الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

نجاح مميّز ومبارك لطالبة مُتميّزة وممتازة

نشر بتاريخ: 18/07/2020 ( آخر تحديث: 18/07/2020 الساعة: 10:53 )

الكاتب: السفير منجد صالح

استوقفني نجاح الطالبة أسيل الحاج أحمد، من مُخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة، وتفوّقها في نتيجة امتحانات الثانوية العامه لهذا العام 2020، وحصولها على معدّل 92.8%0

كما شدّ انتباهي العدد الكبير من "اللايكات" في ذيل المقال أو الخبر المنشور حول نجاحها. لذلك هممت أن أضغط "لايك" لأن نجاحها أبهرني وأسعدني. كان مؤشّر "اللايكات" يُشير الى الرقم 438 "لايك"، فقلت في نفسي سيكون "لايكي" رقم 439، عظيم.

لكنني مع هذا لم أضغط على زر "اللايك"، لأنه وبكل صراحة، فقد ومضت لتوّها في ذهني فكرة أفضل، فكرة أجمل، ألا وهي كتابة مقال تقديرا للجهد الذي بذلته أسيل وتقديرا لنجاحها الباهر، وهديّة متواضعة منّي أقدّمها لها، تقديرا لجهدها ونجاحها.

وهكذا كان، وعلى بركة الله، وإن شاء الله أن يكون مقالا يكافئ جهودها وأن يكون على مستوى النجاح المُبدع الذي حقّقته.

أسيل تُبصر بقلبها، تُبصر بوجدانها، تُبصر بعواطفها وأحاسيسها. تستخدم "طريقة برايل" في دراستها، في قراءتها، في مذاكرتها. واستطاعت أن تضع لنفسها خلال الدراسة برنامجا مُنظّما، تنظيما ذكّيا ونافعا. تستيقظ صباحا باكرا، تدرس وتراجع وتستمع، تقضي النهار بطوله في الدراسة، مع وجود ساعات للراحة، للتواصل والحديث مع والديها.

والدتها السيدة الفلسطينية الصابرة المثابرة، صابرة على ضيق الحال والأحوال، صابرة على ظروف الحياة الصعبة بسبب الحصار على قطاع غزة. صابرة على إنقطاع التيّار الكهربائي. صابرة على الظروف الصعبة في ظل جائحة الكورونا.

وفي نفس الوقت، مُتحفّزة دائما، وعلى استعداد تام، خلال النهار والليل، لتلبية طلبات أسيل وتوفير جوّ مُريح وطبيعي لها ضمن هذه الظروف غير الطبيعية التي يمر بها قطاع غزة، بشكل خاص، والشعب الفلسطيني برمّته في وطنه "المُحاصر"، بشكل عام.

تقول أسيل فرحة في معرض الحديث عن نجاحها: "الحمد لله رب العالمين، نجحت وتفوّقت بعد حياة تعليمية رائعة، أشكر كل من وقف إلى جانبي، أسرتي ومدرستي ومعلّماتي ووزارة التربية، التي توفّر لفئتنا مدرسة خاصة متميّزة وهي مدرسة النور والأمل".

أسيل مفعمة بالأمل، وقد رسمت لنفسها خطّا لتحقيق آمالها، لإنجاز طموحاتها الكبيرة، فهي مُغرمة باللغة العربية، تُريد أن تدرسها وأن تتخصّص بها، وخاصة أن لغة الضاد هي لغة القرآن الكريم، وهي أصلا تهتمّ بحفظه وتلاوته.

أسيل أيضا تهتمّ بالكتابة والأدب، النثر والشعر، والثقافة والمطالعة، ما شاء الله وتبارك، أرجو أن تكون كل هذه الملكات مقدّمة وتهيئة بأن تسير على خطى طه حسين، عميد الأدب العربي، الذي أكمل دراسته الأدبية والفلسفية في فرنسا، و اطّلع على ثقافات الشّعوب اللاتينية و اليونانية، و اتقن اللغة الفرنسيّة و اللغة اللاتينية.

إستطاع طه حسين أن يُغيّر الرواية العربية، وقد أبدع في السيرة الذاتية، في كتابه "الأيّام"، الذي نشر عام 1929. ويُعتبر طه حسين من أبرز الشخصيّات في الحركة الأدبية العربية الحديثة.

أسيل تمتاز إلى جانب ذكائها وإبداعها بالطيبة وحب الخير للجميع، لهذا فإنها توجّه نصائحها وعصارة خبرتها للطلاب من فئتها بشكل خاص، وللطلاب كافة بشكل عام، وتحضّهم على الجدّ والاجتهاد والصبر، "فالصبر مفتاح الفرج"، ولأن هذه خطوات وإجراءات مهمّة لبلوغ التميّز والإبداع وضمان مستقبل زاهر.

من جانبنا، نحن نتمنّى للطالبة المتفوّقة أسيل مزيدا من النجاحات وفسحات الأمل، ونتمنى لها دخول الجامعة التي ترغب بها، وأن يكون هناك تقدير من الجامعة، أو من وزارة التعليم العالي، بمنحها منحة دراسية في اللغة العربية والادب العربي، تقديرا لجهودها وتفوّقها وإسنادا لها لتحقيق طموحاتها، لتشق طريقها في عالم اللغة والأدب.

نهنئ عائلتها بنجاحها وتفوّقها، وخاصة والدتها التي تسهر على راحتها منذ صغرها، ونتمنى لها صحة وعافية وعمرا مديدا حتى ترى ثمار البذرة الطيبة التي زرعتها وأسقتها بسواعدها وبعرق جبينها وسهر الليالي.

هذه النبتة الطيبة، المورقة المتورّدة، المُزهرة، التي ستطرح هي بدورها ثمارا طيبة لعائلتها ومجتمعها ووطنها. إنها الزنبقة الفوّاحة الأقحوانة الرائعة إنها أسيل.