السبت: 01/02/2025 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
مراسلنا: بدء عملية سفر عشرات المرضى من قطاع غزة لأول مرة عبر معبر رفح منذ شهر مايو

واقع الاسرى الفلسطينيين في السجون الاسرائيلية في ظل كورونا

نشر بتاريخ: 10/05/2020 ( آخر تحديث: 10/05/2020 الساعة: 14:37 )

الكاتب: رولا سلامه


لم يكن المعتقل الفلسطيني داخل السجون الاسرائيلية يعيش في ظروف انسانية أو حتى في ظروف فيها بعض الانسانية ، أو حتى في ظروف يمكن تحملها أو التأقلم معها ، فقصص المعاناة التي كنا نسمعها من المحامين أو من ذوي الأسرى الذين تمكنوا من زيارتهم أو من الأسرى أنفسهم بعد الافراج عنهم كانت قصص مأساوية فيها من المعاناة والقهر وسوء المعاملة والاهمال الطبي الشيء الكثير ، فيها الحرمان من الزيارات ومن الطعام ومن الفوره ( ساحة السجن ) ولا ننسى كذلك العقاب والزج بالأسرى داخل الزنازين .

فنحو خمسة الاف معتقل فلسطيني داخل سجون الاحتلال منهم حوالي 200 طفل وما يقرب من 700 معتقل مريض أو من كبار السن الذين يعانون من أمراض مزمنه وأمراض اخرى نتيجة الاهمال وسوء المعاملة وسوء المتابعة الطبية وعدم التشخيص الصحيح للمرض وعدم اعطائهم الدواء المناسب في الوقت المناسب .

وأما في زمن كورونا ، فلنضف لمعاناتهم معاناة اخرى تفوقها ، فبعد انتشار هذا الفيروس في العالم وفي بلادنا ، باتت معاناة أسرانا مضاعفه ، وبعد رفض ادارة السجون الاسرائيلية توفير المعقمات الخاصة لغرف الأسرى وكذلك توفير الكمامات والقفازات ، ناهيك عن الاكتظاظ داخل غرف المعتقل ، فهناك أحيانا ما يقارب من ستة أسرى يقبعون داخل غرفة مساحتها لا تزيد عن 30 - 40 مترا مربعا وبدون نوافذ أو تهوية، ولا يمكن أن يتم فيها نظام التباعد الاجتماعي ، فالمساحة محدودة ، فاصابة أسير واحد بينهم لا سمح الله كفيلة أن تنتقل العدوى لباقي الأسرى خلال ساعات ، ناهيك عن أن السجون بحد ذاتها توفر بيئه خصبة للفيروس للانتشار، وأما بالنسبة لطرق العدوى بينهم عديدة ، فتنقل الأسرى عبر البوسطة من والى المحاكم والسجون الأخرى ، وكذلك دخول السجانين للعدد أو لتفقد الغرف أو للتفتيش وأيضا استدعاء الأسرى لغرف التحقيق أو الادارة ووضعهم في نفس السجن مع معتقلين جنائيين أيضا كفيلة بانتقال العدوى لهم فبدل أن تقوم ادارة السجون بالاستجابة لطلب ممثلي المعتقل بتوفير ما يلزمهم من مواد تعقيم وصابون وكمامات ، قامت الادارة بسحب بعض المعقمات من الغرف وتركت مساحة كافية للفيروس للفتك بأجساد الأسرى النحيلة .

ولا شك أن الأسرى هذه الأيام يعيشون في ظروف استثنائية بسبب وباء كورونا ، فسجنهم وعزلهم ومنع ذويهم من زيارتهم ،وكذلك وقف الكنتينا –أي المصروف الذين يدفعه لهم ذويهم ليوضع في حسابهم في السجن ليتمكنوا من شراء ما يلزمهم بات أمرا معقدا وصعبا ، فالطعام رديء للغاية وأسعار المواد الغذائية المتوفرة بالكانتين داخل المعتقلات باهظة الثمن ، وهذا ما دفعهم للبدء باضراب عن الطعام بسبب مخاوفهم من كورونا وبسبب تقاعس ادارة السجون عن تلبية مطالبهم وتوفير وسائل العناية والتعقيم لهم .

ولمتابعة هذا الموضوع الهام وللتعرف أكثر على معاناة أسرانا في هذه الجائحة أفادنا الأسير محمد وهو من محافظة رام الله والبيرة ويقبع في سجون الاحتلال منذ ما يزيد عن خمسة عشر عاما أن الاحتلال أهمل المعتقلين اهمالا تاما ولم يسأل عنهم مطلقا في الأسابيع الخمسة الأولى من انتشار المرض في اسرائيل ، فلم يتم توفير الكمامات والمعقمات للأسرى علما أن ممثلين عنهم طالبوا ادارة السجون بالوقوف عند مسؤولياتها وتوفير ما يلزم الأسرى ، ولم يتم تزويد الأسرى كذلك بارشادات للوقاية من الفيروس وكيفية التعامل مع المرص والمريض في حال الاصابة ، وبعد عدة مناشدات قامت مصلحة السجون بتعقيم لمرة واحدة فقط للغرف وتوفير كمامة واحدة فقط لكل أسير وأخبرتهم أن بامكانهم أن يقوموا بغسلها في حال اتساخها ، وفيما يتعلق بالمعقمات أفاد الأسير أن لا وجود للمعقمات ولم يتم توفيرها لهم وطلب منهم أن يستعملوا مادة الكلور لأنها متوفره في الكانتين ، أي أن عليهم شرائها من جيوبهم الخاصة ، وعند سؤال والدة أحد الأسرى من محافظة نابلس عن مدى قلقها من انتشار فيروس كورونا بين الأسرى قالت والدموع تنهمر من عينيها أن ظروفهم قبل الكورونا صعبه للغاية وأوضاعهم كارثية فما بالكم مع كورونا ، فأوضاعهم صعبة للغاية ومخاوفهم كبيرة .

وبعد كل ما سمعناه وقرأناه وعشناه من معاناة لأسرانا داخل المعتقلات الاسرائيلية تتجه أنظارنا للمؤسسات الدولية جميعها وكذلك لمنظمة الصحة العالمية وكافة المؤسسات الدولية لتقوم بواجبها لضمان تنفيذ اجاراءات الوقاية والسلامة للأسرى ولا ننسى أيضا السلطة الوطنية الفلسطينية وأذرعها المختلفة و كافة المؤسسات المحلية الفلسطينية سواء الحقوقية أو الاعلامية أو مؤسسات المجتمع المدني كافة بضرورة الوقوف عند مسؤولياتها وانقاذ الأسرى بتوفير ما يلزمهم بصفتها دولة احتلال عليها مسؤوليات جسام حيال من تحتلهم أولا ومن تعتقلهم لدفاعهم عن حقوقهم وحرياتهم ودولتهم وشعبهم؟ وللعلم أن ما وحدنا سابقا وما يوحدنا اليوم وقضيتنا المركزية هي الأسرى فلنجعلها كذلك الى أن نحتفل بخروج كل الأسرى والأسيرات ولنبذل كل الجهد الممكن لننقذهم من الموت البطيء .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن الكورونا وتأثيرها بالمجتمع الفلسطيني .