الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

وقع المحظور فانهارت المبادئ

نشر بتاريخ: 26/08/2020 ( آخر تحديث: 26/08/2020 الساعة: 18:06 )

الكاتب: الأسير أسامة الأشقر

كان هذا متوقعاً منذ زمن فالأرضية قد هيئت والاستعدادات أجريت على أعلى المستويات والترتيبات تم إنجازها بأدق التفاصيل، كانت كل الدلائل تؤكد الوصول إلى هذه النقطة فالتصريحات الإعلامية والزيارات السرية والعلنية والتعاون الأمني وشراء المنظومات التكنولوجية الأمنية المتطورة من إسرائيل وزيارة الوفود الرياضية إضافةً إلى لقاءات السفراء السرية والعلنية في واشنطن، كلها كانت دلائل ناطقة لا مجال فيها للشك ومن كان يعتقد بغير ذلك أو أنه قد تفاجأ من الخطوة فهو لا يعلم شيئاً عن الواقع الجديد الذي هيئ له جيداً وبعناية فائقة وبإشراف خبراء العلاقات العامة والإعلان والأخصائيين الاحترافيين في الهندسة البشرية الذين واصلوا الليل بالنهار لإنجاز المهمة المقدسة بالنسبة للصهيونية العالمية التي من أهم أهدافها الإستراتيجية سيطرة إسرائيل على المنطقة العربية بالكامل ليس من خلال الجيوش والاحتلال فقط بل من خلال السيطرة الأمنية والتكنولوجية والاقتصادية وهذا ما يحدث فعلاً.

فما قامت به الإمارات من اتفاق مع إسرائيل فتح الباب على مصراعيه لإنجاز المهمة الأقدس أمام هذا المشروع المدعوم من قوى الاستعمار العالمي وهذا بالضبط هو الهدف الأسمى بالنسبة لإسرائيل الدولة التي عملت لسنوات طويلة على استجلاب المواقف العربية لحضنها...

وذلك بهدف جعل وجودها على أرض الشعب العربي الفلسطيني وجوداً قانونياً وطبيعياً فتصبح فيما بعد البوابة والممر الذي يربط دول العالم وخاصة الكبرى منها بالدول العربية، هذه الإستراتجية التي نجحت على ما يبدو فمواقف الدول العربية المنقلبة على ذاتها ومبادئها تؤكد ذلك فالاتفاق بين الإمارات وإسرائيل هو تجاوز لكل المبادئ الأخلاقية والإنسانية والقومية التي حافظ عليها كل قادة الدول العربية سابقاً على الرغم من خلافاتهم وتبايناتهم التي وصلت حد الاقتتال إلا أن القضية الفلسطينية كانت على الدوام نقطة الالتقاء والاتفاق الوحيدة والقضية التي يجرم المساس بها هذا المساس بها من أي طرف كان.

هذا المساس الذي أصبح واقعاً الآن فإسرائيل تعلن بالصوت المرتفع أنها استطاعت اختراق الموقف العربي من خلال هذا الاتفاق واتفاقات أخرى قادمة بينها وبين البحرين وعُمان والسودان حتى يصل الأمر في النهاية للمملكة السعودية، هذه الاتفاقات التي تتجاوز كل ما تعارف عليه العالم العربي من مبادئ أساسية ارتكزت على مفهوم التضامن العربي مقابل عدوانية إسرائيل المتواصلة على الأراضي والشعوب العربية، هذا الواقع الجديد يجب أن نتعامل معه بعقلية وإستراتجية أيضاً جديدة مختلفة فمعالجة قضايانا بنفس العقلية التي اعتدنا عليها منذ عشرات السنوات لن يحدث الاختراق المطلوب فما نحن بحاجة له الآن هو تفعيل كامل الطاقات والإمكانيات الفلسطينية الكاملة والقادرة على إحداث الفارق فالفلسطينيين متواجدون بكل أنحاء العالم وهم وحدهم القادرون على فرض معادلة المصالح مقابل المصالح فالعالم الحديث لا يفهم لغة المبادئ لذا علينا خلق جسم فلسطيني سياسي اقتصادي تكنولوجي ثقافي موحد يستطيع خلق تحالفات عالمية قادرة على الحفاظ على حق الشعب العربي الفلسطيني الثابت في أرضه.