الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

في زمن التيه

نشر بتاريخ: 17/07/2020 ( آخر تحديث: 17/07/2020 الساعة: 22:09 )

الكاتب:

اميمة قراقع

صدقت المقولة: لا تحس بالنعمة الا بعد فقدها ،نعم قد كنا في نعم لا تعد ولا تحصى ثم فجأة وبدون سابق انذار فقدنا إحداها الا وهي نعمة انتظام الحياة، نعمة التخطيط فهذة نعمة نقدرها الان اكثر من اَي وقت مضى ،فمنذ بداية وصول الكورونا الى وطننا الحبيب ونحن في دهشة بالغة وصدمة يصعب وصفها، بين عشية وضحاها انقلبت حياتنا وبدأ الزمن يمر بنا دون ان نجد له معنى، جل وقتنا نقضيه في متابعة اخر المستجدات ومن هم الذين اصيبوا وكيف حدث ذلك٠٠٠٠الى آخر هذه الأمور التي تأخذ بألباب الناس وتسيطر على تفكيرهم.

وفي وسط هذا الزحام من الاحصاءات والأرقام وأسماء الأشخاص وما حل بهم من وباء ومرض نجد العالم برمته يتيه بين ركام من التساؤلات: هل الكورونا حقيقة ام أوهام بالغوا فيها ؟هل هي مؤامرة ام واقع محتوم؟ هل اعداد المصابين صحيحة ام يتم تدليسها؟ وهل حقا الناس الذين يموتون هم ضحايا الكورونا ام غيرها من الأمراض ؟ ولماذا لا تظهر أعراض المرض الا على القليل من الناس؟ ومتى ينتهي هذا الكابوس ؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي حارت فيها الأذهان.

وفي ظل هذا التيه ضاعت حياتنا حتى رفعنا شعار اشتقت لحياتي ،والمقصود حياتنا قبل وصول الوباء حيث كان التعليم منتظما والاقتصاد جيدا والدخل منتظما الى حد كبير ، وحيث كان لنا قرار وبوسعنا ان نخطط لغدنا، وهذه فعلا من اكبر النعم التي تاهت لدينا، لا احد يعلم ماذا سيكون في الغد فتح ام إغلاق ، دوام ام حجر في البيوت، اما التخطيط للسفر او حتى التفكير فيه فضرب من الأحلام .

نعم انها رحلة التيه وكل ما فيها شكوك وتساؤلات كلها ظنية ليست يقينا يبنى عليه اي شيء، لكن اقول وسط هذا الزحام من الشكوك والتشكيك هناك جزء هو يقيني حقا وهو وجود الالم والشدة والقهر عند بعض من ابتلوا بهذا المرض بغض النظر عن الارقام ومصداقية الاحصاءات عالميًا ومحليًا لكن هناك فعلا من يعاني ويحجر ويصرخ وما من مغيث وما من دواء الا رحمة من الله تتغمده اما بشفاء قريب او لحوق بالرفيق الأعلى جل جلاله.وبالنظر الى قصص من يعانون ومن قضوا موتى ندرك ان هناك جزءا حقيقيا في هذا الوباء يتطلب منا حرصا عاليا ومسؤولية عظيمة ترتقي الى الحرص على نفوس البشر وعدم الاستهتار بالتحذيرات فقد ينقل مصاب عدواه الى شخص فيرديه قتيلًا في حين لا يعاني هو الا من شيء يسير. فليس امامنا سوى الحذر ثم الحذر فلا داعي للتقبيل والمعانقات ولنتبادل عوضًا عنها الابتسامات ولغة الجسد فهي كفيلة بالتعبير عن المشاعر ممزوجة باجمل العبارات ، ولنبتعد عن بعضنا باجسادنا دون الأرواح ففي تواصل الأرواح عبر شتى الطرق ما يغني عن تقارب الاجساد وفي عصرنا الطرق العديدة للصلة والتواصل عبر الشبكات والاتصالات حتى لا نترك فجوة من الجفا او قطع الأرحام والعلاقات ، وحتى ارتداء الكمامات لو ان البعض يشكك بنجاعته لكن غالبية الدول المتقدمة فرضته على شعوبها والتزمت بها كبار رجالات الدولة، وماذا عسانا نخسر فهي لن تضرنا ان لم تجلب لنا المنفعة، وبنية الامر ومحاربة الوباء يقوم على النظافة والتغسيل الفعال والتعقيم في حالة الخروج والدخول الى مختلف الامكنة، وليكن الدعاء رفيقنا وكذلك الاستغفار بعد الاخذ بجميع الأسباب فلا يبقى لنا الا الدعاء بان يحفظنا الله من كل سوء ويرفع عنا هذا الوباء.