الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

اتفاق العار والمذلة

نشر بتاريخ: 19/08/2020 ( آخر تحديث: 19/08/2020 الساعة: 17:29 )

الكاتب: السفير حكمت عجوري

على الرغم من ردة الفعل الفلسطينيه الرسميه والشعبيه التي ما زالت مستمره وبنفس الوتيره من الرفض والاستنكار للاتفاق الاماراتي الاسرائيلي الا ان ذلك لا يعني ان هذا الاتفاق الذي ينص على تبادل العلاقات وتطبيعها بين دولة الامارات ودولة الكيان الصهيوني العنصري كان مفاجئا لنا اوغير متوقع بل وعلى العكس فقد جاء متاخرا ربما بعمر مقاطعة الامارات لفلسطين وسلطتها منذ اكثر من ست سنوات عندما تم ترجمة ذلك بالطلب من سفارات الامارات مقاطعة السفارات الفلسطينيه وكان قد لحق ذلك زيارات سرية لا بد وان تكون القياده الفلسطينيه على علم بها قام بها النتن ياهو الى ابوظبي.

كما ان مشاركة سفير الامارات في اميركا في حفل ذبح القضيه الفلسطينيه على يد ترمب في البيت الابيض عندما اعلن عن ما سمي زورا بصفقة القرن وما تلا ذلك من افتتاح لخط الطيران بين ابوظبي وتل ابيب بحجة ارسال مساعدات للفلسطينيين تماما كما حصل تبريرا للاتفاق المذكور انه جاء من اجل الصالح الفلسطيني الامر الذي كذبه في حينه النتن ياهو واعلامه بسبب ان النتن ياهو لم يعد يقبل بعلاقات مع اي دوله عربيه تحت اي مسمى غير الذي يريده هو كونه هو من يكتب ويحدد شروط هذه العلاقه واساسها كما ورد في الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي والذي يفيد ضمنا بان ثروة الامارات ستذهب لبني صهيون مقابل حماية عرش بن زايد الحاكم بامر الله الاماراتي من عدو وهمي.

ما ذكرناه لا يلغي حقيقة ان توقيع هذا الاتفاق من قبل حاكم الامارات ينم عن جرأه منه وهو الحاكم الفعلي للامارات والتي تعادل جرأة انتحار سياسي كون الاتفاق يعتبر تحدي سافر للمباديء العربيه الاصيله التي ساهم في صياغتها والى حد كبير والده مؤسس دولة الامارات المرحوم والمغفور له باذن الله الشيخ زايد، هذه المباديء استمدها المرحوم من عادات وتقاليد متوارثه و تعود اساسا الى الاصاله العربيه التي زادها الاسلام تهذيبا وحولها الى قيم يتشارك فيها كل العرب من المحيط الى الخليج وربما تميزهم باصالتها عن باقي الامم.

كم تمنيت كما غيري من الذين تربوا ونشأوا على ما ذكرته من اصاله وقيم عربيه واسلاميه ، لو ان هذا الاتفاق بين حاكم الامارات والنتن ياهو جاء فعلا ثمنا لوقف ضم الاراضي الفلسطينيه من قبل اسرائيل او كما زُعِم تحصينا لحل الدولتين الذي الغته اسرائيل القوه القائمه بالاحتلال قولا وفعلا وممارسه او على الاقل محاولة من هذا الحاكم العربي لاستكشاف الوجه المخادع للحركه الصهيونيه الكارهه اساسا للعرب بشكل عام وربما محاولة لاستكشاف خداع وكذب النتن ياهو بشكل خاص الذي اعلن في اكثر من مناسبه بعدم السماح بقيام دوله فلسطينيه او بما اقترفه هذا النتن هو واقرانه واسلافه من جرائم ومذابح بحق العرب وليس الفلسطينيين فقط والتي ما زال معظمنا شاهد عليها ونذكر منها مثلا لا حصرا مذبحة مدرسة بحر البقر في محافظة الشرقيه في مصر في ابريل سنة 1970 ومجازر قانا في لبنان في سنتي 1996 و2006 اما المجازر في فلسطين فهي بحاجه الى موسوعه حيث ان ما حدث ما بين النكبه سنة 1948 والى يومنا هذا عشرات المجازر مرورا بمذبحة 1953 وصبرا وشاتيلا 1982 وبقية المجازر بحق الفسطينيين وهي المذكوره بتفاصيلها في كل مرجع له علاقة بالصراع العربي الاسرائيلي.

