الكاتب: د. إيناس عبّاد العيسى
لعله ليس من السهولة تحديد أيهما أفضل؛ التعليم التقليدي أم التعليم الإلكتروني، فالنتيجة تعتمد على الجهد المبذول لإنجاح عملية التعليم، وهناك ثلاثة عناصر مهمة في عملية التعلم وهي: التغذية الراجعة، والحافز، والتفاعل بمختلف الأشكال. إذ إن توفر هذه العناصر من خلال عملية تصميم التعليم تحدد جودة التعليم بشكل كبير، والتعليم الإلكتروني اختصر بشكل كبير البعد المكاني والزماني، ووفر الوقت والجهد بما يضمن متابعة الطالب والمعلم لكل ما هو جديد، والتفاعل بين أطراف العملية التعليمية سوف يختلف عند توظيف الوسائل والأدوات الإلكترونية بشكل جيد.
أما ما يخص كلفة التعليم الإلكتروني فإن إنتاجه يكلف كثيراً ربما في البداية، ويستخدم بعدها لعدة سنوات مما يجعل تكلفته ليست عالية، وعند تصميمه بشكل جيد فإن الفاعلية الانتاجية المتوقعة منه تزداد بشكل كبير، كما أنه يزيد فرصة التدريب على الدروس، مع إمكانية إعادة التدريب في كل الأوقات المتاحة للطالب أحياناً، فالتعليم الإلكتروني يلبي الكثير من متطلبات العصر الحالي.
خدمات التعليم الإلكتروني
يلبي التعليم الإلكتروني الكثير من الاحتياجات المعاصرة، للمتعلمين العاملين أو المتواجدين في ظروف لا تمكنهم من التنقل لأسباب مختلفة، وإنشاء جيل يعتمد على نفسه ويتقن أسلوب التعلم الذاتي، كما أنه يتيح الفرصة لكبار السن للتعلم وذلك لانشغالهم غالباً، وبالتالي يكون التعليم متوفر لهم في الوقت والمكان الملائمين لهم، بالإضافة لإعداد المتعلمين للتعامل مع التطبيقات المختلفة، ومساعدة النظام التربوي على السعي في تحقيق معايير جديدة للتعلم.
كما يقدم التعليم الإلكتروني عدداً من الخدمات للطلاب ومن أبرزها، القبول والتسجيل في النظم التي تعتمد على التعليم الإلكتروني، مع متابعة الطلاب خلال رحلتهم التعليمية، وتسجيل تقدمهم العلمي وتقوية نقاط ضعفهم، بالإضافة لتحديد الواجبات ومواعيد تسليمها للمعلم، وتوفير البريد الإلكتروني للمعلمين للتواصل معهم عند الحاجة، علاوة على إعداد وتطوير الاختبارات الإلكترونية وتصحيحها وإعطاء النتائج، ثم عمل الجداول الدراسية، وتقييم المقررات الإلكترونية من قبل المعلمين والمتعلمين أو المؤسسة.
دور المعلم
يعتقد البعض أن دور المعلم ينحسر عند استخدامه للتعليم الإلكتروني، ألا أن الحقيقة على العكس من ذلك، فدوره يصبح أكثر صعوبة وتعقيداً، فالتعليم الإلكتروني يحتاج لمعلمين مهرة، متمرسين، ملمون بتكنولوجيا التعليم، وبتطبيقاته على أكمل وجه، متابعين لكافة المستجدات والتطورات، متمكنون من من مادتهم العلمية، وكل ذلك يحتاج إلى عمل دؤوب وعقول فذة.
فدور المعلم لا يقتصر على متابعة الدورات "اونلاين" التي تمكنه من استخدام تطبيقات التعليم الإلكتروني، بل لا بد له من التعرف على فلسفة التعليم الإلكتروني، وأن يكون على القناعة التامة بنجاعة وفاعليه هذا النوع من التعليم، مؤمناً بقوة التغيير، والخروج من دائرة التعليم الكلاسيكي التقليدي.
إن التطور العلمي وما أحدثته الثورات التكنولوجية السريعة والمتلاحقة، جعلت دور المعلم لا يقتصر على كونه مصدراً للمعلومات وحسب، بل تعدى ذلك ليأخذ دور الموجه والمرشد والمتابع لطلابه، مع التركيز على التعلم الذاتي والإنتاج الابداعي من خلال التنويع في استراتيجيات العطاء، وعلى المعلم أن يواكب ما وصلت إليه استراتيجيات التدريس المعاصرة، والحديثة والفعالة، ليتمكن من استخدام أدوات التعليم الإلكتروني، وتقنياته الحديثة بشكل حرفي، وبجودة عالية.
