الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

النساء والابداع .. قصص ملهمه

نشر بتاريخ: 30/08/2020 ( آخر تحديث: 30/08/2020 الساعة: 15:03 )

الكاتب: رولا سلامه

تحية عطره للواتي زرعن الحلم وروينه فنضج وأصبح جبل المحامل ، تحية لكل اللواتي أرضعننا حب الوطن ممزوجا بالكرامة والتحدي ، وألف تحية لمن تحدين الصعاب وحفرن بالصخر اسما لهن وتاريخا يدرس بالمدارس للأجيال .

ان الحديث عن ألأمل دوما مرتبط بالمرأه ، بالنساء والصبايا ، هن من قررن أن لا مستحيل مع الحياة ، فانتشرن يطرقن باب العمل أحيانا ، وباب التجارة أحيانا اخرى ، وبينهما تجد من تحفر بالصخر بيتا لها وتنبت زرعا يحمل بين أضلاعه عشق وعنفوان الوطن ، قصص كثيرة بتنا نسمعها هذه الأيام واعتدنا على سماع مثيلاتها منذ سنوات ، نساء قررن أن يغيرن واقعهن بأيديهن ، بدأن مشوار الكفاح ليشقوا مستقبلهن ومستقبل اسرهن فاستطعن أن يتفوقن في مجالات كثيره ، قصص سمعناها فأدهشتنا ، نجحن بسواعدهن وعقولهن ، فهذه ام أحمد فكرت بما لديها من مهارات لتستفيد منها وتفيد غيرها من نساء الحي ، فانطلقت تشتري القماش والخيطان لتنسج ما اعتادت عليه جداتنا من ملابس تراثية ولكن بنكهة حديثة وألوان زيت وزيتون البلاد وزهر الليمون وتراب الأرض ، فنسجت يداها وأيادي النسوة حولها ما ميزها وميز انتاجها وجعل العيون تحدق بجمال ما صنعن ، فالأثواب بألوانها المتعدده وتصاميمها الحديثه القديمة والتي تمزج بين عراقة الماضي وأصالته وألوانه المميزه ورسوماته التي ترتبط بحياتنا وقرانا ومدننا ومخيماتنا قديما ، وما بين حداثة القصات وعصرية الألوان ، هذا اضافة لموديلات وقصات تليق بالفتاة العصرية العملية وما يتماشى مع اختلاف أشكال اللباس في وقتنا الحاضر ، فنجد كل ما تحتاج له الفتاة سواء كانت طالبه جامعية أو موظفة أو حتى عامله، فنجد عشرات الموديلات وكل الاحتياجات التي تلزمنا من ملابس واكسسوارات ، فتبدع أم أحمد وزميلاتها ، لتفاجىء الجميع بما عرضته في يومها الموعود ، فبيع كل ما أنتجنه النسوة من مطرزات وملابس ومعلقات واكسسوارات ، لتقرر بعد ذلك اليوم أن المشروع قد ولد وأنها مع النسوة سيبدأن مشروعا كبيرا في كل المحافظات ، فعرضن المشروع على بعض المؤسسات التي تمول المشاريع الناشئة فأبدت المؤسسة اعجابها بما رأته وقررت أن تمنحهن مبلغا ليس بالبسيط ليبدأن مشروعهن ، واليوم أصبح هذا المشروع يعيل حوالي خمسة عشر اسرة في محافظة بيت لحم ويعرض انتاجه في كل المعارض ، وبدأ يكبر يوما بعد يوم الى أن وصل الى يومنا هذا حيث يشتري انتاجه العديد من سيدات المجتمع ورجال المال والأعمال لجودته أولا وتميزه ثانيا وثالثا لدعم النساء في مشاريعهن ليستطعن دعم أنفسهن واسرهن .

قصة نجاح اخرى استوقفتني وأنا أسمع لهذه المبادرات النسوية الخلاقة ، قصة ام أيمن وهي سيدة بدأت مشوار حياتها العملي بعد أن كبر أولادها تقريبا وأصبحوا في الصفوف الثانوية وأصبحت تجد الوقت الكافي لتدير أعمالها وتشرف على مشروعها ، فمشروعها بدأ بالتحاقها بدورة تدريبية للرسم على الزجاج ثم الرسم على الشمع وتجهيزه للمناسبات المختلفه ، وأصبح الجميع ممن تعاملوا معها ينصحون غيرهم بالشراء منها والتعامل معها ، فتمزت أعمالها عن غيرها من النسوة اللواتي التحقن في نفس الدورة الا أن شغفها الشديد بهذا النوع من المنتج جعلها تبتدع أشكالا وألوانا مختلفه ، وما أن تنهي المجموعة لتبدأ بصنع مجموعة اخرى مختلفة ، مختلفه بألونها وشكلها وحجمها وسعرها ، أصبحت ذات شهره واسعه يطلب منها في العديد من المناسبات أن تجهز الكميات من الهدايا المختلفه لتوزع على المحتفلين جميعا ، واستطاعت بجهدها وعرق جبينها أن تعلم ثلاثة من الأبناء في الجامعات وتصرف عليهم وتساعد زوجها بمصاريف العلاج المختلفه .

اننا سقنا لكم هذه الأمثله البسيطه لنقول من جديد كما تعودنا أن نقول ، لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس ،اننا جميعا علينا واجبات تتشابه أحيانا وتختلف أحيانا أخرى الا أن العمل وايجاد فرصة للوقوف الى جانب الزوج أو الأخ أو الابن لدعمه ومساندته ومشاكرته ما هي الا سنة من سنن الحياة ،فنحن نعيش سويا ونتقاسم الأدوار سويا ، والان ونحن نمر في هذه الظروف الصعبة وانتشار جائحة كورونا وما أحدثته من تأثير سلبي على الحياة بشكل عام والحياة الاقتصادية بشكل خاص ، فزادت البطاله وشلت الحركة الاقتصادية وزاد الفقر بين الناس .

هذه دعواتنا للأجيال جميعا ونخص بالذكر هنا الفتيات ، أن باب العمل والانطلاق للحياة ليس مقتصرا على الوظيفه التي علينا انتظارها سنوات طويله ، ان باب الرزق والأمل والحياة مفتوح ان أردنا ذلك ، قد لا نجد الوظيفه فنبدأ بمشروعنا الصغير أو هوايتنا المتواضعه ومنها ننطلق للحياة العملية ، فنحن سنبدع ان أحببنا ما نعمل وسننجح ان تحدينا الصعاب، والتركيز بالعمل والانتماء له والتخطيط السليم والاتكال على الله هو سر النجاح ، وان البحث الدائم عن الفرص ومحاولة ايجاد ما يناسبنا فكرا وعقلا وعملا هو التحدي الأكبر لنا جميعا ، فسوق العمل لا ينتظرنا بل علينا أن نسرع لنلتحق به .

الكاتبه : الاعلامية رولا سلامه هي مديرة التواصل الجماهيري والتثقيف في مؤسسة "جست فيجن " ومنتجة أفلام وثائقية ومعدة ومقدمة برنامج فلسطين الخير على فضائية معا . والمدير العام لمؤسسة فلسطين الخير ، المقال من سلسلة مقالات اسبوعية تتحدث عن فيروس كورونا والحياة في زمن كورونا وتأثيره على المجتمع الفلسطيني .