الكاتب: السفير حكمت عجوري
استطلاعات الرأي وبعد انحسار نسبة الخطا فيها في دولة الاحتلال توفر وسيلة مجانية للتعرف على اسرار المجتمع هناك وتفكيره وبالتالي اتوقع ان صاحب القرار الفلسطيني لا يفوت هكذا وسيله لتصويب التوجه الفلسطيني في صراعه شبه الازلي مع الاسرائيليين الذي وبالرغم من تعدد اطرافه الا ان الفلسطيني يبقى هو الفيصل في الحسم وهذا ما يؤكد وبدون شرح على ان صمود الفلسطيني على ارضه التاريخية موحدا غير منقسم هي القوة الوحيدة التي تمكن الفلسطيني من حسم الصراع لصالحه ذلك لو استطعنا ايضا و بقدرة الهيه من تنظيف البيت الفلسطيني من الديدان الصهيونية التي تعيث بداخله فسادا.
ما يؤكد على ان استقلالية القرار الوطني الفلسطيني واكثر من اي وقت مضى اصبحت ضرورة وجودية وذلك بعد ان تمكنت اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال من تحويل شركاء المصير من بعض حكامنا العرب الى حلفاء ومصادر ثقة لها ومجرد بوسطة ناقلة للاخبار التي تريدها دولة الاحتلال ان ُتنقل وهذه طبعا حالة وظيفية وهي مختلفة تماما عن التطبيع بين اسرائيل والعرب والذي لا اعتقد انها ستحصل والى يوم الدين .
بالتالي فان الضم الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية كمخطط لا رجعة عنه بعد ان اعتقدت اسرائيل القوه القائمة بالاحتلال انها نجحت فعلا في كسر عصا الحربة التي اختار الفلسطينيون ان يكونوا راسها في مواجهة هذا الكيان العنصري وبالطبع مستغلة ايضا ما تبقى من فترة زمنية لحكم ترمب الذي بات من شبه المؤكد بانها حقبه لن تكرر.
نشرت وكالة معا استطلاع لرأي الاسرائيليين وذلك نقلا عن راديو FM 103 يوم الجمعة 12/6 وكان مثير للانتباه كونه يُظهر ارتفاع شعبية النتن ياهو وحزبه الى ما يفوق الاربعين مقعد في الكنيست بالرغم من ادراك المستطلعة ارائهم بان النتن يقودهم الى مجهول عدم الاستقرار في المنطقة كلها ونسف حل الدولتين، كما يُظهر الاستطلاع ايضا قرب اندثار حزب العمل الشريك الصهيوني للفلسطينيين في اتفاق اوسلو وحل الدواتين وذلك يعني ان النتن فعلا تمكن من اخراج الاسرائيليين من معسكر السلام بعد ان حول معظم ابناء شعبه الى قطيع يتبعه وبدون اي تفكير.
بعد الضم سيتفرغ النتن اكثر لتحقيق حلمه الذي عمل من اجله طيلة فترات حكمه وهو في ان يحول الفلسطينيين تحت الاحتلال الى عبيد يخدمون شعبه مقابل قوت يومهم .
يضاف لما سبق وهو ما لم يعد يخفى على احد من ان للاحتلال اعوان وعيون داخل المجتمع الفلسطيني وهم من اطلقت عليهم الديدان الصهيونية تيمنا بما قاله الراحل كاسترو سنة 1980 بحق الكوبيين من اعوان اميركا الذين سمح لهم كاسترو بالهجره اليها والذين لم يصلح امر كوبا الا بعد هجرتهم هذه حيث قال فيهم "هؤلاء الديدان كانوا اميركيون يعيشون بيننا" . تماما كما الديدان الصهيونية في المجتمع الفلسطيني الذين بسببهم اصبح النتن على قناعه بان حلمه قابل للتحقيق وربما كان لهؤلاء دور مهم في تشجيعه على المضي في ما هو عازم عليه من ضم للارض واستعباد لاصحابها الشرعيين.
السؤال الذي ارى بانه يفرض نفسه على هذا المشهد هو هل و كيف يمكن لهذا النتن الفاسد ان يرحل ودماره ان يتوقف خصوصا وان هناك كلمة سر جاءت في الاستطلاع وهي الخشيه من اندلاع انتفاضه فلسطينية جديدة بمعنى ان المستطلعة ارائهم من الاسرائيليين يريدون هذه الانتفاضة لترغمهم على التراجع وكأن لسان حالهم يقول لقد ان لحاكمهم الفاسد ان يرحل.
