ترك فيروس كورونا العالم في أسوأ حالاته. أثار غرائز العدوانية والخوف والكراهية والهمجية والطمع، وفتحت شهية دول الاستعمار القديم لافتراس الدول الضعيفة بلا رحمة.
وداخل كل مجتمع، تراجعت ثقة الشعوب بالحكومات وانقسم المجتمع إلى جماعات ومجموعات تتسابق نحو مفاصل الدولة. فانحسرت الأحزاب والنقابات والمنظمات ما يمكن تسميته ( إعادة المجتمع تدوير نفسه).
اقتصاديا تتوحش الكارتيلات دفاعا عن أرباحها، وتسيطر على حكومات عديدة. وتتحول الشركات الكبرى إلى صاحبة الكلمة الفصل في صناعة القرار. فينشأ تلقائيا رد فعل متوحش أكثر من الجماعات المهمشة فيعلو صوت العشوائيات على صوت الجماهير ويختبئ المثقفون في مكتباتهم.
فلسطين كانت أول من يدفع ثمن المؤامرة، ولكن الفلسطينيين لا يقبلون الاختناق ويرفضون الاكتفاء بالقول ( أنا أختنق)، ويرفضون الموت بصمت.
سواء قررت السلطة المواجهة أو الانتظار.
وسواء قررت التنظيمات الاكتفاء ببيانات الاستنكار أو الانخراط في حياة الجماهير. فإن المؤامرة القادمة لا يمكن ابتلاعها ولا يمكن تفسيرها ولا يستطيع أي ديماغوجي في العالم تبريرها.
الاصطدام بين مشروع الاحتلال ومشروع الحرية آت لا محالة.
ستكون الأيام صعبة، والخيارات قليلة، والطريق طويل بلا مخرج.
الحصار المالي، والغضب الشعبي. يحتاجان إلى قيادة رشيدة وثابتة وعاقلة.
والمرحلة القادمة لن يتم حسابها بمنطق الربح والخسارة. بل بمنطق الظالم والمظلوم.
الفلسطيني ليس مخيّرا. نتانياهو وترامب لم يتركا للفلسطينيين من كل القوى والفصائل اي خيار سوى المواجهة.
سيحاول الليبراليون البحث عن حلول وسط دون جدوى..
لا أعرف رد فعل الاحتلال على المواجهة القادمة واذا سيكون مفرطا في العنف أم انها ستكون مقاومة شعبية سلمية ستستمر لسنوات حتى يسقط ترامب ونتانياهو.
ولكنني أعرف أن هذا هو قدر الفلسطينيين، أن يحاربوا الظلم طوال حياتهم.
"مشيناها خطى ً كتبت علينا
ومن كتبت عليه خطىً مشاها"