تجربة التعليم الإلكتروني
يتطلب سوق العمل اليوم مستوى عالٍ من المهارات، التي قد لا يتسع التعليم التقليدي لفضائها، كما أصبح من الصعوبة على المعاملين ترك أعمالهم، للحصول على شهادات عليا أو دورات بمساعدتهم في التقدم، فأصبح التعليم الالكتروني البديل الأفضل، الذي سهل على العاملين التقدم، ورفع من مستوياتهم وساهم في تنمية وصقب قدراتهم، وحسن مهاراتهم دون الاضطرار لترك وظائفهم، ناهيك عن صعوبة تكيف العديد من المتعلمين عند انتقالهم إلى منطقة إلى أخرى.
ولا نغفل عن دور التعليم الإلكتروني في استيعاب الأعداد الهائلة من المتعلمين، فمع ازدياد الكثافة السكانية، أصبح من الصعب على المؤسسات استيعاب الأعداد الكبيرة من الطلبة الراغبين في استكمال دراستهم، خاصة مع انخفاض ثمن الحواسيب والتي أصبحت مت
ينطلق تقويم تجربة التعليم الإلكتروني من المعرفة بمفهوم التعليم الإلكتروني لدى القائمين على المدرسة، وتحليله ومعرفة مدى تضمن هذا المفهوم لفلسفة التعليم الإلكتروني واستراتيجيات التعلم المختلفة، أم أنه يتضمن فقط مفهوم الاتصالات أجهزة وأنظمة الاتصالات المختلفة، وعليه لا بد من دراسة البنية التحتية لمعرفة مدى الالتزام بالخطة وتحقيق الأهداف المحددة، وتحديد مدى القدرة على التطوير والتقدم، ودراسة الأدوات والتطبيقات المستخدمة في التعليم الإلكتروني، وتحديد إيجابياتها وسلبياتها مقارنة بغيرها، إضافة إلى تحديد المعيقات التي يمكن أن تواجههم وكيفية التغلب عليها، ومعرفة مدى تأثير التعليم الإلكتروني على طلاب المدرسة، ومعلميها ثقافياً واجتماعياً وسلوكياً، وهل أصبح التعليم أكثر جاذبية؟ بعيداً عن الطرق التقليدية.
كما أن التعليم الإلكتروني لا بد وأن يرفع من مستوى الطلاب التحصيلي، فإذا لم يفعل فهناك سوء في استخدامه، ولا بد من معرفة مدى تأثيره على المتابعة الإدارية، ومساهمته في تسهيل متابعة الأسرة لأبنائها، ومساعدة الطلاب في حل الواجبات المنزلية وعمل الأبحاث، وإذا ما عمل على توفير الوقت والجهد بما يرضي جميع الأطراف التعليمية.
وليكون التعليم الإلكتروني ناجعاً، لا بد من تحديد التوصيات لتحسين التجربة، وتحديد أدوات التقويم المتنوعة، فمنها الإحصائيات التي توفرها النظم والتطبيقات الموجودة في المدرسة إضافة إلى الاستبانات والملاحظة واستمزاج آراء الطلبة والعاملين وغيرهم.
صعوبات تواجه التعليم الإلكتروني
من أكبر تحديات استخدام التعليم الإلكتروني أن تتوفر بيئة تعليمية تؤمن بالتعليم الإلكتروني، وطلاب، ومعلمين ومؤهلين لخوض التجربة، بالإضافة إلى الإهمال الذي يعتري هذا النوع من التعليم، ناهيك عن الناحية المادية للبعض، والعمل على الحفاظ على أمن المعلومات، من التحديات التي تواجه العديد من الذين يريدون التوجه لاستخدام التعليم الإلكتروني.
كما يواجه التعليم الإلكتروني عدداً من الأخطاء؛ كاتخاذ القرار باستخدامه من قبل الهيئة الإدارية فقط، دون الأخد برأي المشاركين والمعنيين باستخدامه، أو عدم وضوح الخطة الموضوعة لتنفيذه، والتي تتضمن أهدافه ووسائله، والميزانية المتاحة لتطبيقه، كذلك التركيز على جدوى العائد المادي له؛ إضافة إلى التقليل من عبء ثقل الحقائب المدرسية للطلاب، وإهمال الجانب الأهم وهو رفع مستوى تحصيل الطلاب وتطوير قدراتهم مهاراتهم.
ومن أخطاء التعليم الإلكتروني أيضاً، التنويع في استخدامه وتطبيقاته المختلفة، دون التأكد من نجاعة استخدام التقنيات المتوافرة، أو عدم إجراء تقويم للتأكد من مدى تحقيق الأهداف المرجوة.
المراجع العربية
الجبالي، حمزة (2016). التعليم الإلكتروني مدخل إلى حوسبة التعليم، عمان، الأردن: دار عالم الثقافة.
عامر، طارق (2018). التعليم والتعليم الإلكتروني، عمان، الأردن: دار اليازوري.
الهمشري، يسرية (2016). تصميم التدريس الإلكتروني: مهاراته وتطبيقاته للعاملين به، القاهرة، مصر: دار الاعتصام.