الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

لكي لا يتعمق خطاب الكراهية العربي الفلسطيني

نشر بتاريخ: 19/08/2020 ( آخر تحديث: 19/08/2020 الساعة: 13:05 )

الكاتب: ناصر دمج


مما لا شك فيه أن الخطوة الإماراتية أدخلتنا في وضع سياسي سيتسم بالتعقيد الشديد، لأنها تجسد توجه سياسي جديد لمجموعة من الدول العربية الكبرى والمؤثرة؛ والمحيطة بفلسطين من الجهات الأربعة تقريباً، وهذا يعني بأن الحالة تتطلب جراحة سياسية خاصة، للنجاة من هذا الجحيم والخروج منه بأقل الخسائر.

أخذين بعين الاعتبار أن الموقف الفلسطيني المندد بالإعلان الثلاثي لن يغيير الواقع ولن يؤثر فيه قيد إنمله، حتى لو تغيرت الإدارة الجمهورية في البيت الأبيض، لأن الديمقرطيون سيكملون العمل بما أنتهى إليه الجمهوريون.

وهو أمر بشر به الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية "عمرو موسى"، بدعوته للدول العربية التي من المحتمل أن تحذو حذو الإمارات؛ حيث قال: "على تلك الدول أن تفهم بأن الضم قد عولج في الاتفاق مع الإمارات، وعليهم إن أقدموا على التطبيع أن يكون المقابل مختلفا لصالح الفلسطينيين ويحقق لهم مكاسب مضافة"، وهذا يعني بأن مصر الرسمية على دراية وعلم تام بما حدث وسيحدث مستقبلاً، وقررت تقديم الرعاية والدعم لكل من يريد أن يطبع علاقاته بإسرائيل.

يستفاد من ذلك، أن القيادة الفلسطينية بحاجة لابتكار طرق جديدة تساعدها في فكك الخناق الذي يحيط بها، عبر الإبقاء على حرارة العلاقة مع الشعوب العربية على حالها، أخذين بعين الاعتبار أن تلك الشعوب لم تستشر بكل ما يقوم به الحكام.


وهذا يعني، عدم السماح للخطاب الشعبوي الفلسطيني بتصدر المشهد الإعلامي الفلسطيني، لأن المساس والتطاول والتنمر على الإمارت دون التفريق بين حكامها وشعبها، سيكون له مردود سلبي ليس أقله بلورة خطاب شعبوي إمارتي وخليجي مضاد ومطالب بترحيل الفلسطينيين من الإمارات؛ وهي دعوة إن تجسدت لا سمح الله سيكون لها أصداء متطابقة في (البحرين وعمان والسعودية).

وهو تطور مدمر لن تتمكن الحكومة الفلسطينية من معالجة آثاره الاجتماعية والاقتصادية، في تكرار غير مبرر لما حصل مع شعبنا في الكويت، بعد احتلالها من قبل الجيش العراقي.

ومن المؤشرات الدالة على نمو هذا الخطر الدعوات التي يطلقها غوغاء ونشطاء خليجيون، من قبيل (يا غريب خليك أديب)، وهو أمر مرشح لإنتاج خطاب كراهية بغيض لن تكون الغلبة فيه لنا بأي حال من الأحوال؛ وسيسجل للقيادة الفلسطينية كل الفضل فيما لو كبحت جماح إزدهار هذا الخطاب في الشارع الفلسطيني.

من خلال تعديل الخطاب العام الذي يجب أن يركز على محاسن الشعب الإماراتي، خلال فترة المغفور له "الشيخ زايد" رحمه الله، وقبلها وبعدها، ومواقف باقي شيوخ الإمارات الذين يرفضون ما يقوم به "محمد بن زايد" مثل الشيخ "سلطان القاسمي" حاكم الشارقة الذي افتتح بنفسه معرض المنتج الفني والثقافي للأسرى الفلسطينيين في الشارقة عام 2010م، والشيخ "حميد بن راشد النعيمي" حاكم عجمان، الذي سمى ابنه البكر "عمار" حباً وتقديراً منه لكنية الزعيم الرئيس "ياسر عرفات"، ومؤسس هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية التي أعادت إعمار مخيم جنين والبلدة القديمة في نابلس عام 2002م.

ونظراً لدقة المرحلة وحساسيتها فإنه يتوجب على كل من لديه كلمة جامعة، أن يقدم النصح الرشيد للسلطة الوطنية، لتجنيبها مزيداً من ويلات الحصار العربي، سيما أنها لا تمتلك أي سبل منتجة للتصدي لما يحاك ضدها وضد الشعب الفلسطيني، فعلى الرغم من براغماتية الرئيس أبو مازن وجنحه الدائم للسلام، إلا إن ذلك لم يرق للإسرائيليين ولا للحزب الجمهوري الأمريكي، وهذا يعني إنهم يطالبون بالمزيد من الرضوخ الفلسطيني.

حيث أتضح بجلاء شديد فهم اليمين الإسرائيلي والأمريكي للسلام مع الخصوم، وهو ما جسده النموذج الإمارتي، أي إنهم يريدون سلام يستفيدون منه لوحدهم دون خصومهم، لذلك من المناسب للشعب الفلسطيني وقيادته إستخدام الرصيد الجماهيري المتوفر لديهم، وأقصد هنا الشعوب العربية وفي مقدمتها شعب الإمارات الشقيق.

وهذا يتطلب الرد (إعلامياً وسياسياً) بفصل وتفريق تامين بين الشعوب والنظم الحاكمة، وعدم الخلط بينهما، وهذا تدبير سيأتي بنتائج إيجابية مؤكدة في ضوء تلمس الشعوب العربية للخسارة من سلام حكامهم مع إسرائيل.

التوصية

1- أقترح أن يقوم الإعلام الرسمي الفلسطيني، ببث برامج تركز على محطات التعاون المشرقة بين الشعبين الفلسطيني والإماراتي.

2- وإجراء مقابلات مع شخصيات لها تجارب مع شعب الإمارات تركز على الإيجابي والمضيء في تجربة الإخوة الإماراتية الفلسطينية.

3- الدعوة لتحريم إحراق علم دولة الإمارات، أو شتم الشعب الإماراتي أو أي شعب عربي غيره، أو الإساءة والتطاول على الموروث الثقافي والاجتماعي والفلكلوري للشعب الإماراتي.

4- إبراز الفرق بين طغمة الشيوخ الحاكمة حالياً والشعب الإماراتي المحب لفلسطين.

هذا الخطاب من شأنه أن يبلبل حكام الإمارت، ويحد من تأييد الشعب الإمارتي لهم، وكذا شعوب الخليج العربي، غير مقللين من تأثير المؤيدين من الشعوب نفسها لخطوات حكامهم.

ويمكن اعتبار افتتاح المهرجان الذي نظم في مدينة نابلس بتاريخ 15 آب 2020م، للتنديد بالاتفاق الثلاثي بعزف النشيدين الوطنيين الفلسطيني والإماراتي، ورفع صورة المغفور له "الشيخ زايد" والعلم الإماراتي، خطوة مهمة وتعبر عن نضج قومي يستحق التقدير، وتدل على أن الشعب الفلسطيني متمسك بعمقة القومي، الذي تجسده الجماهير العربية، على أن يكون هذا التدبير جزءاً من عملية تعريف وتبصير قومية بما تمثله الشعوب وما تمثله الأنظمة المستبدة.