هذا التمني من قبلي سرعان ما تلاشى وبكل وضوح في تصريحات المسؤولين الصهاينه وعلى راسهم النتن ياهو الذي صاغ الاتفاق واملى كل شروطه تحت عنوان "سلام مقابل سلام" وكأن مسلسل الحروب وشلالات الدم لم تتوقف بين تل ابيب والامارات الا بعد هذا الاتفاق المذكور.

الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي وللاسف سيكون بداية لعهد جديد في المنطقه ، عهد يتم فيه تبادل الادوار ما بين اميركا واسرائيل بحيث تتسلم فيه اسرائيل دور شرطي المنطقه العربيه بشكل علني ولكن من خلال التطبيع مع حكامها فقط بعد ان تم ازالة كل المعوقات لذلك وبعد ان تم التاكد من خلال التجربه المصريه والاردنيه من استحالة التطبيع الصهيوني مع الشعوب العربيه ولكن تبقى المراهنه على اختزال كل الدول المعنيه بشخوص حكامها الذين ونتيجة لهذا الاختزال اصبحوا لا يخشون احد عدوا وجوديا غير شعوبهم.

ايدي كوهين احد الابواق الصهيونيه الذي اشتهر على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يقود حرب نفسيه ضد الشعوب العربيه يقول، "اسرائيل تعقد اتفاقيات مع ولاة امركم غصبن عنكم". وكان قد سبقه من هو اكثر ثقة منه وهو آفي ليبكن مؤلف كتاب العودة الى مكه.

من ذلك يبدو وبفضل البعض من ولاة امر شعوبنا العربيه ان الطريق اصبحت سالكه لاسرائيل القوة القائمه باحتلال فلسطين بكل مقدساتها الاسلاميه والمسيحيه من اجل تحقيق الحلم الصهيوني باقامة اسرائيل الكبرى من الفرات الى النيل وبدون اراقة دماء كيف لا واسرائيل تتولى امر حماية العرب وهذا يذكرنا بفلسفة الراعي الذي يحمي الغنم من الذئب من اجل ان ياكلها الراعي فيما بعد.

طبعا كفلسطينيين ما يهمنا هو التاكيد على اننا الاصحاب الشرعيين للارض التي بارك لنا الله فيها وحولها شاء من شاء وابى من ابى ونحن لم نختار ما نحن فيه ولا ما نحن عليه حتى وان كان بعض العرب سببا في نكباتنا ومع ذلك فصمودنا على هذه الارض هو اراده الهيه لنكون المرابطين على ارض انبيائه ولن نحيد عن هذا الدور لاننا لسنا مخيرين في ذلك وعليه فنحن على ثقة بان الله معنا ولا اعتقد ان هناك قوة في الكون قادره على ان تغلب من كان الله معه ولكن انتمائنا العربي الذي اصبح دورنا فيه كام الولد يضطرنا لتكرار ما قلناه وحذرنا منه ونقوله لكل شعوبنا العربيه ولاي حاكم عربي عمى الله بصيرته بان لا ذئب يتربص بالعرب غير اسرائيل الكيان العنصري الذي زرع في قلب الوطن العربي خدمة لمصالح هي بالقطع غير عربيه ونقول ذلك ليس من باب الوصايه على اي عربي ولكنه الانتماء كما ذكرت والذي بسببه يبدو اننا بلغنا سن الرشد مبكرين ولا نريد لاي عربي ان يعاني مما عانينا منه على يد عدونا الصهيوني المشترك الذي ما زال العرب اوبعضهم لا يرو فيه كذلك .

ختاما لا انكر بان الاتفاق الاماراتي الاسرائيلي جاء بمثابة طعنه في ظهر القضيه الفلسطينيه ولكنها الطعنه التي لا تقتل بل تقوي وهذه ليست الطعنه الاولى التي تعرضت لها قضية شعب الجبارين الذي وعدهم الله بالنصر كونهم وكما اسلفت لم يختاروا ماهم به وما هم عليه وانما الله سبحانه وتعالى هو الذي اختارهم واختار لهم ان يكونوا مرابطين في هذه الارض الى يوم الدين ولكن ومع ذلك نعترف بان وجع طعنة ذوي القربى اكثر ايلاما كونها تبقى محفورة في الذاكرة وعليه نقول انه يكفي الفلسطينيين طعنا من عزوتهم وذوي قرباهم خصوصا وان الفلسطينيين ما زالوا وسيبقوا راس الحربة في مواجهة عدو كل العرب .