الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

بالالتزام والوقاية نتخطى هذه الجائحة بسلام

نشر بتاريخ: 18/07/2020 ( آخر تحديث: 18/07/2020 الساعة: 22:17 )

الكاتب: ربحي دولــة




كانت فلسطين الدولة الأولى على مستوى العالم في مواجهة فيروس كورونا من حيث الإجراءات والقرارات الجريئة من قبل القيادة الفلسطينية بعد إعلان الرئيس محمود عباس حالة الطوارئ في البلاد وتبعها رئيس الوزراء والحكومة بإجراءات وقائية ساهمت في الحد من انتشار هذا الوباء.
ومع البداية بظهور الفيروس في محافظة بيت لحم تم إغلاق المحافظة والتعامل مع المصابين بدرجة عالية من المهنية فيما انتقل بعدها الوباء ليطال معظم المحافظات والذي انتقل من خلال عمالنا الذين يعملون في الداخل لكن لم ينتشر بشكل كبير لعدة أسباب أهمها : أن هذا الوباء تم التعريف بخطورته بشكل جيد وكانت درجة الالتزام من المواطنين عالية ما ساعد على الحد من انتشاره ، وثانياً تعامل الجميع بطريقة متناسقة ما بين الحكومة والمحافظين والبلديات والمجالس ولجان الطوارئ التي تشكلت في كل المدن والقرى والمخيمات وكان للتنظيم وخاصة فتح دور مهم في هذه اللجان، وثالثاً مبادرات الخير التي دعت اليها لجان الطوارئ في كل المدن والقرى والمخيمات وساعدت في إغاثة الناس وخاصة الذين فقدوا مصدر رزقهم مما ساعد في تعزيز صمود وتحمل المواطنين، فيما استمر الحال أكثر من شهرين ولم تتعدى الاصابات بضع مئات تشافى معظمها ولم يسجل الى ثلاث او اربع حالات وفاة، وبقيت فلسطين من الدول التي سجلت حالة متقدمة في التعامل مع هذه الجائحة لكن طول فترة الإغلاق خلقت طبقة جديدة من الذين فقدوا مصدر رزقهم نتيجة تعطل أشغالهم، سواء عمال المياومة وقطاع النقل الذي توقف تماماً طوال فترة الجائحة أو العمال الذين كانوا يعملون بالداخل وتوقف دخلهم نتيجة هذا الوباء.
ومع وجود بعض الثغرات في الاجراءات المتخدة من قبل الحكومة وتضاربها أحياناً مع عمل بعض اللجان الأهلية والرسمية ومع تشكيل صندوق وقفة عز وما تخلله من بعض الخلل في الكشوفات والمستفيدين واستغلال هذه الحالة من قبل المتربصين بنا وخاصة الاحتلال الذي بدأ يبث سمومهُ من خلال حسابات وهمية عبر شبكات التواصل الاجتماعية ونشر أخبار كاذبة، وكذلك التشكيك بوجود الفايروس وتصويره على أنه مؤامرة لتمرير صفقة القرن ومن صوروه على أنه مؤامرة ضد الدين من أجل إغلاق المساجد التقطها المواطن نتيجة الحالة الصعبة التي عاشها في هذه الظروف الصعبة بدأت الثقه بالحكومة تتزعزع ، وأصبح المواطن لا يلتزم بالاجراءات وخاصة بعد إعلان الحكومة بعودة الحياة الى طبيعتها وإعادة فتح كل المنشآت التي اغلقت وعادت صالات الأفراح والمناسبات وعاد العمال الى الداخل .. هذه الفئة التي كنا من البداية نتخوف من نقلهم الفيروس ونشره بيننا لكن للأسف تبين ان الغالبية العُظمى من الاصابات التي سُجلت هي نتيجة المناسبات الاجتماعية والحفلات والاختلاط ، وأصبح يُسجل يومياً بالمئات، حيث أصبحت الاصابات في اليوم الواحد بعدد الذين اصيبوا طيلة الفترة الاولى من الوباء ودائماً كنا ننادي ونُحذرُ من انتشاره لافتقادنا للمستشفيات التي يمكنها من استيعاب هذا العدد الكبير من المصابين وكذلك لأجهزة التنفس الاصطناعي التي يمكن ان يحتاجها قسم كبير من المصابين، الى أن وصلنا الى عدم وعي للمواطن بحجم الخطر ولا اجراءات حكومية من شأنها منع تفشي المرض.
هذا الوضع بحاجة جادة الى وقفة من الجميع حكومة أولاً : عليها أن يكون لها موقف حازم تجاه البنوك التي لم تتوقف عن اجراءاتها بحق عملائها المتضررين نتيجة الوضع القائم وخاصة الموظفين وأصحاب المنشآت الصغيرة الذين فقدوا دخلهم كي لا نزيد من أعباء المواطن كون الوعي وحده لا يمكن أن يعيش عليه الانسان .. فــ وعي بدون مقومات حياة لا يعني شيء وخطوات أيضاً من شأنها جلب الدعم الكافي لإعاشة الناس الذين فقدوا الكثير مما يملكون من أجل تخطي هذه الجائحة بسلام ، وأيضاً الابتعاد عن سياسة الإغلاق الكامل والطويل وخاصة لبعض المنشآت التي اغلقت طويلاً وخسر هذا القطاع خسارة كبيرة.
هذه الاجراءات تخلق فجوة كبيرة بين فئات المجتمع الواحد والمطلوب هنا التعايش مع هذا الفيروس مع فرض اجراءات عقابية بحق كل من يُخالف التعليمات، وتجريم كل شخص تسبب بنقل العدوى نتيجة استهتاره وعدم الانصياع للحجر المطلوب.
نعم بهذه الاجراءات بإمكاننا أن نتخطى هذه الحالة بأقل الخسائر وبأكثر قدرة على التحمل، وبالتالي يكون الكل مسؤول عن تصرفاته ونتوقف عن إلقاء اللوم لجهة بعينها مع تحمل الحكومة لمسؤوليتها الكاملة من خلال الصلاحيات التي منحها القانون لها من أجل إدارة البلاد بكل الظروف من أجل تخطي هذه المرحلة للانتقال لمرحلة التخلص من الوباء الأكبر الاحتلال الذي مازال يُمارس بحق شعبنا أبشع الممارسات ، وهنا نراهن على قوة شعبنا وحكمة قيادته من أجل الصمود في وجه المخططات الصهيونية لعبور هذه المرحلة بسلام نحو القدس محررة عاصمةً لدولتنا الفلسطينية كاملة السيادة والخالية من كل الأمراض ومن كل مخلفات الاحتلال .

* كاتب وسياسـي / رئيس بلديـة بيتونيا