الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
وكالة معا: رئيس هيئة المعابر نظمي مهنا في طريقه إلى معبر رفح لمباشرة تشغيل المعبر

سلامَتُكم بأيديكُم فقط، والعاقل من اتعظَّ بغيره اليوم.

نشر بتاريخ: 20/07/2020 ( آخر تحديث: 20/07/2020 الساعة: 12:58 )

الكاتب: أ.صخر سالم المحاريق

منذ بداية أزمة كورونا؛ والمعروفة بالاسم العلمي (كوفيد -19)، في مهدها الصين، ثم إلى أن ترعرعت لتعم العالم بأسره، والناس في هستيريا من أمرهم، بين قلقٍ، وحذرٍ، ومستهترٍ. وأما الحكومات فلسّان حالها يقول: "الرهان اليوم هو رهان وعّيٍ وثقافة إلتزام، لا رهان مُقدرات وإمكانيات فحسب"، وأما نتيجة الاستهتار! فعزاءٌ لا تُجدي به حسرة أو نَدامَة.

إليك عزيزي القارئ الكريم؛ جُملة من الحقائق حول هذا المرض، قد تعرفها وقد تجهلها، وقد تكون تكررت مراراً على مسامعك في مواطن كثيرة، مقتنع بها أو غير مقتنع وهي:

· الحقيقةُ الأولى: والتي تُفيد بأن الفيروس: هو وباء عالمي قد أصاب العالم أجمع في مقتل، فهو لا يَخُصُ دولة بعينها، لنقول بأنه مؤامرة على الإسلام، والمسلمين، والعرب، وفلسطين، والقدس ... وغيرها.

· الحقيقةُ الثانية: إذا كان المرض قد أزهق حياة أكثر من (600) ألف إنسان حول العالم، وأصاب مئات الملايين منهم ولا زال ..، وكانوا جميعاً مُدركين حقيقية المرض وأثره، وصِدقيةِ أعراضهِ، ومُحذرين منه ومن خطورته القاتلة، أليس هذا بالأمر الكافي ليقتنع به كُل مُستهتر، وغير مُبالٍ بنفسه وبالآخرين.

· الحقيقةُ الثالثة: هَبّ أن المرض يُصيب كبار السن فقط، إضافة إلى أصحاب الأمراض المُزمنة، والشباب في معزل منه، ألَيْسَ هذا بكافٍ؟ ليكون لدينا المزيد من الوعي وثقافة الالتزام، وبين ظهراننا في كُلِ بيت فلسطيني مريض (بالضغط أو السكري أو الكلى أو السرطان ...)، فهل من مُدَّكِرٍ؟؟

· الحقيقةُ الرابعة: أما بخصوص الدور الحُكومي في مواجهة الأزمة، وما يتعرض له هذا الدور من انتقاد، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عن ذلك الدَّور، فهو يُحترم ويُجل، ولكنني أقارن الحقائق والشواهد بمثلها، وأتساءل؟ بالقول: بالله عليكم آتوني بحكومة في العالم من غربه إلى شرقه، ومن شماله إلا جنوبه، قامت بإجراء احترازي غير الذي قامت به الحُكومة الفلسطينية من (توعية، ومُناشدات، وتباعد مكاني واجتماعي، ومنع للحركة بشكلٍ جزئيٍ أو كلي، ومُتابعات ميدانية، وإجراءات وبروتوكولات صحية وأمنية ...)، إذا كانت الصين بعظمتها وهي بؤرة انتشار الوباء اتخذت نفس الإجراءات، وألمانيا أُم العلوم، والولايات المتحدة كذلك، فماذا نطلب نحن زيادة على الفعل ؟!؟

· الحقيقةُ الخامسة: إن جميع الدول راهنت على وَعّي مواطنيها، عبر "الالتزام" بما يصدر عن الجهات المُختصة من تعليمات، وإرشادات وقائية، أضعاف رهانها بكثير على إمكانيات تملكها صحيةٍ كانت أو مالية، فالجميع أمام المرض سواء، والعجز في الإمكانيات عند الجميع، ذلك أن المرض سُرعان ما انتشر، ولم يكن بالحسبان، ولا زال مجهول الهُوية واللقاح حتى اللحظة.

· الحقيقةُ السادسة: أن هنالك جيش أبيض وآخر أخضر من كوادر طبيةٍ وأمنية، سهرت عيونهم الليالي الطوال، لتناموا أنتم قريري الأعين، أُصيب منهم الكثير وأهليهم مرغمين غير راغبين، لكي لا تصابوا أنتم وأحبتكم، لم يرَّ الكثير منهم أحبته منذ زمن، فكونوا لهم العون والمدد بعدم الاستهتار، لينالوا حقهم بالراحة مثلكم، فلمثلهم تُرفع القُبعات عالياً، وتنحني الهامات اليوم.

يا جماهير شعبنا الفلسطيني الأبي، والعظيم بمسراه وأسراه، بأبطاله وشهدائه، بنسائه ورجاله، بصبيته وشبابه، اجعلوا الرهان عليكم اليوم، بقوله تعالى في محكم تنزيله "قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"، فالأمر جد خطير، والتوكل على الله بالأخذ بالأسباب والإيمان بقضائه والذي لا يُرد، هو الوعّي بعينه في مواجهة كل شيء، وهذا الشيء (الوباء) أيضاً.

يا من أنتم قلقون على مال ورزق، أليس الله هو الرازق والمُتكفل، وما سعينا إلا بأمره وما شاء وحده، وكل نفس ستستوفي أجلها ورزقها، والصحة رزق أيضاً فحافظوا عليها بالتزامكم، يا من أنتم قلقون على يوم زفافكم، وتخرجكم، وفرحتكم، ولقاء أصدقائكم وأحبتكم، إن كان هو مكتوب لك، ستأخذه ولو اجتمعت أمراض الدنيا كلها في وجهك، يا من أنت بمستهتر كفاك استهتاراً وحسبك قوله تعالى: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ"، فإن في الاستهتار مهلكة وقتل لنفسك ولغيرك، وفي الالتزام إحسان أيضاً لك ولغيرك " وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، فاليوم الرهان عليكم في بقاءِ أحبتكم بأمر الله، وإحسانكم إليهم بالحفاظ عليهم سالمين مُعافين.

وفي الختام أقول: يا نارُ كوني برداً وسلاماً على شعبنا الفلسطيني العظيم من هذا المرض والوباء، كوني برداً بأمر الله، وسلاماً بوعّي أبناء شعبنا المُتوكلين في عزمهم، المُحسنين في فِعلهم، المُحتسبين في أجرهم على الله، فسلامتكم بأيديكم فقط، والعاقل من اتعظ بغيره اليوم.