ارهابية" ولا يمكن التعامل معها.
هنا وعلى الرغم اباحة حماس للدم الفلسطيني الا انها كحركة لا يمكن التعامل معها الا أنها فلسطينية مهما كان حجم الخلاف كون تناقضنا دائماً مع الاحتلال ولن يكون تناقضنا مع انفسنا لاختلاف افكارنا السياسية.
سعت اسرائيل لحاصرة غزة وفتحت قنوات مع "حماس" عبر قطر ومصر وحاصرت الضفة وقرصنت أموالنا بحجج واهية ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقات والالتزامات التي نشأت عنها واستمرت دولة الاحتلال في ممارساتها بحق شعبنا وعملت على تعميق الانقسام الداخلي ولم تكتفي بهذا فبعد سن قانون يقضي بخصم الأموال التي تدفعها السلطة لأسر الشهداء والاسرى والسطو على اموالنا نعيش هذه الايام استمرار مسلسل الإجرام حيث قامت بإخطار البنوك العاملة في مناطق السلطة بوجوب إغلاق كل الحسابات لأهالي الشهداء والأسرى، وعلى الرغم من تدخل الحكومة وابلاغ البنوك بضرورة تجميد اي اجراء اتخذ بعد تهديد الاحتلال وعدم اغلاق اي حساب، إلا أننا نعيش هذه الايام حالات اعتداءات يومية على البنوك التي على الرغم من استجابتها ورضوخ بعضها قبل تدخل الحكومة للاملاءات الاحتلالية ، إلا أنه لايُسمح أن يتحول الصراع مع الاحتلال الى صراع داخلي ويجب ان ننتبه الى هذه الممارسات التي يمعن الاحتلال في اتخاذها ونبقي صراعنا فقط مع الاحتلال الذي يسعى لتشريع أجزاتء واسعة من الضفة الغربية بما في ذلك غور الأردن ، وهنا يجب أن يكون غضبنا فقط موجه للاحتلال، ويجب استثمار هذه الحالة لتوحيد الصف وانهاء الانقسام بين شطري الوطن لنسير بخطى ثابته نحو التحرير والخلاص من الاحتلال وكل ممارساته والا سندفع ثمناً باهظاً وسنصل فيها الى طريق العودة منها شبه مستحيل ويجب علينا الالتفاف حول القيادة الفلسطينية ودعم موقفها الرافض لكل الممارسات ودعمها في السير قُدما وبكل الاتجاهات الداخلية والخارجية لتجسيد حلم الدولة وعاصمتها القدس الشريف.
• كاتب وسياسي / رئيس بلدية بيتونيا