ما يجري على الساحه الاسرائيلية وتحديدا هذا التغول لليمين المتطرف في كافة شرائح المجتمع الذي حكمه النتن وما زال ولفترة طالت غن كل من سبقوه في الحكم وبالرغم من انه شخص متهم بالفساد والرشوة وخيانة الامانة الا ان ذلك يعود بالبفضل لانجازات ثلاثة حققها هذا الفاسد على الارض لناخبيه وذلك ضمن الجغرافيا المحيطة بهم اولها الوضع الاقتصادي المنتعش نسبيا بسبب جعله من احتلال فلسطين سوق استهلاكي واستثماري ايضا لانعاش الاقتصاد الاسرائيلي من خلال سرقة الموارد الطبيعية لفلسطين وتسخير اليد العامله الفسطينية الرخيصة وثانيهما تطويعه للعديد ممن كانوا بالامس اعداء للاسرائيليين من ذوي قربى الفلسطينيين من حكام عرب وثالثهما وهو الاهم هو في هذا الهدوء الذي ينعم به الاسرائيلييون المحتلين وهو هدوء غير معهود وغير مسبوق في تاريخ الاحتلالات التي عرفها التاريخ.
هذه الانجازات للنتن ياهو كانت بمثابة حبوب هلوسه تمكن النتن من دسها في معدة كل اسرائيلي بحيث اصبح لا يرى في النتن غير ما يريده له النتن ان يراه وهو ما يفسر تجاهل هؤلاء لكل ما علق بهذا الفاسد من تجريم من قبل المحكمة وهو ما سهل عليه ايضا امر الغاء وجود اي بديل سياسي له ، حتى ان الجنرال غانتس الذي قدم له حبل النجاة نراه هو الاخر يتدحرج نحو الهاوية على الاقل بحسب الاستطلاعات ولن استغرب في ان اراه خارج المسرح السياسي في اي انتخابات قادمه بعد ان حوله النتن من صقر الى حمامة بدون اجنحة.
ما سبق يظهر بان سر نجاح النتن اعتمد على ثلاثة عوامل ، اثنتين منها بيد الفلسطينيين وهو ما يُظهر وبكل وضوح ان الفلسطينيين ما زالوا هم اصحاب القرار في مصير هذا الفاسد الذي يقود المنطقة والعالم الى غياهب المجهول الذي لا يبدو على الاطلاق انه يحمل خيرا لا لليهود ولا للعرب ولا لبقية العالم .
السلطة لا محالة هي انجاز فلسطيني ليس من السهل لاي عاقل التنازل عنه خصوصا وانها اصبحت تضاهي بل وتتفوق على دول ذات سياده في العالم ولكن كل ذلك لا يعني شيئا طالما بقيت هذه السلطة بدون سلطة تحت رحمة احتلال عنصري ينهشها وقت ما يريد في استباحاته للمدن والقرى الفلسطينية يقتل متى شاء ويخطف من يشاء من الفلسطينيين ليلا وهم نيام ويهدم بيوتهم اضافة الى بدعة قرصنة الاموال الفلسطينية والسبب في ذلك يعود لعدم وجود انياب واظافر فلسطينية تحمي هذه السلطة من براثن هذا المحتل وترد له النهش نهشين الى ان يرحل.
بالتالي اصبح من الضرورة اعادة تصويب العلاقة مع هذا المحتل العنصري وبما يليق به كأسوأ احتلال عسكري عرفه التاريخ المعاصر وذلك بالبناء على القرارات الجريئة التي اتخذها الرئيس الفلسطيني في التاسع عشر من الشهر الماضي حتى تعود منظمة التحرير الفلسطينية هيبة وفصائل الى كامل عنفوانها انسجاما مع ميثاقها الذي اقره اول مجلس وطني لتعود ليس البيت المعنوي للفسطينيين فقط وانما البيت الحامي لهم ولسلطتهم بعد ان اصبحوا وحدهم في معركة الوجود من اجل ان تعود المنظمة الى ان تكون القبلة الوحيدة التي يتوجه لها كل من يريد ان يبحث عن حل لهذا الصراع .