الجمعة: 31/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

قطار التطبيع العربي المُتجه إلى تل أبيب يمتلئ شيئا فشيئا بالركّاب

نشر بتاريخ: 11/09/2020 ( آخر تحديث: 11/09/2020 الساعة: 23:45 )

الكاتب: السفير منجد صالح

قلنا أن قطار التطبيع العربي المسافر إلى تل أبيب عُبّدت سكته منذ عام 1979 على أثر إتفاق السلام المصري الإسرائيلي وزيارة الرئيس السادات "التاريخية" إلى إسرائيل وإلقائه الخطاب "التاريخي" في الكنيست، البرلمان الإسرائيلي.

حينها "هبّت النار" وقامت الدنيا ولم تقعد من الدول العربية ضد السادات وضد "مصر الفرعونية"، إلى درجة أنّه تمّ نقل مقر جامعة الدول العربية من مقرّها الدائم في القاهرة إلى مقر في تونس العاصمة، حيث تولّى التونسي الشاذلي القليبي أمانتها العامة كأول أمين عام لها من خارج أرض الكنانة وخارج "أمّ الدنيا"، أي في تونس الخضراء.

"ما أشبه الأمس بالغد!!" مقولة لا تنطبق مطلقا على ما دار حينذاك وما يدور الآن في أروقة وقاعات و"كوريدورات" جامعة الدول العربية، التي يرأسها حاليّا أحمد أبو الغيط، وزير خارجية الرئيس حسني مبارك الأسبق.

فبالأمس تكتّل العرب ضد مصر، الشقيقة الكبرى، إنتصارا لفلسطين وللقضية الفلسطينية، وضد السادات في سعيه لعقد صلح مع إسرائيل وإنهاء حالة الحرب والعداء معها، ونقلوا مقرّ الجامعة من القاهرة إلى تونس.

أما اليوم فإن هذه الجامعة العربية بمكوّناتها التي تعرّضت على مدى سنوات لعوامل "النحت والتعرية" وخاصة في عهد الرئيس ترامب، سائق القطار الجديد، الذي يُكوّن ثنائيّا "رائعا" مع نتنياهو، كمسري القطار، عادت وعاندت وأفشلت القرار الفلسطيني، قرار القضية المركزية للأمة العربية، حيال تطبيع دولة الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل وقفزها إلى القطار المأهول المسافر إلى تل أبيب.

لم تهتز شعرة في "بدن" الأمة العربية، الممثلة في جامعة الدول العربية، لما آلت إليه الأمور، وكيف إنقلبت الجامعة مئة وثمانون درجة، من تأييد دائم لفلسطين وقضيتها وقضيتهم المركزية إلى "لكمة تحت الحزام"، ستتبعها لكمات ولكمات.

قبل قليل أعلن الطاووس الأشقر ترامب عن توصّل الصديقان العظيمان إسرائيل ومملكة البحرين إلى إتفاق سلام وإقامة علاقات دبلوماسية على مستوى السفارات، وذلك في غضون شهر بعد الإمارات المتحدة.

وهكذا يقفز راكب عربي جديد، يتمنطق بالدشداشة والحطة والعقال، إلى القطار التطبيعي العربي المسافر إلى تل أبيب، والذي أخذت كراسيه ومقاعده تمتلئ شيئا فشيئا بالركّاب الجدد و"العُتُق".

عندما إعتلى الرئيس ترامب سدّة البيت الأبيض أعلن أنه سيتعامل مع "القضية الفلسطينية" بصورة مختلفة، تختلف عن تعامل من سبقه من رؤساء أمريكيين "لم يُنجزوا شيئا" في هذا الملف.

وجنّد رأس حربة له لتحقيق صفقته، صفقاته، "عتاولة" من الأمريكيين اليهود المتعصبين لإسرائيل، وأكاد أقول متعصّبين وداعمين و"شغّالين" على فكرة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

جوقة متجانسة متناسقة منسجمة مُتراصة مُتحابة في حبّها ودعمها لإسرائيل ولسياساتها التوسعية والعدوانية تجاه الفلسطينيين وتجاه شعوب الأمة العربية جمعاء.

كوشنير وفريدمان وغرينبلات وبومبيّو وبيركوفيتش، هم من يتحكّمون بمفاصل الأوركسترا الترامبية الجهنمية تجاه شعبنا الفلسطيني وقضيّته العادلة وتجاه قضايا الأمة العربية ودولها التي يستفردون بها واحدة واحدة ويوقعونها في شباكهم اللزجة التي لا فكاك منها، حتى بعد أن تقطع "التذكرة السحرية" وتركب في القطار "القرمزي" المسافر إلى تل أبيب.

أمريكا تستخدم مع الدول العربية التي تلهث وراءها سياسة "العصا والجزرة"، العصا الغليظة والجزرة، لكن حتى الجزرة فهي جزرة غليظة ترفعها في وجوههم من أجل إخافتهم وتهديدهم "بكشف طبّاتهم" وكشف المستور والمستتر، وكشف ظهورهم وأسفلها أمام "أعدائهم"!!!

قطار التطبيع العربي تنتظره محطّات قادمة "حبلى" بركاب جُدد، عربا ومسلمين، ينتظرون طوعا أو مجبورين لإمتطاء صهوة القطار والإنضمام إلى الأشقاء والأصدقاء الذين ركبوه في محطات سابقة.

يختلط القديم بالجديد والجديد بالقديم بإنتظار "صفّارة الكمسري" أو صفّارة الكبير، "كبير أوي"، سائق القطار، لإعطائهم التعليمات والإرشادات حول خط سير القطار والمحطات القادمة وضرورة محافظتهم على النظام والترتيب حين نزولهم في المحطة الأخيرة.

قبل الإحتلال الإسرائيلي لفسطين وإغتصابها كان هناك "خط "سكّة حديد قطار الحجاز" الذي كان يربط بعض دول بلاد الشام ومنها فلسطين مع بلاد الحجاز. وإندثر بعد إحتلال الصهاينة لفلسطين وتفسيخ بلاد الشام والمشرق العربي.

أما الآن فإن كافة الدلائل والمعطيات و"الهراوات والجزرات" تُشير بأن خطوطا من سكك الحديد ستقام وتبنى لتربط بين عواصم عربية شتى وتل أبيب، حتى يستمر قطار التطبيع العربي برحلاته "الميمونة" ما بين هذه العواصم العربية وتل أبيب.

كاتب ودبلوماسي فلسطيني